انشغل العالم والمحللون والناخبون فى الولايات المتحدة بالتصريحات المتداخلة والتى يختلط فيها كلام الرئيس جو بايدن، وتصريحاته بالمؤتمرات، واضطر البيت الأبيض لعمل تفسيرات وشروح لبعض تصريحاته التى خلط فيها بين الأماكن والأشخاص وتحدث إلى أموات وحاول مصافحة الهواء، وهى زلات تكررت وأصبحت تثير القلق.
فقد عرف بعض الرؤساء الأمريكيين والسياسيين بزلات لسان، لكن الأمر مع الرئيس جو بايدن يثير قلق الديمقراطيين، بل إن رئيس مجلس النواب الجمهورى مايك جونسون، كتب على حسابه بمنصة «إكس»: «أكد المؤتمر الصحفى للرئيس هذا المساء على الهواء مباشرة ما أوضحه تقرير المحقق الخاص «روبرت هور» أنه غير مؤهل لأن يكون رئيسا».
ومن حسن الحظ أن الإدارة الأمريكية ليست الرئيس فقط، وأن تصريحاته فيما يتعلق بالحرب على غزة، أو جرائم الاحتلال، كانت مجالا لتفسير أو تحليل من قبل البيت الأبيض، ثم إن مصر وهى ترد على تصريحات بايدن حرصت على تأكيد موقفها الثابت ضد التهجير والتصفية ومع مسارات تضمن وقف الحرب، واستمرار تدفق المساعدات إلى قطاع غزة، وتأكيد فتح معبر رفح من الجانب المصرى طوال الوقت، لكن الحقيقة أن تصريحات الرئيس بايدن تثير مخاوف من أنها تعكس تراجعا فى الوعى، أو تناقضا من بعض القرارات وترددا تجاه التعامل الأمريكى، المرتبط بدولة كبرى لها مصالحها وضرورة أن تواجه أخطار اتساع الصراع.
وأشارت صحيفة نيويورك تايمز إلى أن زلات لسان الرئيس الأمريكى الأخيرة، أعادت النقاش حول تأثير السن والحالة الصحية على قدراته، واعتبروا الزلات ربما تعكس ارتباكا سياسيا وتخبطا نفسيا وفضحا للعقل الباطن.
لكن القلق من التباسات يمكن أن تقود إلى فهم خاطئ، وخلط بين الماضى والحاضر، الرئيس بايدن قال أمام جمهور كبير فى مدينة شيكاغو إنه التقى مع الرئيس الفرنسى «فرانسوا ميتران» وكان يقصد الرئيس إيمانويل ماكرون، لأن ميتران توفى عام 1996، وخلال حفل لجمع التبرعات فى نيويورك، قال بايدن إنه تحدث فى عام 2021 مع المستشار الألمانى هيلموت كول الذى توفى عام 2017، ويبدو أنه كان يقصد المستشارة السابقة أنجيلا ميركل.
وخلال زيارته لكندا، وأمام البرلمان توجه بالتحية إلى الصين بدلا من كندا، وخلال لقائه مع رئيس الوزراء الكندى جاستن ترودو، قال «أشكر رئيس الوزراء جو».
وأثناء حملة لجمع الأموال لحملته الانتخابية فى يونيو، تحدث عن صديقه ناريندرا مودى رئيس الوزراء الهندى، وقال إنه رئيس الصين.. قبل أن يستدرك بأنها الهند.. وخلال خطاب له عن انتشار الأسلحة قال «حفظ الله الملكة يا رجل»، وهى جملة تستخدم فى ختام الخطابات الرسمية بالمملكة المتحدة.
وخلال حديثه أمام الرئيس الأوكرانى فلاديمير زيلينسكى، قال: «نحن بحاجة للتأكد من أن الحكومة الأوكرانية يمكن أن تستمر فى تقديم الخدمات الأساسية للشعب الإيرانى»، وكان يقصد الشعب الأوكرانى، وقال إن الرئيس الروسى فلاديمير بوتين «يخسر الحرب فى العراق» يقصد أوكرانيا.
وفى الذكرى الثلاثين لقانون الإجازة العائلية والطبية، وما يتعلق بمساعدة الأسر ذات الدخل المنخفض والأمهات العاملات، قال إن «أكثر من نصف نساء مجلس الوزراء، أكثر من نصف سكان مجلس الوزراء، أكثر من نصف النساء فى إدارتى من النساء».
ووصف بايدن، منطقة «جراند كانيون» بأنها كنز وإحدى عجائب الدنيا التسع، وخلال كلمة له فى واشنطن تساءل عن النائبة الجمهورية جاكى والورسكى، التى ماتت فى حادث سيارة قبل شهور، وخلال مقابلة عن ترشحه قال بايدن، على الهواء «لا يمكننا أن ندع أوباما.. الرجل الذى كان رئيسا قبل 4 سنوات، يفوز بهذه الانتخابات ويصبح رئيسا مرة أخرى»، وطبعا يقصد دونالد ترامب، الذى سخر منه مرات تعليقا على زلاته، وتساءل ساخرا عما إذا كان الرئيس بايدن يعرف أنه على قيد الحياة.
والواقع أن زلات اللسان معروفة بشكل عام فى السياسة، لكنها مع الرئيس بايدن تجاوزت المعقول، من حيث تحركه فى خطاب ليصافح الهواء، أو يفقد التركيز، وكان أكثر رئيس تم التقاط زلات لسانه هو الرئيس الأسبق جورج دبليو بوش الابن، الذى كان يتحدث عن جمهورية الدنمارك، ومن أقواله المأثورة التى أطلق عليها «بوشيات» إن أغلب وارداتنا تأتى من خارج البلاد، وفى حال لم ننجح سنواجه احتمال الخسارة، وبالنسبة لناسا «وكالة الفضاء الأمريكية» ما زال الفضاء يشكل أولوية قصوى، و«بصراحة تامة، المعلمون هم المهنة الوحيدة التى تعلم أولادنا، وآن للعرق البشرى أن يدخل النظام الشمسى»، وكانت هذه الزلات ضمن كتاب مايكل مور «رجال بيض أغبياء»، لكن الحال مع الرئيس بايدن تجاوز خلط التاريخ بالأسماء والجغرافيا بالمعانى، لتشكل قلقا مضحكا، وتثير مخاوف من انتخابات قادمة، يصر فيها الرئيس على أن ذاكرته جيدة، وفى نفس الوقت يخلط الأمور والأماكن والأسماء.