شيريهان المنيرى

الإعلام وطموح المصريين

السبت، 28 ديسمبر 2024 12:00 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

لا شك أن الإعلام هو واحد من أهم المجالات التى تتقاطع وتتشابك مع كثير من المجالات والقطاعات الأخرى، لا سيما السياسية والمجتمعية بشكل خاص، فهو مرآة للواقع الذى يشمل الكثير من مناحى الحياة، بإيجابياتها وسلبياتها، خاصة ما يرتبط بحياة المواطن بشكل مباشر.

لذلك يظل الإعلام - كما هو مُتعارف عليه - قوة ناعمة، مؤثرة وفاعلة، سواء فى الداخل أو الخارج، ومع تطور آلياته فى ظل ما نعيشه من ثورة هائلة فى التكنولوجيا والتقنيات الحديثة، يكتسب الإعلام المزيد من القوة فى قدرته على التأثير، حيث ما توفره تلك الآليات من مدى واسع للانتشار وسريع أيضا، وهو ما يتطلب الدراسة المتأنية مع كل شروع فى عملية تطوير للمجال، مع الحرص على تحديد الأهداف والأولويات من هذا التطوير، خاصة أنه مع كل إعلان عن هيكلة جديدة وظهور وجوه وكوادر إعلامية مختلفة، يتعالى طموح المواطن فى ما سيتم تقديمه من هؤلاء، منتظرا أن تكون الروافد الإعلامية على المستوى المحلى صوتا له، وتنحاز له وقت الأزمات.


ولعل هذا هو ما حدث مع الهيكلة الجديدة التى شهدتها المؤسسات الإعلامية بمصر خلال الأسابيع القليلة الماضية، بشقيها الرسمى والخاص، خاصة مع ظهور وجوه وكوادر ذات تاريخ من الكفاءة والمهنية، وأيضا قبول شعبى إلى حد كبير، ومع كل خبر يُشير إلى تحرك جديد من هذه القيادات والكوادر وأيضا قرارات تصدُر منها، نرى قبولا وتأييدا كبيرا، من قبل المواطنين، أملا فى أن يشهد المجال الإعلامى طفرة ليس فقط على مستوى التقنيات ومواكبة الإمكانيات الحديثة، وإنما أيضا المضمون والمحتوى، والذى أصبح مُهما جدا فى ظل ما نعيشه من تحديات إقليمية تؤثر بشكل مُباشر على الأوضاع السياسية والاقتصادية على حد سواء.


وأتى لقاء رئيس المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام، المهندس خالد عبدالعزيز، ورئيس مجلس إدارة الشركة المتحدة للخدمات الإعلامية، طارق نور، مساء الأربعاء، ليُمثل خطوة جديدة وبناءة فى طريق مستقبل الإعلام المصرى، حيث ما تم من مناقشة سُبل للارتقاء به خلال الفترة المُقبلة، عبر تعاون مُرتقب ومُتوقع أن يكون مُثمرا، حيث التوافق فيما بينهما على ضرورة الارتقاء بالذوق العام، والاعتماد على كفاءات مُتميزة ولديها مصداقية، بما يتوافق مع أصول وقيم الخطاب الإعلامى.


ويتوافق هذا مع عدد من القرارات التى صدرت عبر الهيئة الوطنية للإعلام، برئاسة الكاتب أحمد المسلمانى، خاصة ما صدر بشأن تعزيز مكانة ودور قناة النيل للأخبار وتخصيص قناة لها على الراديو على موجات FM، فهذه القناة لها تاريخ مهنى مُشرف، وتواجدها على الراديو خطوة جيدة جدا، خاصة فى ظل الاستخدام الواسع للراديو من قِبَل فئات وشرائح المُجتمع المختلفة.


ويتزايد طموح المواطنين، خاصة مع ما للإعلام المصرى من تاريخ كبير فى المهنية والنجاح إلى الحد الذى جعله تجربة ثرية للمجال بشكل عام فى المنطقة العربية، فمصر لديها من الكوادر والكفاءات الإعلامية ما يؤهلها للريادة دائما فى هذا المجال. ويبقى التاريخ شاهدا على مدى التفاعل بين المواطن والإعلام سواء الإذاعى أو التلفزيونى أو الورقى، فالتاريخ خير شاهد على أن الإذاعة المصرية ومانشيتات الصحُف كانت رابطا رئيسيا بين المصريين وقت الحرب، فكانت بوابة المعرفة للحقائق وتطورات الأحداث والأمل عند الهزيمة والفرحة عند الانتصار فى الحرب، ولا ننسى مدرسة صوت العرب وشعار «هنا القاهرة»، والذى ما زال مؤثرا ليومنا هذا، والعديد من القامات الإعلامية والإذاعية التى ما زالت تجاربها تُدرّس فى كليات وأكاديميات الإعلام، فالقواعد الأساسية لممارسة المهنة لا تتغير مهما تطورت الأدوات، وإنما تتطور وتتفاعل معها بالقواعد المهنية ذاتها التى تكتسب بأدائها المُحترف ومصداقيتها ثقة المواطن بكل يُسر.


فالمواطن يحتاج إعلاما قويا يرفع شعار المهنية والواقعية بعيدا على «التريند» والشهرة المُزيفة التى فرضتها علينا وسائل حديثة ولغة الأرقام و«الترافيك»، خاصة فى ظل أوضاع استثنائية يمُر بها الوطن، حيث ما يُحيط بنا من اضطراب إقليمى أدى إلى كثير من التداعيات، ولا يعنى وجود وانتشار استخدام السوشيال ميديا وطبيعة جيل Z المختلفة عن الأجيال السابقة، أن ينحرف الإعلام عن مساره التوعوى والثقافى والقائم فى الأساس على الاحترافية وعدم الابتذال، بل على العكس هو يحتاج فقط أن يتم من خلاله الارتقاء بهؤلاء المستخدمين وهذا الجيل والذوق العام وتوعيته، من خلال مواكبة الحداثة، ولكن بما يتناسب مع طبيعتنا وتقاليدنا وثقافتنا، من خلال سياسة وخطة إعلامية مُتكاملة الأركان، وذلك حتى لا نجد أنفسنا - مُستقبلا - أمام مواطنين فاقدين لهويتهم ووطنيتهم.

 







مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة