جميل أن تكون رقيقا وذوقا ومهذبا، فهذه صفات رائعة، بل وفي أحيان كثيرة تكون أكثر من رائعة، ولكن لا تُطلق لصفاتك الرائعة العنان بشكل يجعلها تبدو على غير ما هي عليه، فأحيانا بعض الصفات الطيبة إذا لم يُغلفها التوازن وعدم المبالغة، تظهر بصورة مشوشة، وقد ترتدي ثوبًا مناقضًا لحقيقتها، لذا من المنطقي أن يختار الإنسان طريقة التعامل مع كل شخص، وألا يخرج عن الإطار الذي يُغلف شخصيته، ولكن دون أن يُفرط في سلوكياته بشكل قد يجعله يشعر أنه لا يعرف نفسه.
فهناك أشخاص تجعلك تندم على أنك أظهرت كل ما في جُعبتك من صفات طيبة، بسبب عدم إدراكهم للمعاني الجميلة التي تحملها بداخلك، وللأسف، لو تسلل لك هذا الشعور ربما تنقلب إلى النقيض، وهنا ستخرج من عباءة نفسك وتدخل في دائرة جوفاء لن تجد نفسك فيها على الإطلاق، وكل هذا سيحدث بسبب إفراطك في السلوك الذي يصعب على البعض فهمه وإدراك معناه، والأحرى بك أن يكون بداخلك ترمومتر يدفعك إلى وضع نقطة نظام عند الحاجة، وعند استشعارك أن مَنْ أمامك سيستغل حسن نيتك، وطيب خلقك، فلا تبالغ في إظهار سماتك، واجعل التوازن عنوانك.
وصدق مَنْ قال: "لا إفراط، ولا تفريط"، فالأفضل دائمًا للإنسان أن يعرف مَنْ أمامه قبل أن ينزلق في تصرفات قد تنال منه، بسبب عدم استيعاب الآخرين له، فالبعض لا يعي التلقائية، وهناك مَنْ لا يقدر الطيبة، وآخرون يستغلون حسن النية، وصاحب تلك الشيم يكون في النهاية هو الضحية.
وللأسف، الضحية إما أن تُصاب بجُرح غائر، أو تُقرر العزلة والوحدة، أو تتحول إلى الشخصية المتناقضة تمامًا، وكل هذا لن يضر الآخرين في شيء، ولكنه سيضر صاحب الشأن وحده، بسبب تلقائيته في إظهار كل ما بداخله مع أشخاص لا يعرف كًنْههم.
وبالمناسبة، كل مَنْ تبدلت أحوالهم، وتغيرت مبادؤهم، وتحولت سلوكياتهم، كانوا ضحايا التلقائية المفرطة، والإفراط في إظهار ما بداخلهم، والتعامل ببساطة شديدة مع مَنْ لا تربطهم بهم سابق معرفة، ويمكنني تجنب كل هذا بأمر بسيط للغاية، وهو التوازن في التعامل حتى تتضح لنا الصورة، وتنجلى لنا الرؤية.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة