يعيد نتنياهو تعبئة جنود الاحتياط من أجل الاجتياح العسكري لرفح الفلسطينية، كما يكثف القصف الجوي على المدينة المكتظة بالنازحين، وهو القصف الكفيل حال تصاعده بدفع الفلسطينيين إلى الحاجز الحدودي.
نحن هنا أمام تغير نوعي واضح في الحرب، يتمثل في أن العملية الإسرائيلية في رفح "سواء بالقصف الجوي أو الاجتياح البري المنتظر"، مكشوفة الوجه تماما، فليس لها غرض سوى تهجير النازحين من رفح "آخر مدينة فلسطينية" إلى أرض سيناء. المشكلة الآن أصبحت تتعلق بمصر وسيادتها وأمنها القومي مباشرة.
ولا يمكن لأحد تصديق ادعاءات الإدارة الإسرائيلية بإعادة النازحين من رفح في الجنوب إلى الشمال، ويمكننا ببساطة إضافتها إلى مجمل الأكاذيب الصهيونية والأمريكية منذ بداية الحرب.
ويمكننا أن نضيف إلى تلك الأكاذيب أيضا، ما تعلنه الإدارة الأمريكية من تخوفات بسبب قرار نتنياهو باجتياح رفح، فمنذ بداية الأزمة والإدارة الأمريكية تعلن تخوفاتها وتحفظاتها واختلافاتها مع نتنياهو، وفي نفس الوقت يتم تسليم كل الأسلحة اللازمة لتنفذ إسرائيل مذابحها، لكن مجازر رفح مختلفة من حيث الكم والنوع، فعدد الشهداء يرتفع وسوف يتضاعف، ولن يجد النازحون مجالا للهرب من جهنم التي تنصبها إسرائيل سوى الفرار إلى سيناء.
كل هذه الملابسات المتعلقة بالموقف في رفح، تمثل تهديدا خطيرا للأمن القومي والسيادة الوطنية المصرية، ومخالفة واضحة لاتفاقية السلام بين الطرفين المصري والإسرائيلي.
إن رفح مفترق طرق بالنسبة للجميع، فالعالم إما أن يصل إلى قمة الوحشية بالصمت على ممارسات إسرائيل، وإما أن يتدخل سريعا لوقفها، والعرب إما أن يفيقوا، وإما سيستمرون في تقديم بلادهم لقمة سائغة لمخططات الغرب التي تتم في السودان والصومال والعراق واليمن وسوريا ولبنان وفلسطين.
وفي مصر، لا تترك لنا إسرائيل بضربها رفح أي خيار، فعنف القصف الجوي يتصاعد بشكل مخيف، ما يؤدي إلى بدء حركة نزوح الفلسطينيين، الذين بدأنا نرى صورهم على الحاجز الحدودي، فإما اتخاذ إجراءات حاسمة، قبل تنفيذ الاجتياح البري، أقلها طرد السفيرة الإسرائيلية من القاهرة وسحب السفير المصري من تل أبيب، وتعليق معاهدة كامب ديفيد، واتخاذ كل الإجراءات اللازمة لإدخال كل المساعدات الكافية لأهالي غزة، وإما سيتصاعد تطاول إسرائيل على حدودنا بتنفيذ الاجتياح البري في رفح، الذي يعتبر آخر حلقة من حلقات مخطط تهجير الفلسطينيين إلى سيناء، فإذا أردنا وقف المخطط، فلنبدأ الآن وفورا باتخاذ الإجراءات الكفيلة بوقف التغول الإسرائيلي.
إن الفرصة في الضغط والمناورة ستكون ضيقة جدا حال تنفيذ الاجتياح البري، فساعتها ستقل الخيارات، فلا مفر من التحرك الفوري، فانتظار الاجتياح البري معناه نجاح إسرائيل في إجبارنا على أحد الخيارين الكريهين "الحرب، أو التهجير".
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة