تسعى الدولة المصرية إلى تنمية الاقتصاد من خلال مشروعاتٍ عملاقةٍ، ويأتي مشروع رأس الحكمة ليحقق الدفعة الكبرى في الجانب الاستثماري؛ لتتحول المنطقة التي تقع على رأس الساحل الشمالي إلى مزارٍ سياحيٍ عالميٍ؛ حيث تتميز بشواطئها الساحرة المبهرة؛ كونها من المدن السياحية البيئية ذات الطابع المستدام، وفي هذا المقام نؤكد أن الاستثمار يُعد شريان النهضة الاقتصادية، بل وقلب التنمية في مجمل مكوناتها؛ نظرًا لما يوفره من موردٍ نقديٍ أجنبيٍ وفرصٍ للعمل لا حصر لها، وآثار تحولٍ نوعيٍ في مخرجات الإنتاج.
ولا يسعنا إلا أن نثمن ونقدر جهود السيد الرئيس عبد الفتاح السيسي المتواصلة والداعمة لمجالات التنمية الاقتصادية بالدولة المصرية، والتي أسس لها منذ أن بدأت مرحلة النهضة والبناء لتأسيس الجمهورية الجديدة بمشروعاتٍ قوميةٍ كان منها شبكة الطرق وتدشين بنيةٍ تحتيةٍ ساهمت قطعًا في جذب مثل هذه الاستثمارات التي نراها الآن.
والتنمية الشاملة المستدامة في مصر تقوم على الاستقرار الاقتصادي الناتج عن صادراتٍ تفوق الواردات، وجودةٍ ذات صبغةٍ عالميةٍ يمكن من خلالها أن نصل لمستويات التنافسية فيما نقوم بإنتاجه؛ لنستطيع أن نغزو أسواقاً إقليميةً وعالميةً؛ فمصر تمتلك المقدرة للولوج لتلك الأسواق بكل سهولةٍ، وهذا بالطبع يؤدي لتمدد خطوط الإنتاج وخلق فرص عملٍ تلبي الطلب المتزايد عليه بصورةٍ مضطردةٍ.
ومن دلالات نجاح هذا المشروع الاستثماري الضخم أن هناك سياسيةً اقتصاديةً مصريةً تتلاءمُ وتنسجمُ مع ما يبحث عنه الاستثمار الأجنبي؛ حيث إن الاستقرار المجتمعي والتشريعي وحرية التداول والانسيابية في التعامل خلق بيئةٍ مواتيةٍ للنمو الاقتصادي في ربوع الوطن؛ بالإضافة للموقع الفريد الذي به من المميزات التي قلما تتوافر في مكانٍ آخرٍ، كما أن متطلبات العمل في هذا المشروع الكبير يفتح مجالاً للعمل المتواصل لكافة شركات المقاولات والتطوير العقاري في مصر، وهذا ما أشار إليه دولة رئيس الوزراء.
ورغم صلاحية البنية التحتية التي تم تنفيذها بالدولة؛ إلا أن مثل هذه المشروعات العملاقة سوف تعمل على صيانة وتطوير هذه البنية بالصورة التي تحقق من خلالها أهدافها ذات الصبغة المستدامة، ومن ثم تصبح التنمية الاقتصادية في بلادنا تنافسية يتمخض عنها المزيد من رؤوس الأموال التي تصب قطعًا في الدخل القومي للدولة؛ إذ تعتبر كل منطقةٍ استثماريةٍ أحد روافد النقد الأجنبي؛ فمن خلال هذا المشروع فقط وفي فترةٍ زمنيةٍ وجيزةٍ سوف تحصل الدولة على 35 مليار دولارٍ على دفعتين، كما صرح به السيد رئيس الوزراء.
إن الاستدامة التنموية الاقتصادية الذكية التي تبرمها الدولة مع الكيانات الاستثمارية الكبرى تعد بمثابة قاطرة للنهضة التنموية التي تشكل الهيكل الاقتصادي المتعافي؛ إذ تتوافر الموارد اللازمة للتشغيل، بما يؤدي إلى زيادة فرص العمل وخفض معدلات البطالة، وتنامي الخبرات والمهارات المتخصصة في شتى تنوعاتها؛ ليؤدي إلى مزيدٍ من الإنتاجية التي تنعكس طرديًا بزيادة الدخل القومي ومن ثم ارتفاع متوسط دخل الفرد من معدل الدخل العام، يتبعه زيادةٌ في المستوى المعيشي، كما تتمكن الدولة من تقديم الخدمات اللازمة لمواطنيها.
وذكاء الصفقة الاستثمارية تلك تمثل في عقد شراكةٍ بين هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة ممثلةٍ للجانب المصري والشركات والكيانات الاماراتية، بما ينعكس إيجابًا على تقديم الخدمات للمستثمر من الجانب المصري، كما يشجع المستثمر على التوسع في استثماره ويرغب في مزيدٍ من المشروعات، مما يزيد من معدلات التشغيل، ولا شك أنه يسهم في زيادة التكوين الرأسمالي للدولة المصرية.
وبالطبع عندما تصل الدولة لمعدلات تنموية تستوفي من خلالها احتياجاتها ومتطلباتها ويصبح لديها المقدرة على التصدير الذي يفوق بمراحلٍ كبرى الاستيراد سوف تعزف الدولة عن الاقتراض، ونحن نتطلع قريبًا أن تصل مصر لزيادةٍ في الفائض من النقد الأجنبي، ثم زيادةٍ تتابعيةٍ في القوة الشرائية للنقد المحلي مقابل النقد الأجنبي، ومن ثم نحقق حلماً يراودنا؛ حيث نصل للرفاهية الاقتصادية بعملٍ جادٍ ومتواصلٍ ومزيدٍ من الاستثمارات الذكية التي تصل بالدولة للنهضة المنشودة.
حفظ الله وطننا الغالي وقيادته السياسية الرشيدة أبدَ الدهر.