تعمل الدولة المصرية وقيادتها السياسية على تحقيق نظرية العدالة الاجتماعية في إدارة اقتصادياتها بمختلف تنوعاتها؛ حيث إعطاء كل فردٍ ما يستحق، وتوزيع الموارد المادية في ضوء معاييرٍ محددةٍ، وتوفير الاحتياجات الأساسية من رعايةٍ صحيةٍ وتعليميةٍ واجتماعيةٍ وغيرها من أنماط الرعاية بصورةٍ متساويةٍ؛ بالإضافة للمساواة في إتاحة الفرص التي تسمح للفرد بأن يصل وفق جهوده إلى ما يستهدفه من غاياتٍ مشروعةٍ على المستويين العام والخاص.
وما نشهده من توجيهاتٍ وقراراتٍ رئاسيةٍ يؤكد على دور الدولة المصرية الفاعل في تحقيق الحماية الاجتماعية؛ حيث لا مجال للتقاعس عن المهام الرئيسة التي تقدمها لرعاية كافة فئات الشعب بما هو متاحٌ من موارد؛ ليستطيع المواطن أن يفي بمتطلباته الأساسية، وأن يستشعر دأب الدولة وجهودها المتواصلة في توفير احتياجاته، ومن ثم نيل حقوقه؛ ليصبح مسئولًا عن حماية مجتمعه واستقراره وشريكًا في التنمية بكافة أنماطها؛ ليؤدي ما يوكل إليه من مهامٍ بإتقانٍ وتفانٍ؛ ويستطيع أن يواجه الصعوبات والأزمات والتحديات على المستويين الداخلي والخارجي.
إن ما تقدمه الدولة من حمايةٍ اجتماعيةٍ لا يعني فقط خروج بعض فئات المجتمع من حالة العوز؛ لكن هناك أهدافًا استراتيجيةً بعيدة المدى تكمن في تأهيل فئات المجتمع للعمل على زيادة الإنتاجية في منابر الاقتصاد المختلفة بكافة قطاعات الدولة؛ لتنمو مهارات العمل التنافسية، وتتأصل لدى الفرد القيم الاقتصادية المحمودة، كما تقوى شبكات التضامن الاجتماعي بين أطياف الشعب ومؤسسات الدولة؛ لتتعاظم قيم الولاء والانتماء بصورةٍ تؤكد عليها ماهية المواطنة الصالحة.
إن ما جاء من تفصيلاتٍ تضمنتها حزمة الإجراءات الاستثنائية للحماية الاجتماعية التي أصدرتها القيادة السياسية تؤكد بشكلٍ واضحٍ على أن الرئيس على مسافة الصفر من شعبه؛ إذ يشعر بآلامه وأناته ومعاناته وظروفه الصعبة، ويعمل بكل طاقةٍ وجهدٍ متواصلٍ ودأبٍ مستمرٍ على تحسين ظروف المواطن رغم التحدي الاقتصادي العالمي الجم، وهذا ما يؤكد مقدرة الدولة على كسر حالة الفزع والخوف من الركود، وأن هناك المزيد من الفرص التي تجعل المواطن إيجابياً كي يستطيع أن ينهض بنفسه وبمن يعول، بل وبوطنه؛ ليحقق التنمية الشاملة المستدامة بمزيدٍ من العطاء، وليحصد على مقربةٍ من الزمن ثمرات صبره ونتاج تحمله.
إن ما جاء من توجيهاتٍ رئاسيةٍ بشأن الحماية الاجتماعية يؤكد على ماهية الشمول والمشاركة والشراكة والعدل والمساواة ورغبة تحقيق كرامة العيش بعيدًا عن مزايداتٍ وتشدقٍ لا جدوى ولا طائل منهما؛ فالدولة غايتها بناء المواطن وفق فلسفة الاندماج الاجتماعي التي تؤكد على مسارات النهضة الناجحة؛ فيصعب أن تنهض الدولة بعيدًا عن عنصرٍ بشريٍ يستوفي حقوقه، ويمتلك المقدرة على العطاء، ويستطيع أن يساعد بصورةٍ حقيقيةٍ في مسارات التنمية الاقتصادية بربوع الوطن.
وضمانة تحقيق ما وجه به رئيس الدولة يتوقف على ما تقوم به مؤسسات الدولة من إجراءاتٍ تعمل على ضبط الأسواق، وتؤكد بأنها على جاهزيةٍ تامةٍ لإنفاذ القانون الذي من شأنه يضبط السلوك، ويدحر غايات المنتفعين والمحتكرين وأصحاب الأجندات الخاصة الذين لا يطلعون إلا لمصالحهم الخاصة، ومن ثم يقع على المواطن ذاته مسئوليةٌ جليةٌ، تكمن في وعيه الرشيد الذي يحسه على ألا ينصاع لسيناريوهات الاستغلال، ويكون رهن المساومة المقيتة ممن يتجارون بقوت الشعب، ويرقصون على آلامه دون وازعٍ أخلاقيٍ.
وتحمل حزمة الإجراءات الاستثنائية للحماية الاجتماعية التي وجهت بها القيادة السياسية الرشيدة دلالةً مفادها، أن أولويات الدولة تبدو في تحقيق الأمان الاجتماعي للشعب المصري العظيم، ومن ثم فإن جدول الأعمال الرئيس للدولة يقوم على هذه الحماية؛ ليستطيع المواطن المصري أن يستكمل مسيرته نحو البناء، وأن يعي بشكلٍ صحيحٍ علاقته بالنظام السياسي، الذي لا يأل جهدًا في توفير وتلبية متطلباته بكافة تنوعاتها؛ فالتنمية رهن استقرارٍ مجتمعيٍ يستوفي احتياجاته الأساسية.
ولندرك أن نهوض الدولة المصرية في ملفها الاقتصادي مرهونٌ بالوعي المجتمعي لمشروع الدولة القومي والاستراتيجي؛ فالمسئولية والقواسم مشتركة، والانخراط فيه والمشاركة تتوقف على استعداد يتأتى من قاعدة الاستقرار؛ لذا حرصت الدولة أن تنتهج مسار البرنامج الاقتصادي الإصلاحي لتقلل الفجوة بين فئات الشعب، وتمكن الجميع بمقوماتٍ رئيسةٍ تساعد على الإنتاجية، وتقى من حالة العوز، وتُسهم في تحقيق الاتاحة بمفهومها الشامل؛ لتسمح بالانخراط الكلي للمجتمع دون استثناءٍ أو إقصاءٍ لأحدٍ.
وما جاءت به القيادة السياسية من توجيهاتٍ تخص الحماية الاجتماعية يؤكد أن مصر الآمنة نسيجها يتسم بالقوة؛ حيث إن شبكة الأمن الاجتماعي لا نظير لها؛ فهذا برنامج تكافلٍ وكرامـةٍ الذي يستهدف الفئات المستحقة بالمساعدات النقدية المباشرة، والتي تأتي تحت مظلة شبكة الأمن الاجتماعي، وغيرها من صور الشراكة والمبادرات التي تؤكد على تضافر وترابط الشعب المصري العظيم، وفي ضوء ذلك نستطيع القول بأن حزمة الإجراءات الاجتماعية والمتزامنة مع إجراءات التقشف الحكومي، وجهود الدولة المتواصلة في الحد من الاحتكار، وتصديها لكل أعمال الفساد والإفساد المتعددة، سوف يؤدي لنتائجٍ ملموسةٍ في التغلب على الأزمة الاقتصادية ببلادنا الحبيبة.
نثمن قرارات الرئيس التي تُساهم في التحول الاجتماعي الإيجابي الذي يؤثر بشكلٍ مباشٍر في النهضة الاقتصادية بالبلاد؛ فمن يمتلك مقوماته الأساسية يستطيع أن يشارك في برنامج الإصلاح الاقتصادي الذي يقوم على وعيٍ مجتمعيٍ وإرادةٍ سياسيةٍ وفكرٍ مستنيرٍ منسدل من ثقافة وخبرة تسهم بفعالية في إحداث التنمية الاقتصادية المنشودة والمحددة في خطة ورؤية الدولة الاستراتيجية وفق مراحلها المعدة سلفًا.
نثق في مؤسسات الدولة الوطنية التي تعمل على مدار الساعة من أجل تحقيق الانضباط، واتخاذ الإجراءات التي من شأنها تضمن سلامة المواطن وتجنب تعرضه لسُبل الاستغلال، ولدينا طموحاتٌ وآمالٌ لا تنتهي في ضوء ما نراه من حماسةٍ وجهودٍ مضنيةٍ تبذلها قيادتنا السياسية الرشيدة في ملفات الدولة المختلفة على الصعيدين الداخلي والخارجي، والقادم بمشيئة الله تعالى أفضل لشعبٍ عظيمٍ يستحق.
حفظ الله وطننا الغالي وقيادته السياسية الرشيدة أبدَ الدهر.
__________
أستاذ ورئيس قسم المناهج وطرق التدريس
كلية التربية بنين بالقاهرة _ جامعة الأزهر