سيادة اللغة فرض عين على الجميع، لأن فقدان السيادة اللغوية تهديد للهوية وتنازل عن الماضى بدعوى التقدم والتحضر والوجاهة والمواكبة والحداثة، والتذرع بحجج واهية بأن لغتنا لم تَعُد لغة علم وبحث، ونسينا أن اللغة العربية كانت اللغة الأولى في العالم لقرون طويلة إبان تسيّد الحضارة الإسلامية، لذا فالعيب فينا لا في لغتنا.
نعم الانفتاح على العالم والحضارات مهم لتبادل الثقافات ولنقل التجارب، لكن الحفاظ على تراثنا اللغوى وهويتنا ضرورة حتمية، والنماذج كثيرة لدول تعاقب وتغرم من يتحدث في مؤتمرات أو لقاءات رسمية من غير لغة البلد، وما يحدث في فرنسا وألمانيا ليس ببعيد..!!
غير أننا نفعل ذلك مع لغتنا، وهى الأجمل بين اللغات، فيكفى أنها عميقة الجذور، وممتدة الفروع، ولم تكن في يوم من الأيام منكمشة على نفسها ولم تدخل مكاناً إلا وسيطرت، وقد شرفت بالمشاركة في صالون ثقافى بسفارة سلطنة عُمان أمس، احتفالا باليوم العالمى للغة العربية، وفى حضور نخبة من رجال اللغة والفكر، وأسعدنى ما أكد عليه المتحدثون وسعادة السفير في الصالون من ضرورة الحفاظ على اللغة وعلى أمننا اللغوى، وما قاله الدكتور عبد الحميد مدكور أمين المجمع اللغوى عن سيادة اللغة العربية في مجتمعاتنا العربية والإسلامية.
فاللغة – يا سادة - من الدين بل هي الدين، والأمن اللغوى جزءٌ لا يتجزأ من الأمن القومي لأى دولة، نقول هذا في ظل انتشار ظواهر التغريب الفكرى، والانحلال اللغوى، لمواجهة سيطرة العولمة الذى أدت إلى تسيّد التفاهة والسطحية في ظل عصر مواقع التواصل الاجتماعى والإنترنت واستهداف العقول على حساب القلوب.. ولإيماننا بما قاله الأديب الكبير محمد الصادق الرفاعي "فما ذلت لغة شعب إلا ذل، ولا انحطت إلا كان أمره في ذهاب وإدبار".. كل عام ولغتنا الجميلة مُصانة.