كل إنسان يبحث بداخله عن المعنى الشريف، ينقب في روحه, يريد أن يظهر أفضل ما لديه، ما فيه من معاني إنسانية،يحب الكرم والشجاعة والخير والصبر والجمال والرحمة يريد أن تبدو عليه هذه الصفات بقوة،تتمثل فيه، يلبسها رداء ليبدو في أحسن هيئة، ولكن الكثير يحاول ولا يوفق، يعجز عن الوصول إليها, فهي ليست بالشيء اليسير التي يناله، فهي أيضا تحتاج إلى حرب يخوضها ضد الطمع والجشع والأهواء والنزعات, التي تلح عليه،شهوات الجسد والأثرة وحب النفس، لها حوائط ومصدات، إن أجتاز أحدها، قابلته أخرى، فمنهم من ييأس من نفسه،عند أول محاولة، وآخر يعيد الكرة، ويسقط في منتصف الطريق، أم هؤلاء الذين يفلحون في الوصول إليها، فهم الصفوة التي تضحي بكل شيء من أجل إحياء المعاني الكبرى, هم الذين امتلأت أجسادهم بالطعنات، وعانوا الفقر، وضربات القدر، ولكنهم يعلمون أن ما يسعون إليه هو أسمى ما يحصل عليه الإنسان، ويشعر به حين ينتصرون للمعاني السامية، التي امتلئوا بها،وعاشت معهم وجاهدوا من أجلها فهي أعظم الثروات، فإن انتصارهم على أجسادهم، ووقوفهم بقوة أمام عجزهم وضعفهم،هو أكبر قيمة من أي ثروة أخرى, فأخطر الحروب التي يخوضها الإنسان، هي الحرب ضد نفسه، وإنهم بذلك حسموها حين انتصروا لأرواحهم في عالم أنقى، وإنهم أكبر في عيون
إن إرادة الحياة تكمن في ذلك الجوهر، في تلك الحقيقة الكبرى، إنها انتصار لحقيقة الإنسان الروحية, وأن هذه الحقيقة لا ترتبط بالمال وزيادته وتكدسه, لتنتهي به المطاف في إشباع غرائز الجسد الفانين فالمعاني أشمل وأرقى وأبقى، وهي التي تحدد قيمة الإنسان وقدره، يتنفس فيها، وينفخ فيها من روحه، فتتمثل حياة ذات معاني، ولولاها لما شعر في قرارة نفسه بقيمة إن البحث عن تلك المعاني دأب الجميع، فيتخذون طرقات ومواقف سعيا ورائها، حتى أخسهم نفسا يظهر غير ما يبطن، يظهر حبه وانتماءه إليها، يخادع نفسه في عجزه عن تحصيلها، حتى ولو بالدهاء, إننا نريد أن نحيا حياة نظيفة, لكن حين ننوي نقف عجزة، فتموت فينا ولا يموت الإعجاب بها، إنه يبحث عن خير ما في الإنسان، وإنه الضعف عن الوصول، سلك شائك لا يجتازه إلا أصحاب النفوس القوية والخلق القوي، قد تتجلى تلك المعاني الإنسانية، في كثير مما يحيط بنا ويدور في فلكنا فالحياة مليئة بتلك المعاني تتعدد وتتنوع, وقد تجمعها أصول أكبر كل بحسب طاقته وقدرته على الوصول إليها, فمنها ما يتخطى من الفرد إلى العائلة، إلى القرية، إلى البلدة، فتكبر وتنمو فالنفوس على درجات متفاوته في تحصيلها، وفي قوتها وفي طموحها، نحو المعاني، فتصل بإنسان إلى الإنسانية جميعا، فيكون رأسها الحكماء والفلاسفة فمن ينظر إلى الحياة نظرة شاملة، ينظر إلى الإنسان في كل بقعة على وجه الأرض، ولا تحده حدود، أو أسوار عن نظرته بقطع النظر عن جنسه ولونه ودينه، حيث لا عصبية ولا قيود تقيد نفسه وعقله.
دائما ما نجد الإنسان الباحث عن ذاته، فيما يحيط به يبحث عن وجوده وعن أهميته عن دوره في الحياة، عن تأثيره عما تقدم يده من إنتاج.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة