تعد منطقة حلايب وشلاتين إحدى المناطق الحدودية في مصر، والتي تتمتع بتراث ثقافي غني ومتعدد الأبعاد، ومن أبرز مظاهر هذا التراث المشغولات اليدوية التي تصنعها السيدات هناك باستخدام الجلود والسعف، هذه المشغولات ليست مجرد منتجات حرفية، بل تمثل جزءاً من الهوية الثقافية والاجتماعية لأهل المنطقة، وتروي قصة الأجيال التي نقلت هذه الحرف عبر الزمن.
وتتميز المشغولات اليدوية في حلايب وشلاتين بالتنوع والإبداع، حيث تعتمد السيدات على المواد الطبيعية المتوفرة في بيئتهن، ويعد الجلد والسعف من المواد الأساسية التي تُستخدم في تصنيع العديد من المنتجات، مثل الحقائب، والأحذية، والأكسسوارات المختلفة، حيث يتم تحويل الجلود إلى منتجات ناعمة وجميلة من خلال تقنيات خاصة تعتمد على النقش والخياطة اليدوية، بينما يُستخدم السعف بشكل رئيسي في صنع السلال، الحصائر.
إحدى-السيدات-يقمن-بصناعة-مشغولات-يدوية
من جانبه قال آدم سعد الله مدير أحدى الجمعيات الأهلية المهتمة بالتراث جنوب البحر الأحمر، إن هذه الحرف مصدر دخل مهم للعديد من الأسر في حلايب وشلاتين، حيث تُباع المنتجات اليدوية في الأسواق المحلية وأحياناً في المدن الكبرى، بالإضافة إلى ذلك، تُظهر المشغولات اليدوية مهارة كبيرة، حيث يتطلب كل منتج وقتًا وجهدًا كبيرين في التصنيع، وهو ما يعكس قدرة السيدات في هذه المناطق على الحفاظ على تراثهن الثقافي وتطويره في الوقت ذاته.
وأضاف مدير أحد الجمعيات الأهلية، أن الاهتمام بالحرف اليدوية في حلايب وشلاتين يعكس أيضًا إصرار السكان على الاستفادة من مواردهم الطبيعية بطريقة مستدامة، حيث يمكن إعادة استخدام الجلود والسعف بشكل دوري دون التأثير السلبي على البيئة.
وأوضح أن تلك المشغولات اليدوية في حلايب وشلاتين تظب شاهداً على الإبداع البشري في استخدام الموارد الطبيعية بما يضمن استدامتها ويحافظ على التراث، وتُعتبر خطوة مهمة نحو تعزيز الصناعة المحلية وتنمية الاقتصاد في تلك المناطق.
وكشف حسن أوشيك أحد شباب حلايب وشلاتين، أنه مع حلول فصل الشتاء في مناطق حلايب وشلاتين، تتحضر الأسر للانطلاق في رحلات الرعي التي تشهد زخما كبيرا في هذه الفترة من العام، وتقوم السيدات بصناعة الأدوات لتوفير احتياجات الرجال خلال رحلاتهم، تبرز مجموعة من المشغولات اليدوية التي تعد جزءا أساسيا من تراث المنطقة، مثل "الكهل"، وهو وعاء يستخدم لحفظ اللبن، و"الحثال" لربط الجمال، و"الخرج"، الذي يُستخدم لتخزين الطعام، بالإضافة إلى "الهمل"، الذي يُعد فرشاً للنوم في رحاب الصحراء.
وأوضح حسن عثمان، أحد أبناء قبيلة البشارية في جنوب البحر الأحمر، ان الراعى يحتاح خلال رحلته، مثل الطعام والشراب، ويعتبر الدقيق من المكونات الأساسية التي يتم استخدامها في صناعة "خبز الصحراء"، المعروف بالجابر، ورغم الظروف القاسية، فإن معظم الأدوات التي يعتمد عليها الرعاة تصنع من مواد طبيعية متاحة في بيئتهم مثل الجلد والصوف وسعف النخيل.
وأضاف أن النساء في حلايب وشلاتين تضيف قيمة كبيرة لتلك الأدوات اليدوية، حيث يتولين صناعة العديد منها، بما في ذلك الحقائب المصنوعة من الجلد التي تُستخدم لتخزين الطعام الجاف، والتي تعرف بالـ"خرج"، وإن الحرف اليدوية المصنوعة من الجلد والصوف تعتبر إرثا قديما يساعد الرعاة في حمل قوتهم خلال رحلاتهم الطويلة.
من بين أهم المشغولات اليدوية التي تحظى بتقدير كبير هي "القربة"، التي تصنع من جلد الماشية بعد ذبحها، وتتم عملية تصنيعها من خلال تعريض الجلد لأشعة الشمس مع الملح، ثم غسله جيداً لإزالة الروائح غير المرغوب فيها، ليصبح صالحًا لتخزين الماء. كما تعد "الكهل"، المصنوع من سعف النخيل، من الأدوات الضرورية لحفظ الطعام، حيث يتم تجهيزه بعناية، ويشرب باللبن ليحفظ الغذاء داخلها بشكل متماسك.
ومع اقتراب فصل الشتاء، ينتظر أهالي حلايب وشلاتين، وكذلك سكان الأودية الجبلية، الأمطار التي تُعتبر بداية "الشتاء السعيد"، حيث توفر هذه الفترة فرصا مواتية لرعي أغنامهم وإبلهم في أجواء أكثر اعتدالا.
يذكر أن شاركن سيدات من مدينتي حلايب وشلاتين بجناح مميز في معرض "تراثنا"، الذي افتتحه الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، الخميس الماضي، حيث عكست مشاركتهم التراث الغني لجنوب مصر، والذى حظي بإشادة كبيرة من الزوار، حيث تضمن منتجات متنوعة أبدعتها أيدي السيدات باستخدام خامات طبيعية من البيئة المحلية مثل الجلود والخرز والسعف.
ونجحت المشاركات في المزج بين الأصالة والحداثة من خلال تصميمات جديدة تشمل المدليات، الأساور، الحقائب، والأطباق الجلدية المطرزة بالخرز، وقدمت منسقة جناح حلايب وشلاتين شرحًا مفصلًا عن المنتجات، مؤكدة أن هذا المعرض لم يكن مجرد نافذة لعرض التراث، بل فرصة حقيقية لتمكين المرأة المعيلة وزيادة دخلها.
كما وعد المسؤولون بتوسيع نطاق التسويق لمنتجات الحرف اليدوية لتصل إلى الأسواق الخارجية، بهدف تحقيق أقصى استفادة من التراث المحلي وتعظيم عائدات هذه الحرف التقليدية. يُعد معرض "تراثنا" نقطة انطلاق هامة للارتقاء بالحرف اليدوية لسيدات حلايب وشلاتين، حيث أثبتت مشاركتهن أن التراث يمكن أن يكون بوابة للتنمية الاقتصادية والاجتماعية.
المشغولات-اليدوية-لسيدات-حلايب-وشلاتين
جانب-من-أعمال-المشغولات-اليدوية
جانب-من-الاعمال
حقائب-ومشغولات-مختلفة
اداوت-تصنعها-النساء-ويستخدمها-الرجال-فى-الرعي-
يشاركون-فى-معارض-كبرى-لعرض-مشغولاتهم