عصام محمد عبد القادر

تزييف الوعي بصورة ممنهجة.. جماعات الظلام أنموذجًا

السبت، 10 فبراير 2024 07:00 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

توظف جماعات الظلام وأصحاب الغايات غير السوية التقنية الحديثة التفاعلية والمدعومة في تشكيل صورةٍ ذهنيةٍ لدى الفرد كي تستهدف تكوين اتجاهاتٍ مقصودةً لديه، ومن ثم تستطيع أن تؤثر في سلوكياته وتوجهها وفق الإطار التي تخطط له؛ ليصبح تابعًا للفكر والمنهج الذي تتبناه، أو متعاطفًا معها ومؤيدًا لممارساتها على الساحتين المحلية والعالمية، وقد يصل الأمر لأن يقوم بمهامٍ من شأنها أن تؤثر على الأمن القومي للدولة؛ حيث تصل مستويات التوجيه والتحكم ليغدو أداةً فاعلةً لنقل كل ما يحدث على الساحة بواسطة وسائل التواصل المشتركة مع هذه الجماعات المغرضة.

وفي ضوء هذا التوجه المشار إليه يمكن لهذه الجماعات وأذرعها أن تحصل على معلوماتٍ وبياناتٍ ومجموعةٍ من الأخبار التي تتحكم في بثها أو عرضها بحرفيةٍ وفق خططها المسمومة؛ لتحدث الأثر الفاعل لدى المتلقي، وبدون مواربةٍ هناك من يقتنع بزيفها ممن يعانون من نقصٍ في المعلومات، أو يفتقدون لعامل الخبرة، أو لا يمارسون مهارات التفكير أو أنماطه المختلفة عند التعرض لأخبارٍ أو معلوماتٍ تخص الشأن العام.

ولا نغالي إذ نقول إن جماعات الظلام تخدم أجندات دولٍ بعينها رغم أن لديها مخططها بعيد المدى ومشروعها الذي ترعاه وتسخر له كل ما تمتلك كي تحقق أهدافه، وبدون شكٍ فإن التبعية لمن يقوم بتمويل هذه الجماعات وأذرعها أمرٌ لا جدال حوله، وفي هذا الإطار لا تكتفي هذه الجماعات المقيتة بنشر الكذب، بل تتعداه لمراحلٍ متقدمةٍ تقوم على تزييف الوعي بصورةٍ مخططةٍ وممنهجةٍ.

ومن الآليات التي توظفها جماعات الظلام في تزييف الوعي تناول قضايا وأحداث لا تشكل أهميةً أو تأثيرً يذكر على مجريات الأمور داخل الدولة؛ فتوظف أدواتها الممولة والتي تعمل في ضوء مبدأ التضخيم؛ إذ تغالي بشدةٍ في عرضها لهذه الأحداث؛ كي تصنع لها أهميةً ينشغل بها المتلقي، وتثير اهتمامه، وقد يصل الأمر لأن تزرع بداخله القلق حيال أمورٍ لا علاقة لها بالحدث أو القضية التي تستهدفها الجماعات المغررة.

وتحرص جماعات الظلام على تقزيم وتقليل وتشويه ما يتم إنجازه من مشروعاتٍ وأعمالٍ قوميةٍ بالدولة، وقد تتخذ آلية التشويه، أو التعتيم، أو التجاهل لتلك الإنجازات؛ كي لا تسمح بتكوين اتجاهاتٍ إيجابيةٍ نحو ما تقوم به مؤسسات الدولة من جهودٍ بغية إحداث نهضةٍ وتنميةٍ مستدامةٍ؛ لأن الهدف الرئيس لمنابر جماعات الظلام تقوم فلسفتها على تزييف الوعي لدى الفرد والمجتمع على حدٍ سواءٍ.

وتتبنى جماعات الظلام عبر منابرها استراتيجية تجميع الأكاذيب في بوتقةٍ واحدةٍ؛ لتعطي إيحاءً بعظم ما يتم تناوله، ومن ثم تساهم في تشكيل حالةٍ حادةٍ من الشك بغية فقد الثقة في مؤسسات الدولة الوطنية وقيادتها السياسية، وتستعين بأصحاب الخبرة في الفبركة سواءً في صياغة التقارير الإخبارية، أو المعالجة لمخرجات (الملتميديا) بالاستعانة بتطبيقاتٍ وبرامج الذكاء الاصطناعي، أو استضافة من يوسمونهم بالخبراء الذي يأخذون على عاتقهم أساليب الإقناع القائم على تزييف الوعي من خلال قلب الحقائق.

ومن أساليبهم المثيرة للسخرية انتهاج طرائقٍ يسترضون بها القائم على التمويل سواءً أكانت مؤسساتٍ كبرى، أو دولً عظمي، أو دولً تدعي الهيمنة أو تسعى إليها بما تمتلكه من مواردٍ وقدراتٍ ماليةٍ وتقنيةٍ، والفحوى من ذلك تبدو واضحةً، ومن طرائقهم أيضًا العمل على إيجاد حالةٍ من المزاج العام السلبي الذي يؤسس على الخوف من المستقبل، ومن ثم ضعف الثقة والتشكيك فيما تقوم به الدولة ومؤسساتها من إجراءاتٍ تحمي بها مصالحها العليا.

ومن الطرائق الخبيثة التي تتبناها جماعات الظلام وفق منهجها المنحرف، العمل المتواصل على إصابة المجتمع بمرض الخلاف والتشرذم بما يؤدي إلى تفتيت الوحدة وإضعاف الإرادة، وفك أواصر التقارب لرؤى البناء والإعمار، ودحض ماهية التعاون والتشارك في تحقيق الهدف، وهذا المسعى غير الأخلاقي الغاية الرئيسة منه تتمثل في هدم كيان الدولة ومؤسساتها، وخلق مُناخ يدعم التناحر والنزاع، ويؤدي إلى الصراع في صورته المسلحة؛ بغرض القضاء على الدولة بأيدي أبنائها.

إن منهجية تزييف الوعي والتأكيد على السلبيات وإغفال النقاط المضيئة وتأجيج المشاعر والكراهية تجاه الدولة وقيادتها من خلال نشر الأكاذيب المصطنعة لن يتوقف، ولا سبيل إلا بالمواجهة الحاسمة التي تتطلب من الدولة ومؤسساتها أن تعمل على تنمية الوعي الصحيح من خلال تنمية إدراك الفرد بتفاصيل مجريات الأحداث على الصعيدين المحلي والعالمي؛ ليصبح مسئولًا وشريكًا فاعلًا في نهضة الدولة، وحريصًا على توفير أسباب ومسببات الحفاظ على الأمن القومي المصري بأبعاده المختلفة.

وسفينة النجاة من خطورة الوعي المزيف تكمن في التصدي الممنهج لدحر محاولات وسبل تزييف وعي أبناء الشعب المصري العظيم، ومن ثم ينبغي أن نعمل على تنمية الولاء والانتماء وتعزيز الوعي الصحيح في وجدانهم، وترسيخ القيم النبيلة التي يؤمن بها مجتمعنا المصري؛ لتصبح سياجًا واقيًا من أي محاولاتٍ تستهدف النيل من ثروتنا البشرية التي تعد عماد النهضة والتنمية الشاملة المستدامة في مجالات وقطاعات الدولة المصرية صاحبة التاريخ والحضارة رغم أنف الحاقدين.

حفظ الله وطننا الغالي وقيادته السياسية الرشيدة أبدَ الدهر.

 

 







مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة