في أحد أركان الشرقية، حيث تنساب الحياة في هدوء ظاهر، كانت تُطبخ مؤامرة في قدور الغش التجاري، مصنع بلا ترخيص، يخبئ خلف جدرانه حكايات عن طمع بشري لا حدود له، يجمع هالك زيوت السيارات ويرسم لها حياة جديدة بخداع وإيهام، ليعيدها إلى الأسواق كمنتج "جديد" يغش المشتري ويهدد البيئة على حد سواء.
بين عبوات بلاستيكية تبدو بريئة وخط إنتاجٍ يعمل في صمت، كان المجرمون يضعون بصمتهم على عملية احتيال واسعة النطاق، الزيوت المستعملة التي لفظتها محركات السيارات، أصبحت بعد "تدويرهم" مصدراً للربح غير المشروع، مع نسبها إلى علامات تجارية وهمية، في محاولة لإخفاء قبح الجريمة خلف قناع زائف.
لكن الجريمة مهما أتقنت التخفي، لا تسير طويلاً بلا عقاب، فقد تحركت أجهزة وزارة الداخلية، التي لا تهدأ في مواجهة جرائم الغش التجاري، واضعةً نصب أعينها حماية المواطن والاقتصاد من عبث المتربحين على حساب الجميع.
بالتنسيق بين قطاع الأمن العام والإدارة العامة لشرطة البيئة والمسطحات، تم الكشف عن أنشطة هذا المصنع المخالف في مركز بلبيس، مالكه رجل ذو سجل إجرامي، جمع نفايات بترولية خطرة من الزيوت المستعملة، أعاد تدويرها بطرقٍ ملتوية، ليحولها إلى منتج مغشوش جاهز للطرح في الأسواق.
مع تقنين الإجراءات، انطلقت حملة أمنية أحكمت قبضتها على المصنع، حيث تم ضبط مالكه والمدير المسؤول عنه.
داخل جدران المصنع، كشفت الحملة عن 78.5 طنًا من نفايات بترولية خطرة، و23,560 لترًا من الزيوت المعاد تدويرها معبأة بعلامات تجارية وهمية ،كما تم مصادرة خط إنتاج كامل يستخدم في تلك الجريمة المنظمة.
ولم يكن أمام المتهمَين سوى الاعتراف بجرمهما، مؤكدين ما كشفت عنه التحريات، كانت خططهما لجني أرباح طائلة قد انهارت أمام عدالة القانون وسرعة تحرك وزارة الداخلية.
بدوره، قال اللواء دكتور علاء الدين عبد المجيد الخبير الأمني، إن هذا النجاح ليس مجرد كشف عن مصنع مخالف، بل هو رسالة قوية لكل من تسوّل له نفسه العبث بأمن المواطن وسلامة بيئته، فالغش، وإن بدا مربحًا في البداية، ينتهي دوماً بالخسارة حين تتدخل يد العدالة.
وأضاف الخبير الأمني، في تصريحات لـ"اليو السابع": تظل وزارة الداخلية، بحزمها وجهودها، درعاً يحمي الوطن من عبث المجرمين، وسيفاً يقطع أوصال الغش والتدليس، مؤكدة أن لا مكان لمن يهدد أمن المواطن واستقراره الاقتصادي.