أجاب باحثون في الحركات المتطرفة، على السؤال الصعب بشأن سوريا، والمتمثل في "ماذا بعد سقوط بشار الأسد؟، مشيرين إلى أن الأوضاع تنذر بعواقب وخيمة، مؤكدين أن سوريا أصبحت في قبضة التنظيمات المتطرفة.
في البداية قال، منير أديب، الباحث في شؤون الحركات المتطرفة والإرهاب الدولي، إنّ سوريا باتت في حوزة التنظيمات المسلحة ذات الخلفية الإسلامية، كما بات مستقبلها غامض أمام سيطرة هذه التنظيمات، صحيح هناك قوى مسلحة لم تكن ذات خلفية دينية ولكن عددها أقل من عدد التنظيمات الإسلاموية، فضلًا على أنّ كل هذه التنظيمات تُقاتل تحت لافتة هيئة تحرير الشام.
وأضاف في تصريحات خاصة لـ"اليوم السابع"، هيئة تحرير الشام أو جبهة النصرة سابقًا هي النسخة الجديدة من تنظيم ما يُسمى بالدولة الإسلامية والمعروفه بداعش؛ صحيح هي فككت ارتباطها بالتنظيم من قبل ولكن لا يوجد ما يؤكد أنها تخلت عن أفكارها.
ولفت، إلى أنّ أبو محمد الجولاني فك ارتباطه بداعش الذي أعلن مبايعته لتنظيم ما يُسمى بقاعدة الجهاد، وما لبث أنّ فك ارتباطة بهذا التنظيم أيضًا وغير اسم التنظيم، بل ذهب لأبعد من ذلك حيث عرض حل الهيئة! وكل هذه التحولات تؤكد برجماتية الجولاني وأنه قد يكون نسخة جديدة من داعش والقاعدة ولكنها نسخة عصرية.
وأكد، أنّ خطر سوريا الحالي ليس في سيطرة التنظيمات المتطرفة ولكن في الثوب الجديد الذي ارتدته هذه التنظيمات، فقد لا يُدرك العالم خطورة هذه التنظيمات ولا تحولها غير الحقيقي ولكن بعد فوات الأوان، وهنا نستطيع أنّ نقول،: إنّ سوريا قد تم تسليمها لهذه التنظيمات.
وذكر، أن الهدف ليس الدفاع عن نظام سياسي سقط بالفعل، فهو المسؤول عما جرى له، ولكنه جرس انذار لمستقبل يبدو غامضا مع التنظيمات المتطرفة، التي تتعامل وفق غريزة الانتقام ووفق منطقها الأيديولوجي المتطرف.
ولفت، إلى أنّ هناك فرق شاسع بين الدولة الوطنية في سوريا وبين النظام السياسي، الأولى تمثل العمود الفقري للدولة، وهو ما يجب أنّ يُحافظ عليه جميع الطوائف والملل والأعراق والأجناس، فكل المكونات السورية لابد أنّ تُحافظ على الدولة، وألا تنتصر لمنطقها الأيديولوجي على حساب الدولة.
وتوقع المستقبل، بقولة، إنّ هناك من يسعى إلى أفغنة الحالة السورية، فكما تم تسليم أفغانستان في عهد الرئيس الأمريكي الحالي جو بايدن، فقد تم تسليم سوريا في نهايات عهد نفس الرئيس الديمقراطي، الذي لا يرى مشكلة في استخدام جماعات الإسلام السياسي في منطقة الشرق الأوسط.
وعن نشاط داعش، قال، الباحث في شؤون الحركات المتطرفة والإرهاب الدولي، منذ بدايات السيطرة على محافظة حلب في 29 نوفمبر من العام 2024 وتنظيم داعش بدأ ينشط بصورة كبيرة في البادية السورية؛ لافتًا إلى أنّ الحراك المسلح في سوريا سوف يكون واجهة للتنظيمات الأكثر تطرفًا مثل القاعدة وداعش، والخلاف بينهما وبين هيئة تحرير الشام والجبهات المتحالفة معها سوف يظهر بصورة أوضح خلال الفترة القادمة.
وتوقع، أنّ سوريا سوف تتحول حتمًا إلى ما يُشبة أفغانستان جديدة، وفي أحسن الأحوال سوف تُسيطر الجماعات الإسلامية على القرار بداخلها، ولن يكون هناك حكمًا مدنيًا، وسوف تعلوا المطالب الفئوية على المكونات السورية، هذه الرؤية لا نتمناها بطبيعة الحال ولكننا نتوقعها بصورة كبيرة.
فيما حذر هشام النجار الباحث في شئون الحركات المتطرفة من الأحداث في سوريا، مؤكدا أن أبو محمد الجولاني شخصية داعشية متطرفة.
وقال النجار في تصريحات لـ"اليوم السابع": بعد إعلان اسقاط نظام الأسد في سوريا هناك مخاوف كبيرة من حدوث فوضى في البلاد على الرغم من خطابات الطمأنة غير المستندة لاعتبارات ووقائع متماسكة، وبالنظر لماضي الاحتقان والثارات القديمة بين طوائف وفئات نتيجة حكم استمر أربعين سنة علاوة على أن من قاد التغيير بالقوة المسلحة فصائل معروفة بماضيها المتطرف والتكفيري على الرغم من محاولات تجميل نفسها فخلف الشعارات هناك حقائق وخلفيات أيديولوجية لا يمكن اغفالها.
وأضاف النجار، كما أن هذه الفصائل لم تتوحد خلال الفترة الماضية إلا من أجل هدف إسقاط النظام وقبل ذلك كان بينها صراعات وخلافات واقتتال وهناك بناءا على ذلك تخوف من أن تعود للاقتتال والتصارع بعد إسقاط النظام سعيا للهيمنة وكسب اكبر جزء من الكعكة ، ولا يمكن إغفال وجود تنظيم داعش الذي من المحتمل أن يستغل الأوضاع لمعاودة النشاط بقوة ليحظى من الواقع الجديد بنصيب إن لم يكن في نيته مشاكسة ومنازعة الحكام الجدد لسوريا ليطرح نفسه كونه الحق بالسلطة عبر مزايدات معروفة ومكررة بين تشكيلات تيار السلفية الجهادية من منطلق خلافاتهم بين تفاصيل وأسلوب الحكم بالشريعة فمنهم من يسمح بالتعددية ومعاملة الأقليات مثل المسيحيين والعلويين معاملة حسنة ومنهم من يرفض ذلك ويعاملهم بقسوة ووحشية وحرمان من أبسط الحقوق وبانتقام وحشي مثل داعش".
وأوضح أن هذه المزايدة المتوقعة من داعش من المرجح أن تجعل فصيل أبو محمد الجولاني يعود لخطابه وممارساته المتطرفة القديمة وان يتخلى عن قشرة خطاب التسامح الذي لجأ إليه الفترة الماضية نزولا عن متطلبات المرحلة حيث أن مزيدات الأشد تطرفا ستجعله يضاعف من التطرف والتشدد حتى لا يحدث انقسام في فصيله وحتى لا يخسر ما حققه لحساب التكفيريين الأشد تطرفا داخل القاعدة ناهيك عن عناصر داعش".