تمكنت الفصائل المسلحة بقيادة ما تعرف بـ"هيئة تحرير الشام" من السيطرة على العاصمة السورية دمشق ومدن حلب وحماة وحمص، وذلك في هجوم شنته الفصائل على تمركزات الجيش السوري من عدة محاور، وذلك في ظل انهيار للقوات المسلحة السورية التي عانت من ضعف في قدراتها الدفاعية.
واعتمدت الفصائل المسلحة في حربها على قدراتها العسكرية والأسلحة المتطورة التي حصلت عليها من أطراف خارجية، بالإضافة إلى الحرب الإعلامية والمعلوماتية المستمرة منذ أيام حول طبيعة ما يجري على الأرض، وسيطرت الفصائل على عدة مؤسسات حكومية وعسكرية في حماة وحلب وحمص ودمشق، مع السيطرة على كل السجون المركزية في سوريا وإطلاق سراح السجناء، مما يشكل تهديدا على السلم والأمن المجتمعي في البلاد التي تعاني من تعدد الطوائف والعشائر السورية.
يشهد المجتمع السوري انقسامات وخطوط متباينة بين الطوائف والعشائر، إما نشأت أو تعززت بفعل تطور الأحداث في الميدان فضلًا عن تدخلات الدول الخارجية التي تدعم طائفة على حساب آخرى فى البلاد.
واقتحمت الفصائل المسلحة في سوريا عددا من السجون المركزية منها سجن حمص المركزي وسجن صيدنايا، وإطلاق سراح مئات السجناء، وكذلك السيطرة على عدد من المقرات الأمنية والعسكرية التي انسحبت منها العناصر التابعة للحكومة السورية.
وتعاني سوريا منذ عام 2011 من استحداث ميليشيات مسلحة على أساس طائفي وهو مؤشر خطير حول الانقسام داخل المكونات السورية سواء الدروز أو الأكراد أو المسيحين أو السنة والشيعة، ويتميز المجتمع السوري بتعدد الطوائف في البلاد حيث تتشكل سوريا من تركيبة ديموغرافية متعددة من المكونات الإثنية حيث يشكل المسلمون الكتلة السكانية الأكبر بين السوريين، وغالبيتهم من السنة.
وعاشت في سوريا على مدار التاريخ أقليات مسلمة تنتمي إلى طوائف متنوعة منهم العلويون، الشيعة اثني عشرية، الدرزية، بالإضافة إلى الأقليات السكانية المسيحية التي تنوعت بين مذاهب شرقية وغربية وأقليات دينية أخرى منها الإيزيديين والمرشدين.
وأعرب مراقبون عن تخوفهم من تكرار المأساة العراقية في سوريا عقب سيطرة الفصائل المسلحة على دمشق، مؤكدين أن أي محاولات للمساس بمؤسسات الدولة يمكن أن تدخل البلاد في فوضي أمنية وعسكرية لا نهاية لها، موضحين أن إقدام التحالف الأنجلوأمريكى على حل الجيش العراقي دفع بالعراقيين إلى النفق المظلم والفوضى، ما أدى لانتشار الإرهاب وسيطرة التنظيمات المتطرفة على المدن والبلدات العراقية.
وأوضح المراقبون أن المشكلة الأكبر في سوريا تمكن بعدم توافق القوى السياسية المعارضة أو الفصائل المسلحة على الخطوط الرئيسية لحل الأزمة، مؤكدين أن محاولة أي طائفة الانفراد بالحكم في سوريا يمكن أن يؤدي لحرب أهلية وصراعات طائفية تمتد لسنوات، محذرين من أي طرح سواء من داخل أو خارج سوريا لتقسيم البلاد على أساس عرقي أو طائفي.
توقع المراقبون أن تتخذ دول جوار سوريا لا سيما العراق والأردن إجراءات أمنية مشددة على حدودها خوفا من أي فوضى أمنية أو عسكرية، مؤكدين أن حكومة الاحتلال الاسرائيلي ستسعى خلال الفترة المقبلة لترسيخ تواجدها في الجولان المحتل والدفع بعدد أكبر من المستوطنين على الحدود مع سوريا لفرض واقع أمني وسياسي وديمغرافي جديد.
وتراقب الدول المنخرطة في الصراع السوري عن كثب التطورات الميدانية والسياسية التي تشهدها البلاد خلال الأيام الماضية، وذلك لرغبة الأطراف الإقليمية والدولية لفرض أجندها على الحكام الجدد للدولة السورية، وهو ما سيؤدي لصراع ممتد بين المحور الروسي والصيني من جهة والمحور الأمريكي الأوروبي من جهة أخرى.
إلى ذلك، قال الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب، الأحد، إن الرئيس السوري بشار الأسد "فرّ من بلاده" بعدما فقد دعم حليفته روسيا.
في تل أبيب، أعلن جيش الاحتلال الإسرائيلي، السبت، أنه قرر تعزيز قواته على الحدود السورية للقيام بمهام دفاعية على خلفية تقدم الفصائل المسلحة في البلد العربي في مواجهة قوات الجيش السوري.
وفي بيان نشره بحسابه على منصة "إكس"، قال الجيش: "بناء على تقييم الوضع في الجيش الإسرائيلي، تقرر استدعاء قوات إضافية لمهام دفاعية في منطقة هضبة الجولان (السورية المحتلة) بالقرب من الحدود مع سوريا".
وأضاف أن "استدعاء القوات الإضافية يسمح بتعزيز الجهود الدفاعية في المنطقة، والاستعداد لسيناريوهات مختلفة في الجبهة"، دون مزيد من التفاصيل.
من جانبها، قالت إذاعة الجيش الإسرائيلي إن تعزيز الجيش لقواته في المنطقة جاء على خلفية "تقدم المتمردين السوريين"، على حد تعبيرها.
ونفذ جيش الاحتلال الإسرائيلي هجومًا في المنطقة العازلة قرب القنيطرة لتعزيز دفاعاته، ووفقًا لتقييم الوضع، قررت الحكومة الإسرائيلية تعليق الدراسة اليوم في القرى الدرزية في الجولان، كما نشر الاحتلال حواجز على طول الجولان، وأُعلنت جميع المناطق الزراعية المحاذية للحدود مناطق عسكرية مغلقة، وسيُقيد دخول المزارعين إليها.
وأرسل جيش الاحتلال الإسرائيلي الفرقة 98 إلى الحدود السورية مع لواء المظليين ولواء الكوماندوز، وحفرت الفرق الهندسية التابعة لجيش الاحتلال الإسرائيلي خندقًا عميقًا على طول الحدود وخط وقف إطلاق النار مع سوريا.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة