ندرك أن الريادة تعني كل ما يقوم به الإنسان أو المؤسسة من إجراءات وممارسات توصف بالمبادرة، تسهم في إيجاد مكون جديد أو مشروعات جديدة، تقوم على فكر ابتكاري وتنظيمي تُعد إضافة في مجالاتها؛ إذ تحقق احتياجات ورغبات أفراد المجتمع، ومن ثم تلبي متطلبات واحتياجات وتطلعات سوق العمل المحلي والدولي، وفي الحقيقة تعمل الريادة على الربط الوظيفي بين المعرفة وتطبيقاتها؛ إذ إنها حاضنة لترجمة الأفكار إلى أفعال تتسم بالابتكارية وبالمخاطرة في ذات الوقت رغم قيامها على التخطيط المرتبط بأهداف طموحة.
وننظر إلى الابتكار باعتباره بوابة نتاج لأفكار نستطيع من خلالها أن نحصل على منتج يتسم بالحداثة وبه من الخصائص ما يؤهله أن ينافس نظيره بمزايا متفردة في مجملها، ومن ثم نعي أن الابتكار يستهدف تقديم كل ما هو جديد بما يضمن أن نطور أو نوظف المواد الخام وفق فكر جديد يعمل على دعم أسواق عمل جديدة، كما نسلم بأن الابتكار يرتبط بالنشاط البشري الذي يفرز ناتج يُوصف بالجدة والأصالة وقيمته العالية، ومن ثم فعالية أثره في شتى المجالات العلمية والحياتية.
وتتسق رعاية شباب الريادة والابتكار مع الاهتمام بالبحث العلمي؛ لأن فلسفة المؤسسة الجامعية وفي مقدمتها البحثية تهتم بالعمل الممنهج من أجل زيادة الانتاجية المعرفية والفكرية لتعمل بقصد على تنمية الموارد البشرية باعتبارها الداعم الرئيس للتنمية بصورها المختلفة؛ لذا فإن رفع كفاءتها الانتاجية أصبحت ضرورة يقع على عاتقها المشاركة بين المؤسسات البحثية والمؤسسات الانتاجية، وبناء على ذلك نؤكد أن الانتاج البحثي قائم على التعليم من خلال اكتساب الخبرات والإعداد والتأهيل والنشاط البحثي التطبيقي الذي يحقق الجدوى الاقتصادية منه، ويُعد استثمار يعود أثره على المؤسسة التعليمية و الإنتاجية والمجتمع.
وفي إطار الاهتمام بريادة وابتكار الشباب نثمن التعاون بين وزارة التعليم العالي والبحث العلمي، ممثلة في صندوق رعاية المبتكرين والنوابغ وشركة المتحدة للخدمات الإعلامية، بشأن مسابقة "GEN - Z" التي تربط الابتكار بمقدرة الفرد على إيجاد قدر من الأفكار التي تُوصف بالجدية، قد يستمدها الشباب من خبراتهم السابقة أو يستلهمها من الربط الوظيفي بين العلاقات بتنوعاتها وأنشطتها الفنية، أو الفلسفية، أو المنطقية، أو العلمية، بصورة منظمة قد تكون منهجية في بعض الأحيان، وقد تخرج عن المنهجية؛ لكنها مترابطة في مكونها؛ وبناء عليه يتوالد الابتكار من الأفكار التي يتم تحويلها لعمل ملموس، وهذا يؤكد أهمية تشجيع الخيال ودعم المناخ الملائم للابتكار على مستوى الفرد والجماعة.
وبما أن مسابقة أولمبياد الشركات الناشئة تستهدف الطلاب والباحثين بالجامعات والمراكز البحثية الذين لديهم أفكار ابتكارية، ويرغبون في تطويرها إلى نموذج عمل حقيقي، وإنشاء شركة ناشئة؛ فإن صيغ التعليم الجامعي المختلفة تعد أحد أهم أدوات التطوير للذات وللمؤسسات؛ فبواسطتها يتم اكتساب الاتجاهات نحو مهارات العمل الحر من خلال مجموعة المبادئ التي تسهم في تحقيق متطلبات القدرة التنافسية، والتي تلبي احتياجات ومتطلبات سوق العمل، وتساعد في حل مشكلات المجتمع، وتعمل على تحقيق أمنياته الحالية والمستقبلية، وتقوم على المخاطرة وتحمل المسئولية، وتركن إلى مهارات الابتكار، والتطلع إلى كل ما هو جديد يتوافق مع ثقافة المجتمع.
وثمة مزايا للمشاركة في مسابقة "GEN - Z" التليفزيونية، ومنها الحصول على التدريب والتوجيه من رواد الأعمال والمستثمرين ذوي الخبرة، وإتاحة التمويل للشركات الفائزة، والوصول إلى شبكة من المستثمرين وأصحاب الأعمال، وإبراز مجهودات تلك المشروعات إعلاميًّا، وهذا يؤكد أن البحث العلمي قاطرة الابتكار وفق عملية فكرية منظمة، من أجل تقصي الحقائق، وتناول القضايا، والمشكلات المتجددة بمنهجية وعلمية، تهدف إلى إضافة معلومة جديدة وإثراء المعرفة والوصول إلى حيز الابتكارات.
ونشير إلى أن مسابقة "GEN - Z" التليفزيوني تسهم في ترجمة ماهية البحث العلمي حيث ترجمة خطوات البحث ونتائجه إلى منتج عملي، وهنا لا نقف عند حد التنظير، بل نساعد في إيجاد المزيد من المنتجات النهائية التي تؤكد في النهاية أن البحث العلمي يسير في طريق التطور والازدهار من خلال شباب الريادة والابتكار، بما يؤكد في نفوسنا أن البحث العلمي أضحى المقوم الرئيس في تحقيق التنمية الشاملة والمستدامة، على المستويين الوطني والدولي.
وفي هذا السياق نثمن جهود القيادة السياسية التي تحرص دومًا على تقديم الدعم اللازم لتطوير منظومة البحث العلمي بالمؤسسة الجامعية والمراكز البحثية؛ حيث وجهت بتوفير مصادر المعلومات من خلال بنوك المعرفة المتطورة، وأتاحت سهولة اتصال المؤسسات بقواعد البيانات الرقمية، ولا ريب أن ذلك يتأتى من قناعة فخامة الرئيس عبد الفتاح السيسي بأن التطوير في شتى المجالات يقوم على هذه المنظومة المتكاملة التي تقدم الحلول والابتكارات العلمية وفق منهجية مدروسة ومعرفة علمية عميقة تعد حجر الأساس لكافة صور التطوير القائم على معايير الجودة العالمية.. ودي ومحبتي لوطني وللجميع.