مسلسل الحشاشين من الأعمال المنتظرة بقوة خلال الموسم الرمضانى المقبل 2024، بطولة النجم كريم عبد العزيز، وهو من أضخم الإنتاجات التى تقدمها الشركة المتحدة للخدمات الإعلامية، وإعادة قوية للأعمال التاريخية، التى تبرز مجموعة من الشخصيات المهمة فى التاريخ، لها أثر كبير على مدار سنوات طويلة، حيث يقدم المسلسل بشكل تفصيلى طائفة الحشاشين.
ترجع الأصول الأولى لحركة الحشاشين إلى التيار الشيعى فى الإسلام، ذلك التيار الذى انقسم إلى فرقتين كبيرتين عند موت الإمام جعفر الصادق، الإمام السادس سنة 148هـ، وقد كان الإمام جعفر عهد بالإمامة إلى ابنه الأكبر إسماعيل، لكن مات إسماعيل أثناء حياة أبيه جعفر الصادق، وهنا حدث الخلاف بين الشيعة بشأن انتقال الإمامة إلى محمد بن إسماعيل أم أن من حق الإمام جعفر الصادق أن ينقلها إلى ابن آخر من أبنائه هو موسى الكاظم؟
ومن هنا ساقت مجموعة بقيادة ميمون القداح الإمامة إلى محمد بن إسماعيل وقالت ليس من حق الإمام جعفر نقل الإمامة إلى ولد آخر من أولاده، فى حين صرف الإمام جعفر بالفعل إلى ابنه الآخر موسى الكاظم، فكان ذلك هو عقد ميلاد فرقتى الشيعة الرئيسيتين «الإسماعيلية، والاثنا عشرية»، فالاثنا عشرية هى التى أيدت إمامة موسى الكاظم، أما الإسماعيلية بقيادة ميمون القداح فقد ساقت الإمامة إلى محمد بن إسماعيل، ولما مات ميمون حوالى 198هـ، خلفه ابنه عبدالله فى الدعوة إلى أبناء إسماعيل، وكانت الحركة بعد موت إسماعيل قد دخلت فى «دور الستر»، وأخذت تنمو وتتوطد دعائمها الفكرية، حيث عمل رجالها على تأليف المصنفات التى تنظر لدعوتهم وتدعو إليها، و ظهرت فى هذه الفترة الغامضة التى امتدت من موت إسماعيل حتى ظهور عبيد الله مؤسس الدولة الفاطمية، مجموعة رسائل إخوان الصفا التى أشرف على تأليفها الإمام أحمد، أحد الأئمة المستورين، حسبما جاء فى كتاب «أسرار الباطنية والفرق الخفية.. حركة الحشاشين» لمحمد عثمان الخشت.
وطوال فترة الستر التى تعاقب فيها ثلاثة من الأئمة المستورين، لم تحقق الدعوة نجاحًا كبيرًا إلا بظهور عبيدالله المهدى، الذى يعتبر ظهوره أقصى ما وصلت إليه الدعوة الإسماعيلية من نجاح، لا يقاس به إلا نجاح الدعوة الأولى فى تصدع الخلافة الأموية.
وعلى الرغم من نجاح الحركة الإسماعيلية "وهى الحركة التى ستنبثق منها حركة الحشاشين" فى تشييد دولتها فى المغرب الإسلامى، إلا أنها أخفقت فى نشر فلسفتها وتعميم عقائدها، لدرجة أن كل أثر فكرى لها زال بزوال نفوذها السياسى، وعلى النقيض من ذلك تمامًا سنجد الحال فى المشرق الإسلامى، ولا سيما فى إيران، فلقد أخفقت الحركة الإسماعيلية هناك فعلا فى تسلم السلطة السياسية، بل لقد هادنت السلطة القائمة فى كثير من الأحيان قبل مجىء الحسن الصباح، ولكنها نجحت بالمقابل فى فرض حضورها الفكرى على الساحة الثقافية، فهيمنت على عقول دينية وفلسفية مرموقة، وسيطرت على عدة مراكز علمية فى الرى وأصبهان وخراسان، وهكذا، فإن الحركة نجحت فكريا حيث فشلت سياسيًا، بينما حققت نجاحًا سياسيًا حيث توالى فشلها الفكرى.
وفى ضوء انتكاسات متوالية، وبعد أن استنفدت الدعوة الإسماعيلية فى إيران محتواها، أصبح من الضرورى البحث عن أسلوب عمل جديد، حيث فشلت سياسة التفتح والعمل من أجل الهيمنة الفكرية، فلم يبق إلا العمل السرى المنظم، وهذا ما فعله حسن الصباح مؤسس «حركة الحشاشين»، كما جاء فى كتاب «أسرار الباطنية والفرق الخفية.. حركة الحشاشين».
المؤسس
تعود أصول حسن الصباح إلى ملوك اليمن الحميرين، وكان أبوه يقطن الكوفة بالعراق، ثم انتقل إلى "قم" حيث مولد الحسن على الأرجح، وسافرت أسرته إلى مدينة "الرى" التى كانت من محاور اهتمام الدعاة الإسماعيليين، حيث كان لهم نشاط بارز بها، ويقول حسن فى شذرة ذكرها المؤرخ الفارسى علاء الدين الجوينى فى كتابه «جهان كشاى»: «منذ طفولتى، بل منذ السابعة من عمرى، كان جل اهتمامى تلقى العلوم والمعارف والتزود بكل ما استطيع منها فى سبيل توسيع مداركى، وكنت نشأت على المذهب الاثنى عشرى فى التشيع، ولم أكن أر فى غيره طريقًا للخلاص من آفات العالم».
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة