فى الوقت الذى تنعقد فيه جلسات الحوار الوطنى بناءً على دعوة الرئيس السيسى، أعلنت الحكومة عن صفقة الشراكة المصرية الإماراتية فى رأس الحكمة، ومن بين ما أعلنه رئيس الوزراء خلال المؤتمر الصحفى لإعلان الصفقة أكد أن توجهات الإنفاق العام خلال المرحلة المقبلة ستركز على التعليم والصحة، باعتبارهما أهم المجالات التى تتطلب المزيد من الخطوات لإنهاء مشروع التأمين الصحى الشامل ودعم تطوير التعليم العام والعالى بالشكل الذى يربط التعليم الجامعى بسوق العمل.
وفيما يتعلق بالجزء الأول من الحوار الوطنى، فقد نجح فى بناء جسور الثقة والتفاهم بين الدولة والتيارات السياسية والمنظمات الأهلية وبين التيارات وبعضها من جهة أخرى، وتوسيع قدرة الجميع على التوافق، وقد وجه الرئيس بتخصيص مسار حوار وطنى حول الاقتصاد، وكيفية معالجة الأزمة الاقتصادية وانعكاسات الأزمة العالمية، ومنح فرصة لوضع رؤى خبراء من مختلف المدارس للتعامل مع الاقتصاد، وكيفية معالجة التضخم والسوق، وبرامج عمل للمرحلة القادمة، وأولويات المجالات التى تستحق التركيز مثل الصناعة والزراعة وجذب استثمارات خارجية.
الاقتصاد يأتى فى المرتبة الثانية من تركيز مطالبات الحوار الوطنى بنسبة 34 %، بعد القضايا المجتمعية التى احتلت 37 % وجاءت فى الترتيب الأول، ثم جاءت السياسة فى آخر الاهتمامات، حيث يحتل الاقتصاد مكانة كبيرة بحكم انعكاسات الأزمة العالمية على اقتصادات العالم، وكيفية التعامل معها محليا من خلال إجراءات وخطط معلنة، وإجراءات اجتماعية واقتصادية للتعامل معها، وأن توضع هذه الانعكاسات فى الاعتبار عند مناقشة المحور الاقتصادى وطرح حلول غير تقليدية فى مواجهة وضع اقتصادى غير مسبوق، وليس له سوابق بنفس الشكل.
وتشغل قضية قدرات الاقتصاد على جذب استثمارات أو تنشيط مجالات سريعة العوائد، ضمن المحاور المهمة التى تتطلب تعاملا من خلال الأفكار المتنوعة، وكيفية توظيف ما تحقق من خطوات وإنجازات فى البنية الأساسية من طرق ومحاور وطاقة ووسائل نقل حديثة، تمثل عنصر جذب للاستثمار، بما يجعل الحوار متسعا للكثير من الأفكار القابلة للتطبيق، وبدائل اقتصادية محلية، وحلول من داخل الصندوق وخارجه.
إذا جئنا إلى ملف الصناعة نرى أنه يرتبط بكل المجالات الأخرى، ويتقاطع معها، وعلى مدار السنوات الأخيرة اتجهت خطط الدولة لتأسيس بنية أساسية من الطرق والطاقة، والمدن الصناعية، بما يفتح المجال للتوسع الصناعى، وحل المعادلات والتساؤلات عن كيفية تشجيع القطاع الخاص، ليعمل من خلال خطط واحتياجات المجتمع، وتوفير منتجات محلية تقلل من الضغط على الاستيراد، وتفتح مجالات لفرص عمل وعوائد.
ملف الصناعة ينقلنا إلى أهمية التعليم الفنى والتركيز على التخصصات الجامعية والفنية المرتبطة بسوق العمل، مع وجود اتجاه لإقامة صناعات تكنولوجية وتوطينها فى مصر، سواء فى المنطقة الاقتصادية فى قناة السويس، أو فى أقاليم الصعيد التى شهدت مصانع للموبايلات ببنى سويف، أو مدينة الروبيكى التى تم نقل المدابغ إليها وتحديثها وتزويدها بالتكنولوجيا، لاستعادة صناعات الجلود للإنتاج المحلى والتصدير، بجانب مصانع النسيج الحديثة، ونحتاج التركيز فى الصناعات التكنولوجية، والسيارات وغيرها من الأنشطة التى تتجه الدولة فيها نحو توطين الصناعة، خاصة فى المجالات التى تتوافر لها أسواق محلية وإقليمية.
الفرصة سانحة أمام الخبراء والمشاركين فى الحوار الاقتصادى، خاصة وقد أعلن رئيس الوزراء الدكتور مصطفى مدبولى، فى اجتماعه مع أعضاء مجلس أمناء الحوار الوطنى، أن الرئيس السيسى وجه الحكومة بسرعة ترجمة ما يتم التوصل إليه من مخرجات وتوصيات الحوار سواء بمرحلتيه الأولى أو الثانية إلى خطط تنفيذية، لتحقيق المستهدفات فى مختلف القطاعات، وتشكيل مجموعات عمل ومجموعات تنسيق مشتركة من الحكومة، وأعضاء الحوار الوطنى، لمتابعة تنفيذ مخرجات المرحلة الأولى من جلسات الحوار، وأن الوزراء والمسؤولين المعنيين جاهزون للمشاركة.
كل هذا يجعل الفرصة سانحة لحوار متنوع بمشاركة واسعة، تضمن إقامة جسور بين النظرى والتنفيذى، ووضع أولويات العمل بما يضمن توسيع الفرص والعوائد ويعود بالفوائد على الدولة والمجتمع.