الدورة الحالية لمعرض القاهرة الدولي للكتاب رقم 55 والتي من المقرر أن تنتهي اليوم حققت نجاحا كبيرا ولافتا ويمكن اعتبارها " دورة استثنائية" في تاريخ معرض القاهرة الدولي للكتاب منذ تأسيسه وانطلاقه عام 1969 بأول رئيسة له الدكتورة سهير القلماوي بتكليف من وزير الثقافة وقتها الدكتور ثروت عكاشة
فالمعرض هو الأكبر جماهيريا على مستوى العالم – كما قال الدكتور أحمد بهي الدين رئيس الهيئة العامة للكتاب- مع مشاركة1200 دار نشر من 70 دولة حول العالم و5250 عارضا على مساحة 80 ألف متر مربع.. وربما يأتي المعرض هذا العام الأول على مستوى العالم وقبل معرض فرانكفورت الدولي من حيث الاقبال والتنظيم الذي أشاد به الجميع وهو ما يحسب لوزارة الثقافة والجهات المعنية الآخرى.
المعرض في مقره الجديد بمركز المعارض بالتجمع الخامس لم يمثل أي عائق أمام اقبال غير مسبوق للعام الثالث على التوالي – وخاصة الدورة الحالية- من الجمهور وزيارة ما يقرب حتى اللحظات الأخيرة اليوم الثلاثاء من 5 ملايين زائر من مختلف الأعمار والشرائح الاجتماعية.
حجم الاقبال يؤكد أن الكتاب الورقي مازال له جمهوره الكبير من كافة الأعمار وأنه مازال له مذاقه الخاص في القراءة وفي التعامل معه رغم ثورة التكنولوجيا الحديثة والذكاء الاصطناعي، وهو ما يمنح الثقة في الاستمرار في طباعة الكتب على الرغم من الصعوبات والتحديات التي تواجه صناعة الكتاب في السنوات الأخيرة مع زيادة أسعار الورق الى أرقام خيالية وأسعار الطباعة والشحن وغيرها من عناصر الصناعة. فالكتاب المطبوع مازال – كما قال المتنبي- خير وأعز صديق في الزمان وهو ما يشجع القائمون على الصناعة بضرورة الحفاظ عليها مع ضرورة دعم الدولة للقائمين على هذه الصناعة
ما يلفت الانتباه للزائر هو ظهور جيل جديد من المؤلفين والكتاب الشباب الذين يخاطبون عقل وتفكير الأجيال الجديدة بالروايات البوليسية والنفسية وروايات الرعب – مثل أجاثا كريستي على أيامنا- وبعض هؤلاء المؤلفين وظفوا التكنولوجيا الحديثة ومواقع التواصل الاجتماعي لخلق جمهور عريض لإنتاجهم الأدبي أيا كان نوعيته وقيمته، وهي ظاهرة ينبغي الانتباه لها لمعرفة ماذا يقرأ الشباب وما اهتماماتهم الثقافية والفكرية. فالحضور الطاغي وطوابير الانتظار لشراء هذه النوعية من الكتب والحصول على توقيع مؤلفها ظاهرة يجب دراستها وبحثها بدقة من القائمين على المعرض و المثقفين والباحثين الاجتماعيين لمعرفة أسبابها ونتائجها.
الأمر الآخر اللافت للانتباه – وهو ما لاحظته عند زيارتي للمعرض- هو حجم الاقبال المهول على دور النشر الحكومية وخاصة مطبوعات أجنحة الهيئة العامة للكتاب وهيئة قصور الثقافة والمركز القومي ودار المعارف والسبب انخفاض أسعار المطبوعات في هذه الأجنحة
فقد تراوحت الأسعار بين جنيه و30 جنيه للكتاب الواحد من كافة أنواع الكتب التاريخية والاجتماعية والسياسية والأدبية والطبية وغيرها.
وأتوقع أن تبلغ مبيعات هذه الأجنحة أرقاما قياسية مقارنة مع الدورات السابقة وهو ما يدفعني الى اقتراح لمعالي وزيرة الثقافة الدكتورة نيفين الكيلاني و رئيس الهيئة العامة للكتاب الدكتور أحمد بهي الدين بإمكانية إقامة معرض دائم بمركز المعارض لهذه الأجنحة فقط لزوار المعارض المتنوعة التي تقام على مدار العام وتكون متاحة أيضا للجمهور العادي الزائر للمكان. وأيضا يمكن التفكير في إقامة معارض دائمة لأجنحة هيئة الكتاب وقصور الثقافة والمركز القومي الترجمة ودار المعارف في مراكز الشباب على مستوى الجمهوري أو على الأقل في مركزين للشباب بكل محافظة من محافظات مصر – لدينا في مصر حوالي 4500 مركز شباب- لتحقيق معادلة مهمة وهي اتاحة الثقافة للجميع بعرض كنوز ثقافية انتجتها الدولة حاليا وفي مراحل زمنية سابقة لكبار الكتاب والمؤلفين والمبدعين ليقرأها الجميع وبأسعار رمزية. علاوة على تحقيق العائد المادي المناسب لوزارة الثقافة من خلال بيع هذه الكتب المكدسة في مخازن الوزارة مع إمكانية طبعها مرة أخرى.