بالرغم من أن الصورة فى سوريا لا تزال غير واضحة المعالم، هناك الكثير من السيولة وغياب للمعلومات الموثقة حول أى اتجاه أو تيار هناك، فإن المفاتيح تبدو أنها موزعة بين أطراف ظاهرة وأخرى غير ظاهرة لكنها تلعب دورا مهما.
بالطبع فإن المفاتيح تتوزع بعضها بين الولايات المتحدة وإسرائيل وإيران وتركيا، ودول عربية وإقليمية تسعى إلى حل لا ينتهى بالتقسيم والتفكيك لسوريا، لكن ما يجرى سوف يحدد مدى قدرة كل طرف على الحركة لضمان تحقيق أهدافه من الأمر، حيث تسعى الدول المجاورة لسوريا إلى ضمان وحدة الأراضى السورية باعتبار ذلك ضمانا لأمنها القومى.
وهناك تساؤلات متعددة مطروحة، من السوريين الذين عاشوا سنوات الصراع والمعاناة بكل تفاصيلها، وهم من يطالبون بالمسارات التى تقود إلى الاستقرار، وما يجرى فى الواقع يبدو بعيدا عن الأخبار أو المعلومات، مع الاعتماد على ما يتم إطلاقه فى مواقع التواصل وبعضه لا يخلو من شائعات أو أكاذيب يصعب التيقن منها أو الاعتماد عليها.
ومن الطبيعى أن تكون هناك تساؤلات، وقلق من أن تدخل الأحداث فى مسارات سبق ورآها الجميع فى العراق لفترة، ثم ليبيا أو اليمن، وهى مسارات ربما لا يكون من السهل التفاؤل بها، لكن الرهان على أن السوريين قطعوا مراحل متنوعة وطويلة من الصراع، تجعلهم حريصين على إنهاء مسار سياسى يقود إلى استقرار، بعد سنوات من الصراع والخسائر.
بالطبع هناك مصير ملايين اللاجئين بالخارج، الذين لا يزال مستقبلهم مرهونا بمدى القدرة على بناء مسار سياسى يسمح بالعودة، وينهى صراعا تجاوز السنوات الـ13، والآن الوضع شديد التعقيد ومتشابك ومتقاطع مع كثير من التفاصيل، وكل تنظيم أو جماعة يتبع جهة بالخارج أو الداخل، ويتطلب الأمر صيغة للتفاهم والتعايش بعيدا عن السيناريوهات الصدامية، بجانب وجود إسرائيل، التى تحركت بشكل عدوانى ودمرت الطيران والموانئ، بمزاعم الدفاع، بينما يعلم الجميع أن الأوضاع لا تسمح بالرد على أى تدخلات أو اعتداءات خارجية، بشكل يبدو أنها كانت مُجهزة لاحتلال أراض وتدمير الموانئ بشكل يمثل خطورة حقيقية وخطوة تضاعف من احتمالات التهجير والحرب الداخلية.
كل هذا يجعل الاتجاه نحو مسار سياسى يتلافى خطر التقسيم مما قد يضاعف تعقيد الصورة مع وجود تدخلات خارجية تحرك أطرافها بالداخل، ويظل الرهان على مسار يسرع من إعادة بناء المؤسسات بشكل يضمن بدء عملية إعمار وطمأنة، بالطبع هناك تصريحات وبيانات من قبل الجهات التى تدير المرحلة الانتقالية، فضلا عن مصير التنظيمات التى كانت تدعم النظام السابق ومدى تواجدها أو قدرتها على العمل أو البقاء، خاصة أن ما يجرى فى سوريا لا ينفصل عما يجرى فى غزة، واستمرار الحرب التى يشنها الاحتلال، بجانب أن ما يجرى فى سوريا غطى إلى حد كبير على تفاصيل ما يجرى فى غزة، ومصير وقف الحرب، وحجم الخسائر يتضاعف، ولا يبدو أن هناك أفقا أو احتمالا أن تتوقف الحرب أو تشهد تحركا قبل أول العام مع تسلم دونالد ترامب للرئاسة رسميا، وانعكاسات ذلك على العلاقة مع إيران وما إذا كانت طرفا فيما تم خلال الأسابيع الأخيرة، وهو ما سيظهر خلال المراحل الأولى من العام، ليتضح ما إذا كانت هناك علاقة بين مصرع الرئيس الإيرانى السابق إبراهيم رئيسى، وما تم مع حزب الله من اختراقات واغتيالات، وهل كانت جزءا من تطورات أدت الى ما جرى فى سوريا، باعتبار أن إضعاف الجبهة الإيرانية أضعف جبهة حزب الله ومعها سوريا، وأبعد طهران عن الصورة، مقابل اتفاقات أو أن الحرب سوف تتواصل فى هذه الجبهة مما يجعل الأمر نتاجا لعملية 7 أكتوبر، وعن تحركات الاحتلال الإسرائيلى لقصف المطارات والموانئ، واحتلال قرى فى الجنوب الغربى،
كل هذه السيناريوهات والمفاتيح، تحسم شكل ومضمون ما يجرى خلال الأسابيع القادمة فى سوريا.