هويدا عزت

"الساعة 6 صباحًا" رحلة نحو النجاح المهنى

الإثنين، 23 ديسمبر 2024 04:12 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

مع أول خُيوط الفجر، تدق الساعة إيذانًا ببدء يوم جديد، وفي تمام الساعة السادسة صباحًا، يبدأ ملايين الأشخاص في العمل، إنها لحظة الانطلاق حيث يتسلح كل فرد بإرادته وعزمه؛ لتحقيق أهدافه، الساعة السادسة صباحًا، ليست مجرد وقت، ولحظة فاصلة بين الليل والنهار، بل تحمل في طياتها العديد من القصص، التي تتجلى فيها قدرة الإنسان على التغلب على التحديات اليومية لتحقيق النجاح وإثبات دوره في بناء المجتمع.

فلا شك أن دوافع الاستيقاظ المُبكر تختلف من شخص لآخر، فما يحفز أحدهم على النهوض مبكرًا قد يختلف تمامًا عما يحفز آخر، هذا الاختلاف في الدوافع يؤدي إلى اختلاف في نهج كل فرد في بداية يومه، مما ينعكس بدوره على إنتاجيته وتركيزه.

فهل أنت من أولئك الذين يستقبلونها بحماس وتطلعات عالية، أم تفضل البقاء تحت الأغطية؟، دوافعنا للاستيقاظ المُبكر تختلف تمامًا، فعلى سبيل المثال نظرتنا إلى العمل، البعض يرى في العمل وسيلة لتحقيق أحلامه وطموحاته، بينما يعتبره البعض الآخر مجرد روتين يومي، هذا الاختلاف يعكس في حقيقة الأمر، اختلافًا أعمق في دوافعنا وأهدافنا في الحياة المهنية.


كما أن هذا الاختلاف في الدوافع يؤثر بشكل كبير على أدائنا ونفسيتنا، خلال اليوم، فالموظف المُتحمس والملتزم بعمله يكون أكثر إنتاجية وإبداعًا، بينما الموظف الذي يشعر بالملل والروتين قد يكون عرضة للأخطاء والتقصير.

هذا التنوع في الدوافع يؤكد الحاجة المُلحة لتبني ثقافة التعلم المستمر في بيئة العمل، من خلال تصميم برامج تدريب مخصصة تلبي احتياجات كل موظف، حيث يمكن لهذه البرامج تحفيز الموظفين على جميع المستويات، فالموظفون الروتينيون يمكنهم اكتساب مهارات جديدة توسع آفاقهم وتزيد من مشاركتهم الفعالة.

بينما يمكن للموظفين المتحمسين صقل مهاراتهم الحالية وتطوير مهارات جديدة، مما يعزز نموهم المهني ويشجعهم على البقاء في المنظمة، وبهذا نحقق هدفين أساسيين في مجال الموارد البشرية هما زيادة الرضا الوظيفي وتحقيق الولاء التنظيمي.

وهذا ما أظهرته الدراسات العلمية في هذا المجال من أن توفير فرص التعلم والتطوير للموظفين يعزز كفاءتهم، ويزيد من ولائهم وإنتاجيتهم، وأن الموظفون الذين يحظون بفرص التعلم والتطوير يشعرون بأنهم أكثر قدرة على الإنجاز، مما يزيد من رضاهم عن العمل ويشجعهم على بذل المزيد من الجهد الذي ينعكس إيجابًا على أدائهم وإنتاجيتهم.

كما أن توفير فرص التطوير للموظفين ليس مجرد خيار، بل هو استثمار ضروري، ويعتبر من الأخطاء الشائعة التي يرتكبها بعض المديرين هي إهمالهم للتطوير المهني للموظفين، ويركزون على إنجاز المهام الحالية فقط، مُتجاهلين أي مُبادرة تطويرية من جانب الموظف، وفي حالة قيام الموظف بأي مُبادرة تطويرية ينظرون إليها باعتبارها مسألة شخصية لا تعود بالفائدة على العمل.

بالإضافة إلى ذلك، أن هؤلاء المديرين يفصلون بين التطوير الشخصي والمهني، مُعتقدين أن أي وقت يستثمره الموظف في تطوير نفسه يأتي على حساب العمل، هذه الأخطاء تؤدي إلى العديد من المشاكل، بما في ذلك انخفاض حماس الموظفين، وتقليل ولائهم، وتدهور أدائهم، وانخفاض رضاهم الوظيفي.

لذا، فإن الرضا الوظيفي والولاء التنظيمي ليسا مجرد مفاهيم نظرية، بل هما أساس بناء مؤسسات قوية وناجحة، ومن خلال فهم دوافع الموظفين وتوفير بيئة عمل محفزة، يمكن للمؤسسات أن تحقق نتائج أفضل وتحافظ على موظفيها المتميزين.

وهذا ما تُظهره شركات التكنولوجيا الرائدة، مثل جوجل ومايكروسوفت، بالتأكيد العملي على أهمية الاستثمار في التطوير المهني؛ فبرنامج "20% من الوقت" في جوجل، على سبيل المثال، والذي سمح للموظفين بتخصيص جزء من وقتهم لمشاريع شخصية، هو مثال حي على كيفية تحفيز الابتكار وتطوير المهارات وبالمثل، تساعد برامج "الأهداف الطموحة" في مايكروسوفت الموظفين على النمو المهني والقيادي، هذه الممارسات تؤكد أن التطوير المهني ليس مجرد ميزة إضافية، بل عنصر أساسي في بناء مؤسسات ناجحة ومرنة.

وعليه، لا بد أن توفر المنظمات بمختلف أنواعها فرصا للتطور المهني لموظفيها، مُعتبرة أن الاستثمار في التعليم المستمر للموظفين، يُمثل استثمارًا في رأس مالها البشري، فمن خلال تطوير مهارات وقدرات الموظفين، تزيد المنظمات من قدرتها على مُواجهة التحديات المتسارعة سواء التكنولوجية أو التسويقية أو التنافسية، وتحقيق الأهداف، هذا بدوره يعزز من ثقة الفرد بنفسه، ويُساهم في تحقيق نتائج أفضل للمنظمة، هذا من جانب المنظمة.

أما من جانب الموظفين، يمكن القول أن رحلتنا التي تبدأ في الصباح الباكر، هي لحظة الانطلاق نحو يوم جديد مليء بالتحديات والفرص، تنتهي هذه الرحلة اليومية، بأن ندرك أن الاستمرارية والمُثابرة هما مفتاح النجاح، وأن طموحنا ونجاحنا يبدأ من داخل أنفسنا أولًا؛ فكما أن شروق الشمس يوميًا هو أمر ثابت، يجب أن يكون لدينا أيضًا إرادة ثابتة لتحقيق أهدافنا.

فلنجعل من شروق الشمس إيذانًا ببدء تحول إيجابي في حياتنا، دعونا نستغل قوة الإرادة والعزيمة التي منحها الله للبشر؛ لتحويل كل ساعة إلى خُطوة نحو تحقيق أهدافنا، ونجعل من أحلامنا واقعًا ملموسًا، وكل تحدٍ إلى فرصة للنجاح.







مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة