جغرافية مصر مزيج آسر من المناظر الطبيعية المتنوعة والأهمية التاريخية، وجودها شمال شرق أفريقيا ووجود نهر النيل جعل موقعها الجغرافى يلعب دورًا محوريًا فى تشكيل هويتها الثقافية وتاريخها الغنى، جغرافية مصر الجاذبة الأولى للسائحين، لم تبخل على جذب الاستثمارات داخل مصر، أرض الخير والقوة، ولكن التصور الأغلب عند البعض أن المشروعات التى تقوم بها الدولة المصرية هى أفكار وليدة اللحظة، وليست قائمة على دراسات سابقة بأهمية هذه المشاريع أو الأرضى التى ستقام عليها، ولكن جاءت رأس الحكمة لتصلح هذا المفهوم الخاطئ.
استطاعت مصر خلال الفترة الأخيرة فتح الأبواب للاستثمارات بشكل قوى، هذه الخطط موضوعة منذ عقود ولكنها كانت حبيسة، قائمة على دراسات نظرية ودراسات جدوى ليست محل تطبيق فى الماضى، ولكن فى الآونة الأخيرة يتم إحياؤها من جديد لإنشائها تباعاً فى خطة لتطوير مصر والنهوض بها واحتلالها المنافسة العالمية من جديد. فعلى سبيل المثال مشروع تطوير رأس الحكمة الذى تم توقيع عقده منذ أيام قليلة، قامت الدولة المصرية الممثلة فى الحكومة بدراسته منذ فترة، والدليل على ذلك مشروع القطار الكهربائى السريع الذى يتواجد فى إحدى محطاته محطة خاصة برأس الحكمة، هل ذلك صدفة أم أنه دراسة مستوفية لتعمير تلك المنطقة والاستفادة بها اقتصادياً وتجارياً وسياحياً؟، وأيضاً لن يكون هناك مستثمر إلا بوجود دراسة جدوى حقيقية لمدى أهمية المشروع، الأمر الذى أدى إلى استثمار الإمارات فى ذلك المشروع والموافقة على الشروط المصرية بدون أى مفاوضات تذكر.
جدير بالذكر، أن المستثمر دولة وليس بنكا المعروف بشروطه الصعبة فى دراسات المشاريع التى تصل للتعجيز فى بعض الأحيان، أليس ذلك دليل كاف على أهمية وجدوى المشروع؟، رأس الحكمة مشروع يتضمن مشاريع كثيرة مثل العاصمة الإدارية والعلمين الجديدة والتى تستهدف البنية التحتية الاقتصادية لمصر على المدى البعيد، واستطاعت مصر بشبكة طرقها الجديدة أن تربط كل تلك المدن فى سهولة ويسر، وذلك أبلغ رد على المشككين فى تطوير شبكات الطرق فى مصر، والتى تؤدى فى نهاية المطاف لتوجيه النظر إلى مصر كمحطة عالمية تستطيع استقطاب استثمارات خارجية، لأنها قادرة على توصيل الخدمات بسرعة وسهولة ويسر، وهو ما يريده المستثمر الأجنبى على كل حال. فلنحاول أن نتخيل أن المشروع يبدأ قبل الربط بالقطار الكهربائى وشبكة الطرق، وأيضاً قبل توفير الخدمات اللوجستية بالمنطقة المطروحة للمشروع، السؤال هنا؛ هل سيكون هناك مستثمر جاد حينئذ؟ وهل سيقبل نسبة مشاركة مصر فى المشروع بتلك النسبة؟ بالطبع لا.
مصر حالياً فى مرحلة الحصاد لتلك المشاريع لإقامة أخرى جديدة تخدم مصر على المدى الطويل، فالدولة تقوم بـ"بيزنس" لا يعيه إلا عتاولة الاقتصاد فى العالم، بعيداً عن دعوات المشككين فى استطاعة مصر تحقيق نهضة حقيقية وشراكة دولية فى ظل الأزمات التى فى المنطقة والتى تؤثر بشكل كبير على الاقتصاد المصرى. تلك المشاريع هى نتاج لما تم تنفيذه منذ سنوات، ونتيجة للعمل والمجهود الجبار التى قامت به الدولة، وما زالت تلك هى البداية، ولكنها إشارة على أن مصر هى فعلاً "رأس الحكمة".
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة