مها عبد القادر

التحول الرقمى.. التعليم أنموذجًا

الخميس، 22 فبراير 2024 07:00 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
يستهدف التحول الرقمي في العملية التعليمية إلي إكساب المتعلم خبرات التعلم في مجالاته (المعرفية والمهارية والوجدانية) وتتحقق أوجه التعلم المستهدفة وبالأحرى أهداف التعلم المخطط لها سلفًا، من خلال البيئة الرقمية، وفي هذا الإطار نقوم بتوظيف التحول الرقمي في التعليم؛ حيث يشير إلى استخدام التقنيات والوسائل الرقمية من أجهزةٍ ذكيةٍ وتطبيقاتها التعليمية؛ بالإضافة إلى المحتوى الرقمي التفاعلي؛ لتحسين عملية التعليم والتعلم وتوفير بيئةٍ تعليميةٍ متطورةٍ ومبتكرةٍ، وفي هذا الاطار أصبح رأس المال (المعلوماتي- المعرفي- الفكري) يشكل العامل الأكثر فعاليةً في تحقق أهداف المؤسسات التعليمية واستخدام التكنولوجيا الرقمية.
 
وهذا يترجم صوراً وأشكال التعليم عن بُعدٍ، المدعومة بتقنيات الواقع الافتراضي والواقع المعزز التي تسهم في توفير فرصٍ حقيقيةٍ للتعليم الشامل، والشخصي والتفاعلي والمستدام، ومن خلال ذلك يستطيع المتعلم أن ينمي مهارات التفكير النقدي والتحليلي من خلال ممارساتٍ متضمنةٍ في أنشطةٍ مقصودةٍ تجعل التعليم أكثر متعةً وفاعليةً.
 
وتوجد جهودٌ بارزةٌ على الساحة المصرية ساعدت في توفير التحول الرقمي؛ حيث عززت الدولة من البنية الأساسية للاتصالات، ووسعت من شبكة الأنترنت في شتى أنحاء وربوع الوطن، والتزمت العديد من قطاعات الدولة الرسمية على توظيف التقنيات في خدماتها المقدمة للجمهور المستهدف، وعملت على تطوير مهارات مستخدمي التقنية في كافة القطاعات والمؤسسات، ومن ثم شجعت على ريادة الأعمال التقنية، مع حرصها على تحقيق ماهية الأمن السيبراني في هذه المؤسسات. 
 
ولا نغالي إذ نقول إن التحول الرقمي بالمؤسسات التعليمية أضحى ضرورةً ملحةً يصعب الاستغناء عنها؛ فالأمر لم يكن مجرد تجربةٍ لفترةٍ تزامنت معها تحدياتٌ ارتبطت بالأوبئة؛ ولكن أصبحت تنمية مهارات سوق العمل التي تعتمد على التقنية أمرًا حتميًا؛ إذ يصعب أن ينال الفرد فرصة عملٍ مناسبةٍ دون هذه المهارات، وفي المقابل صار التعليم التقليدي عاجزًا عن ملاحقة تطورات سوق العمل المتغير في مكنونه ومكونه.
 
كما أصبح التحول الرقمي ضرورةً للتعامل مع التحديات الحالية والاستفادة من الفرص الجديدة المتاحة في عصر التكنولوجيا الرقمية، ولتحسين جودة التعليم وتمكين الطلاب والمعلمين من الاستفادة الكاملة للتحول الكامل في مجال التعليم والتواصل مع المواطنين والمتعلمين، كما يمكن أن يساهم في توسيع فرص التعليم والتعلم، وتحقيق المساواة في الوصول إلى التعليم، وتحسين جودة التعليم والتقييم، وتعزيز التفاعل والتعاون بين المعلمين والطلاب، وتطوير مهارات التعلم الذاتي والابتكار.
 
ومن خلال البيئة الافتراضية التي دشنها التحول الرقمي يمكن للمتعلم أن يكتسب خبرات التعلم بتنوعاتها من خلال أنشطةٍ مقصودةٍ مخططٌ لها سلفًا من قبل معلمٍ ماهرٍ يمارس أدواره الجديدة كموجهٍ ومرشدٍ وميسرٍ للعملية التعليمية، ويجعل الطلاب في حالةٍ من التفاعل والتعاون والتشارك حيال القيام ببعض المهام الجماعية، ويعطي في المقابل الفرصة للتعلم وفق القدرات في صيغة المهام الفردية التي يؤديها المتعلم خلال هذه البيئة ليتحمل مسئولية التعلم، ومن ثم تُراعى الفروق الفردية لكل متعلمٍ.
 
وتتمخض عن التحول الرقمي العديد من الإيجابيات كمساهمته في تطوير مهارات التعلم الذاتي لدى المتعلم، وتنمية قدراته تجاه مهاراتٍ أصيلةٍ يمارسها بصورةٍ ممنهجةٍ؛ فيستطيع أن يخطط وينظم أفكاره، ويتبنى سيناريوهاتٍ إجرائيةٍ تساعده على التنفيذ، كما يتمكن من تقييم أدائه؛ ليعمل على تحسينه وتطويره بشكلٍ مستمرٍ، ومن ثم تنمو لديه ملامحُ الاستقلالية، وحب الاستطلاع العلمي اللذان يمكنانه من التعلم المستمر مدى الحياة.
 
ويتسم التحول الرقمي بخلق بيئةٍ تعليميةٍ مرنةٍ يستطيع أن يحصل المتعلم خلالها على خبرات التعلم في أي وقتٍ وأي مكانٍ وفق قدراته؛ إذا ما توافرت لديه مقومات الولوج لشبكة الأنترنت، وفي ذات السياق تنمو لديه ثقافة الاطلاع والمطالعة والبحث المستمر، كما يكتسب استراتيجياتٌ متباينةٌ تساعده في الحصول على كل ما هو جديدٌ في المجالات التعليمية المختلفة، ويقابل ذلك نموًا مضطرداً في مهارات معلم المستقبل الذي يستطيع أن يصمم بيئةً تعليميةً تفاعليةً ثرية ًبخبرات التعلم المتجددة ليواكب التسارع المعرفي المضطرد.
 
وقد أضحت البيئة الرقمية التي يفرزها التحول الرقمي محاطةً بسياجٍ من الخصوصية؛ فهناك العديد من إجراءات الحماية على المحتوى الرقمي والبيانات الشخصية، وأيضا وجود أمانٍ وظيفيٍ وفرته الدول ساعد على سلامة استخدام التكنولوجيا في صورها المختلفة، ومن ثم أصبح الاستثمار في المجال الرقمي فرصةً عاليةً؛ فيمكن للشركات المتخصصة أن تنتج متطلبات واحتياجات رئيسةً سواءً كانت المكونات ماديةً أو برامج وتطبيقاتٍ ترتبط بالبيئة الرقمية.
 
ويواجه التحول الرقمي في التعليم بعض التحديات مثل التكافؤ في الوصول التقني وحماية البيانات وتحسين تدريب المعلمين على استخدام التقنيات الرقمية، ومع ذلك؛ فالتحول الرقمي له تأثيرٌ إيجابيٌ على جودة التعليم والتعلم وتوسيع فرصه للأفراد في المستقبل، بالإضافة إلى تحسين الكفاءة والفعالية في العملية التعليمية.
 
كما يفتح التحول الرقمي الأبواب أمام إمكانيات جديدة ومثيرة لجودة التعليم وتوفير فرصٍ متساويةٍ للجميع محققاً تكافؤ الفرص والعدالة التعليمية، وإدخال تغييراتٍ كبيرةٍ في طرق التعليم والتعلم والتدريس وتقييم وتقويم الطلاب، وإعداد وتحضير الأجيال القادمة لمواجهة التحديات والفرص في عالم متغيرٍ بسرعةٍ.
 
وفي ضوء ما سبق أصبح للتحول الرقمي تأثيراً كبيراً في مستقبل التعليم وخاصةً التعليم المصري؛ فاضحت جودته مرهونةً به، وصارت مهارات خريجيه شرطًا لتفوقهم وتمكنهم في العديد من المجالات العلمية والعملية والحياتية، وبات المعلم مطالبًا بالمزيد من المهارات والاستراتيجيات التي تتناغم مع البيئات الرقمية؛ ليصبح قادرًا على إعداد جيلٍ مواكبٍ لاحتياجات ومتغيرات سوق العمل، متمكنٍ، رياديٍ، منافسٍ في الفضاء المفتوح، يسهم بقوةٍ وإيجابيةٍ في تنمية، وتقدم، ونهضة بلاده. 
_________
أستاذ أصول التربية
كلية التربية للبنات بالقاهرة _ جامعة الأزهر 
 
 
 
 









مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة