تتبنى الدولة المصرية استراتيجيةً تنمويةً ذات رؤيةٍ مستدامة تبهر من يطالعها ويدرك محتوياتها، وفى المقابل هناك من يتبنى تزييف الوعى لدى أبناء الأمة المصرية فى الوقت ذاته؛ حيث يبث بصفةٍ مستمرةٍ ومتواصلةٍ الأكاذيب والأفكار والتحليلات المغلوطة؛ ليحدث تشويهًا متعمدًا فى الفكر، وينقل الفرد من حالة الإيجابية لحالةٍ من الإحباط والسلبية، ومن دائرة اليقين لدائرة الشك المدعوم بالأباطيل والافتراءات والفبركة والادعاءات غير المنطقية.
وفى الآونة الأخيرة وتحديدًا بعد ثورة التصحيح (30 يونيو 2013م) والتى قضت على مخططات جماعات الظلام ودحضت مآربهم واستردت الدولة هويتها وبدأت فى تدشين الجمهورية الجديدة، سارعت هذه الجماعات الممولة فى تدشين العديد من قنوات الخزى والعار والتى أخذت على عاتقها سيناريوهات التشويه والتضليل؛ فتعمل ليل نهارٍ على بث السموم عبر السماوات المفتوحة تجاه الداخل المصري؛ بغرض تشكيك المصريين فى النظام وفقد كامل الثقة فيما تقوم به مؤسسات الدولة من إنجازاتٍ ومشروعاتٍ قوميةٍ.
واقسمت أدوات بث ونشر الشائعات بتنوعاتها المختلفة على أن تتبع سياسة الحذف والتزييف وإظهار جوانب القصور فيما تقوم به الدولة المصرية من مشروعاتٍ قوميةٍ؛ وألا تشير مطلقًا للجوانب الإيجابية الآنية أو المستقبلية، لتغيب الوعى والفهم الصحيح، وتستبدلهما بمغالطاتٍ ووعى مزيفٍ؛ لتحدث الاضطراب المنشود فى أجندتها بعيدة المدى، وتتسبب فى زعزعة الاستقرار المجتمعى، وتحاول جاهدةً أن تقلب الرأى العام على مؤسسات الدولة وقيادتها بشتى الطرائق والأساليب غير المشروعة.
وما أنجزته الدولة المصرية من مشروعاتٍ قوميةٍ تحت رعاية قيادتها السياسية الرشيدة ما كان للخيال أن يصل إليه، ولا للأحلام أن تبلغه، وهذا ما يستوجب أن يراه شبابنا رأى العين؛ ليتيقن من أنه لا تقدم للمجتمعات بعيدًا عن مشروعات تنموية بعيدة المدى، وأن بلوغ النهضة والرقى والوصول لحد الرفاهية مرهونٌ بثمرة تلك المشروعات المعجزة، وأنها السبيل الوحيد للخروج من حالة العوز لحالة العزة والكرامة؛ فمعظمها يرتبط بالتنمية الاقتصادية، وجزءٌ ليس بالقليل يُخدم على هذه التنمية.
وتتمتع المشروعات القومية للجمهورية الجديدة بالشمولية والانتشار فى ربوع الوطن بغرض إحداث توازنٍ اقتصادى، ودعم ماهية المواطنة لدى أفراد المجتمع، والنهوض بالدولة من عثراتها المتعلقة باقتصادها القومى، ناهيك عن البعد الأمنى والاستراتيجى للعديد من هذه المشروعات العملاقة، والتى تسهم فى زيادة الدخل القومى وإتاحة فرص العمل المتنوعة والمتعددة لأبناء الوطن، بما يؤدى إلى قوة الدولة ومنعتها تجاه التحديات العالمية التى لا تنتهى.
وإذا ما أردنا أن ندحر الشائعات المغرضة، وأن نعمل بمنهجيةٍ واضحةٍ على تنمية الوعى الصحيح لدى أبناء الأمة المصرية؛ فإنه يستلزم أن توضع الخطط التى تستهدف المشاهدة العينية لما قامت به الدولة من مشروعاتٍ ومطالعة مراحل وتطور كل مشروع الآنى منه والمستقبلي؛ حيث أن حب الاستطلاع والتجديد مصدرٌ ملهمٌ للمواطن، وينمى لديه الرغبة فى المشاركة، ويعضد من حسه الوجدانى، ويخلق لديه منعه وحصن وسياج قوى ضد ما تطلقه جماعات الظلام وأذرعها من شائعات خبيثة؛ فيستطيع أن يفند ما يثار من شائعاتٍ ويؤكد على صحة الواقع بقلبٍ مطمئنٍ وفكرٍ واعٍ.
ونحن لا نقلل من الدور الإعلامى الوطنى الذى يساهم على مدار الساعة فى نقل الأحداث المرتبطة بمشروعات الدولة القومية وخاصة أثناء مراحل الافتتاح التى يرعاها سيادة الرئيس، ويحفز من خلالها على استمرارية العمل وبذل الجهود المتواصلة والتفانى والاتقان والتى تُعد من مسببات النهضة والبناء لوطننا الغالى، ونود التأكيد على أن طبيعة المشاهدة والرؤية الميدانية تؤدى إلى تجديد الدماء فى الشرايين، وتحيى الأمل، وتبدد الظلام، وتكرث الحقيقة، وتبعثر جهود مزيفى الفكر والوعى.
إن شباب الأمة المصرية هم الدعامة الرئيسة للتنمية المستدامة فى مناشطها المختلفة وميادينها المتعددة بربوع الدولة، وأن صقل هوية شبابنا ينبغى أن يقوم على صدق فى القول ومصداقية فى الرؤيا والمشاهدة؛ فيسهم ذلك قطعًا فى تنمية مهارات التفكير العليا لديهم، ويؤكد فى قناعاتهم أن العلم والمعرفة والعمل المتواصل والإتقان سر النجاح، وأنه لابد من مسايرة التطوير واللحاق بقطار التقدم الذى باتت التقنية تلعب فيه دورًا فاعلًا، مما يستوجب على الفرد أن يكتسب الخبرات الوظيفية التى تسهم فى تنمية ونهضة مشروعات الوطن الحبيب.
إننا فى أشد الاحتياج إلى أن يمتلك شبابنا ثروة وطننا تراثًا سوسيولوجى تشكل من وعى صحيحٍ وفكرٍ رشيدٍ يساعد فى استكمال مراحل بناء ونهضة الدولة، ويعمل على حمايتها من كل مكروهٍ، ويعتز بانتمائه وولاءه لها، ويحافظ على مقدرات الوطن، ويدرك أن حضارته وتاريخ وطنه مصدر إلهامٍ، ومكون فخرٍ وعزةٍ، ومن ثم يقاوم ويدحر ما يثار من شائعاتٍ رخيصةٍ تستهدف تشويه الفكر وشق صف المجتمع وإضعاف وحدته.
وإذ نؤكد على مسلمة لا جدال حولها وهى أن الوعى يتشكل من معطياتٍ معرفيةٍ لا تنفك عن إدراكٍ متاخمٍ لها لدى الفرد، ومن ثم فإن مقومات الإدراك لا تنعزل عن ملاحظة ومشاهدة ورؤية للميدان؛ فيتآزر ذلك كله ليمنحنا المشاعر الصادقة والعواطف الطيبة والتفكير النقدى الإيجابى، بما يحمى الفرد من شر الفتن الكائنة فى غايات الشائعات المغرضة.
وكثيرًا ما أكد فخامة الرئيس على أهمية وضرورة مشاهدات الواقع؛ لتزول حالة الوعى غير الصحيح التى تسيطر على عقول وفكر العديد من بنى الوطن، ولتتوطن فكرة التنمية المنسدلة من حقائق لا مراء ولا تشكيك فيها.
حفظ الله وطننا الغالى وقيادته السياسية الرشيدة أبدَ الدهر.
أ.د/ عصام محمد عبد القادر
أستاذ ورئيس قسم المناهج وطرق التدريس
كلية التربية بنين بالقاهرة _ جامعة الأزهر