عانت الدولة الليبية من خطر انتشار الإرهاب والتطرف خلال السنوات الماضية عقب انتقال قيادات إرهابية تتبع تنظيم القاعدة إلى دول الساحل، وذلك لتشكيل جماعات مسلحة صغيرة فى هذه الدول لاستهداف مصالح ومقدرات الشعوب فى الساحل بشكل عام وليبيا بشكل خاص، وتمكن الجيش الوطنى الليبى من خلال عملياته العسكرية المكثفة جنوبى البلاد من القضاء على عدد كبير من المتطرفين.
وتستنفر السلطات الأمنية والعسكرية الليبية لا سيما بمدن المنطقة الشرقية لملاحقة أى عناصر إرهابية أو متطرفة، وذلك فى ضوء التطورات المتسارعة التى شهدتها سوريا عقب فتح السجون على مصرعيها والإفراج عن مجرمين ومتطرفين دون التدقيق فى هوياتهم من جانب الفصائل المسلحة التى تسيطر على دمشق، وهو ما يثير تخوف السلطات الليبية من تخوف هؤلاء المسلحين إلى البلاد.
ووجهت القيادة العامة للجيش الوطنى الليبى بضرورة ملاحقة المتطرفين والإرهابيين فى أى مدينة ليبية، ووأد أى مخططات للمتطرفين الذين يسعون لإعادة نشاط جماعات الإرهاب فى المدن الليبية انطلاقا من جنوب البلاد خلال الفترة المقبلة.
وتحاول قيادات سياسية وحزبية وقادة ميليشيات فى غرب ليبيا إعادة تشكيل جماعات مسلحة مؤدلجة فى جنوب وغرب البلاد خلال الفترة المقبلة، وذلك فى ضوء الاتصالات والعلاقات التى تربط قادة الجماعة الليبية المقاتلة (فرع تنظيم القاعدة فى ليبيا) مع بعض قادة الفصائل المسلحة التى تسيطر على سوريا.
ودعا مفتى ليبيا المعزول الصادق الغريانى الجماعات المسلحة فى غرب البلاد والمقاتلين الأجانب، لاجتياح مدن المنطقة الشرقية – مناطق سيطرة الجيش الليبى – وتكرار نفس السيناريو الحالى فى دمشق بسيطرة الفصائل المسلحة على مقدرات الدولة السورية بشكل كامل.
وترتبط ليبيا بحدود شاسعة ومترامية وتحتاج إلى المراقبة على مدار الساعة لملاحقة عصابات الجريمة العابرة للحدود والتى تتحالف مع عناصر متطرفة فى جرائم الاتجار بالبشر وتهريب المخدرات والأسلحة فى شمال افريقيا عموما.
وتفرض الأمم المتحدة حظرا على تسليح الجيش الوطنى الليبى الذى يعانى من عدم توافر الأجهزة المتطورة والحديثة القادرة على تمشيط المناطق الحدودية وملاحقة الجماعات المتطرفة التى تحاول الاستفادة من البيئة الراهنة فى ليبيا لإعادة أنشطتها مجددا.
وأكد مراقبون أن الدول الغربية الكبرى انشغلت بالتطورات المتلاحقة لا سيما الأزمة الأوكرانية والتطورات فى سوريا، ما دفع الجماعات المتطرفة للتحرك فى شمال افريقيا ودول الساحل والصحراء للقيام بعملية إعادة تموضع وانتشار فى هذه المناطق ضمن مخططاتهم التخريبية التى تهدف للسيطرة على ثروات ومقدرات الشعوب الأفريقية فى شمال افريقيا.
وأشار مراقبون أن عناصر ينتمون لتنظيم القاعدة الإرهابى ينتشرون فى مناطق متفرقة بشمال افريقيا ويعملون على إعادة أنشطتهم الإرهابية والمتطرفة فى عمليات التهريب والقتل والاتجار بالبشر خلال السنوات المقبلة، والعمل على توفير التمويل اللازم لتدريب وتسليح وضم عناصر جديدة لهذه الجماعات المتشددة.
وتعد ليبيا أحد أبرز الدول التى تعانى من انتشار المرتزقة والمقاتلين الأجانب الذين يحملون جنسيات متعددة أبرزها السورية وكذلك القوات الأجنبية التى لها مناطق نفوذ واسعة فى مدن غرب ليبيا، وتعجز اللجنة العسكرية الليبية "5+5" عن تفعيل مخرجات اجتماعاتها فى جنيف لإخراج هؤلاء أو تنفيذ القرارين الأممين 2570 و2571 اللذين ينصان على ضرورة إخراج المرتزقة والمقاتلين الأجانب والقوات الأجنبية من ليبيا فى أقرب وقت ممكن.
وينتشر عشرات المسلحين السوريين فى غرب ليبيا خلال السنوات الماضية، للمشاركة فى أنشطة وعمليات عسكرية أسندت إليها من سلطة الأمر الواقع المهيمنة على غرب البلاد وكذلك الميليشيات المسلحة المهيمنة على غالبية مدن المنطقة الغربية، والتى تستعين بعناصر أجنبية فى تأمين مناطق نفوذها والتمويلات المالية اللازمة لاستمرارها نشاطها فى غرب البلاد.
وتدرك دول جوار ليبيا خطورة تواجد عناصر أجنبية ومسلحة فى غرب البلاد خلال السنوات الماضية، وهو ما تسبب فى حالة عدم استقرار أمنى وعسكرى وعرقلة إجراء الانتخابات الرئاسية والتشريعية فى البلاد، بالإضافة لعجز الجانب الليبى عن هيكلة مؤسساته الأمنية والعسكرية نتيجة هيمنة الميليشيات المسلحة المتحالفة مع بعض مجموعات المرتزقة المسلحين الذين يحملون الجنسية السورية.