كم من جرائم ارتُكبت ومازالت تُرتكب تحت شعار الخلافة الراشدة التي بشر بها الرسول صلى الله عليه وسلم، وبالطبع لم يكن الرسول يعني تلك المذابح والمجازر التي ارتكبت بزعم إعادة الخلافة التي تكون ختاما لهذه الدنيا، كما ورد بالحديث الشريف الصحيح..
فعن النعمان بن بشير رضي الله عنه أنه قال: كنا قعودا في المسجد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان بشير رجلا يكف حديثه، فجاء أبو ثعلبة الخشني فقال: يا بشير بن سعد أتحفظ حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم في الأمراء، فقال حذيفة: أنا أحفظ خطبته، فجلس أبو ثعلبة فقال حذيفة: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "تكون النبوة فيكم ما شاء الله أن تكون، ثم يرفعها إذا شاء أن يرفعها، ثم تكون خلافة على منهاج النبوة، فتكون ما شاء الله أن تكون، ثم يرفعها إذا شاء الله أن يرفعها، ثم تكون ملكا عاضا، فيكون ما شاء الله أن يكون، ثم يرفعها إذا شاء أن يرفعها، ثم تكون ملكا جبرية، فتكون ما شاء الله أن تكون، ثم يرفعها إذا شاء أن يرفعها، ثم تكون خلافة على منهاج النبوة، ثم سكت، قال حبيب: فلما قام عمر بن عبد العزيز وكان يزيد بن النعمان بن بشير في صحابته، فكتبت إليه بهذا الحديث أذكره إياه، فقلت له: إنى أرجو أن يكون أمير المؤمنين، يعنى عمر بعد الملك العاض والجبرية، فادخل كتابي على عمر بن عبد العزيز فسر به وأعجبه" رواه أحمد.
والحديث حديث حسن، رواه الإمام أحمد بن حنبل وغيره، وقد صححه العراقي، وحسنه الهيثمي والألباني، ولعله الحديث الذي يروج له كل باحث عن حكم لا عن خلافة راشدة وبين الطمع وسوء الفهم أساء الكثيرون لدين الله.. فالإخوان الذين طمعوا في السلطة روجوا لأنفسهم باعتبارهم قد خوطبوا بملك من السماء لإعادة الخلافة، ونسوا وصفها بأنها الراشدة وتلك الراشدة لا يمكن أن تكون على يد أناسٍ لا يعرفون للرشد طريقا ومن ورائهم الدواعش وما تفرع منها لقتل وذبح المسلمين، وهم يزعمون أنهم يعيدون خلافة مفقودة، بل ويطلقون على مجرمهم الخليفة، ومن هنا كان لزاما أن نذكر بالدماء التي أُريقت على ثياب الخلافة الراشدة وهي من كل ذلك براء.
فقد قُتل الخليفة عثمان بأيدي مسلمين يدّعون الثورة، ثم قُتل الخليفة علي بأيدي مسلمين ثم قُتل الحسين سبط رسول الله، وقطعت رأسه بأيدي مسلمين، وقُتل الحسن سبط الرسول مسموماً مغدوراً بأيدي مسلمين.
- وقُتل صحابيان من المبشرين بالجنة وهما "طلحة والزبير" بأيدي مسلمين في (موقعة الجمل).
وقُتل مسلمون بأيدي مسلمين في (موقعة صفين) .
وقُتل مسلمون بأيدي مسلمين في ( موقعة نهروان ) .
وقُتل مسلمون بأيدي مسلمين في معركة كان طرفاها "الحسين" و"يزيد".
وذُبح 73 من عائلة رسول الله بأيدي مسلمين في معركة إخماد ثورة "أهل المدينة" على حكم "الأمويين" غضباً لمقتل الحسين.
وقُتل 700 من المهاجرين والأنصار بيد 12 ألف من قوات الجيش الأموي المسلم في (معركة الحرة).
إنه مسلسل قديم مرعب، ومخيف، لكننا لم نقرأ ونتدبر من التاريخ إلاّ ما أُريد لنا فقط أن نقرأه ونتدبره، لنسير في ركب الحالمين بالخلافة الراشدة التي لم يحضر أهلها أو زمانها بعد والله أعلم بوقتها.
والسؤال الذي يطرح نفسه هو هل نحن جديرون بحالنا هذا لخلافة راشدة.. اللهم لك الأمر من قبل ومن بعد.. والحديث موصول إن كتب الله لنا في العمر بقية.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة