الزينات والفوانيس تغيب عن مدينة الصلاة.. الشيخ عكرمة صبرى: الاحتلال يخلى المسجد الأقصى بالقوة ويمنع أهالى الضفة ليفسح المجال لليهود المتطرفين.. لا يسمح للفلسطينيين بالدخول إلا الشيوخ فوق الـ70.. والأقصى خط أحمر

الإثنين، 11 مارس 2024 12:00 م
الزينات والفوانيس تغيب عن مدينة الصلاة.. الشيخ عكرمة صبرى: الاحتلال يخلى المسجد الأقصى بالقوة ويمنع أهالى الضفة ليفسح المجال لليهود المتطرفين.. لا يسمح للفلسطينيين بالدخول إلا الشيوخ فوق الـ70.. والأقصى خط أحمر الشيخ عكرمة صبرى
كتبت - آمال رسلان

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
تخلت القدس المدينة المقدسة عن حلتها، وأبت أن تتزين احتفالا بقدوم شهر رمضان المبارك كما هو معتاد كل عام، فى حين يقبع مئات الآلاف من الفلسطينيين على بعد 78 كيلومترا من المسجد الأقصى المبارك، فى قطاع غزة بدون كسرة خبز تسد جوعهم بعد 5 أشهر من حرب إسرائيلية ضارية هدمت البيوت والنفوس.
 
الحرب على القطاع لم تكن منفصلة عن الفلسطينيين فى الضفة الغربية والقدس الشرقية الذين احترقوا بنارها، وتعرضوا لكل صنوف التضييق والانتهاكات من قبل إسرائيل والمستوطنين اليهود على مدار الـ150 يوما الماضية، وفى حين أن شهر رمضان المبارك له طقوسه الخاصة فى القدس الشرقية والبلدة القديمة، حيث يقبع المسجد الأقصى أولى القبلتين وثالث الحرمين، إلا أن الحزن خيم هذا العام على الأرجاء.
 
اختفت الزينات والفوانيس من الشوارع، فهذا العام يحل شهر رمضان فى ظروف خاصة جدا، بينما تحولت أنظار العالم إلى المسجد الأقصى فى ظل التهديدات الإسرائيلية بمنع المصلين من دخول الأقصى تارة، والإعلان عن تضييقات تارة أخرى، وهو الأمر الذى اعتبره خطيب المسجد الأقصى، الشيخ عكرمة صبرى، نذيرا باضطرابات واسعة قد تتجاوز مداها حدود فلسطين.
 
ورغم إعلان الحكومة الإسرائيلية أنها ستسمح للمصلين بدخول المسجد الأقصى خلال الأسبوع الأول من شهر رمضان بعدد مماثل لما كان عليه الحال فى السنوات السابقة، فإنها لم تعط عددا محددا، وقال الشيخ عكرمة صبرى لـ«اليوم السابع»: إنه بعد إعلان الوزير الإسرائيلى المتطرف إيتمار بن غفير بشأن منع المسلمين من الصلاة فى الأقصى، جاءت ردود الفعل مضادة لتصريحاته، فحاولت الحكومة الإسرائيلية أن تمتص الغضب، وقالت: «إننا سلبنا الصلاحيات من ابن غفير»، ولكن الإجراءات على أرض الواقع كما هى.
 
إعلان إسرائيل غير واقعى، كما قال الشيخ عكرمة صبرى، حيث إن إسرائيل ستقوم بتحديد الأعمار المسموح لها دخول الأقصى، كما أنها ستسمح فقط لسكان مدينة القدس ومناطق 48 بالدخول، أما أهالى الضفة الغربية فهم ممنوعون مطلقا من الصلاة فى الأقصى، وبالتالى الإجراءات قائمة والهدف كما يدعون نواحى أمنية بحسب مقاييسهم، وبالتالى لا ندرى هل سيطبق على أرض الواقع ما خطط له أم لا.
 
الشيخ عكرمة صبرى توقع حدوث اضطرابات كبيرة فى حال قامت إسرائيل بإجراءاتها التعسفية، قائلا: «نحن فى تحسب وانتظار لبدء شهر رمضان المبارك، ونحن نحمل الحكومة الإسرائيلية أى توتر يحدث فى الأقصى ومدينة القدس نتيجة الاجراءات الإسرائيلية التى وضعوها، فكثرة الضغط تولد الانفجار».
وأكد الشيخ صبرى أن المسموح لهم بالدخول من هم فوق الخمسين عاما، للرجال والمرأة، بل إن المرأة تتعرض لمضايقات عديدة فهم يتقصدونها أكثر من الآخرين، حيث تخضع للتفتيش الدقيق عند الدخول، خاصة الحقائب والهويات.
 
التضييقات الإسرائيلية مستمرة منذ بدء الحرب على قطاع غزة فى 7 أكتوبر الماضى، حيث يؤكد الشيخ صبرى أن إسرائيل رفعت مستوى القيود على عرب 48 وسكان القدس لاعتبارات أمنية، ما أجبر المئات على أداء صلاة الجمعة فى الشوارع، وحددت الأعمار المسموح لها بدخول الأقصى لمن هم فوق الـ70 عاما وفى أول جمعة بعد بدء الحرب لم يدخل المسجد سوى 5 آلاف فى حين عادة يوم الجمعة يصل العدد لـ100 ألف مصلى، وقال مستنكرا: «كم من المسلمين قد حرموا من الصلاة بالأقصى خلال الـ5 أشهر الماضية».
 
يقع المسجد الأقصى على تلة فى الزاوية الجنوبية الشرقية من مدينة القدس القديمة المسورة «البلدة القديمة»، التى تقع شرقى القدس فى الضفة الغربية، ويبلغ طول سور المسجد حوالى 144كم متر مربع، ويبلغ عدد أبواب المسجد الأقصى 14 بابا، 4 منها مغلقة، فيما استولت إسرائيل على مفاتيح باب حارة المغاربة منذ عام 1967، وتتحكم فى فتحه وإغلاقه، حيث يعد هذا الباب هو أقرب الأبواب إلى المصلى الجامع، الذى يهدف اليهود إلى إزالته وبناء معبد يهودى مكانه. 
الأبواب المفتوحة للمسجد الأقصى هى باب الأسباط وباب حطة وباب العتم وباب الغوانمة وباب المطهرة وباب القطانين وباب السلسلة وباب المغاربة وباب الحديد وباب الناظر، وهى أبواب قديمة جددت عمارتها فى العصور الإسلامية، ويملك المسجد الأقصى 4 مآذن يعود تاريخ إنشائها للعهد المملوكى، تقع 3 منها على صف واحد غربى المسجد، وواحدة فى الجهة الشمالية على مقربة من باب الأسباط.
 
أما «حائط البراق» فيقع فى الجزء الجنوبى الغربى من جدار المسجد، ويبلغ طوله حوالى 50 مترا وارتفاعه حوالى 20 مترا، وهو جزء من المسجد الأقصى، فى حين يطلق عليه اليهود الآن «حائط المبكى»، حيث يزعمون بأنه الجزء المتبقى من الهيكل المزعوم.
 
وأشار الشيخ عكرمة صبرى إلى أن ساحة المسجد الأقصى تسع لنصف المليون فرد، فى حين تصل الأعداد فى الغالب إلى 450 ألف مصلى فى الجمع الرمضانية، لافتا إلى أن القوات الإسرائيلية تمارس تشديدات صلوات الفجر حتى لا يستمر المصلون فى الجلوس بالساحات لصلاة الضحى، وتقوم قوات الاحتلال بإخلاء المسجد بالقوة ليفسحوا المجال لليهود المتطرفين باقتحام الأقصى.
 
وطوال السنوات الماضية، شكل منع الاعتكاف فى المسجد شرارة مواجهة بين المصلين وقوات الاحتلال التى تقتحم المسجد وتخرج المعتكفين فيه بالقوة.
الشيخ عكرمة ذكر: «الاقتحامات من قبل المتطرفين اليهود لم تتوقف، فهم يرون أن هذا الظرف الحالى هو وقتهم المناسب لتنفيذ مخططاتهم العدوانية، فهم الآن فى الحكم ويريدون فرض واقع جديد بالقوة، واليهود يقتحمون بالحراسة، وهذا يدل على أنهم معتدون ومحتلون والأقصى ليس لهم بل لنا».
 
وأكد أن خطة الأوقاف الفلسطينية مستمرة كما هى دون تغيير، والاعتكاف سيكون ليلتى الجمعة والسبت والعشر الأواخر كاملة من رمضان المبارك، قائلا: «رفع الأذان بالمسجد الأقصى يرعب اليهود، وإقبال الشباب على الحرم المقدسى يرعبهم، ولكن هذا حقنا الشرعى، وهم يوهمون العالم بأن الأقصى لهم، ولكن إقبال الناس يعطى صورة أنه لنا وليس لهم، عندما يأتى السياح الأجانب ويسمعون الأذان يعطى صورة بإسلامية البلاد».
 
يعد المسجد الأقصى أولى القبلتين وثالث الحرمين ويقع داخل الحرم القدسى الشريف، حيث ظل على مدى قرون طويلة مركزا لتدريس العلوم ومعارف الحضارة الإسلامية، ويعرف ببوابة الأرض للسماء، حيث شهد معجزة الإسراء والمعراج، فى حين سيطرت إسرائيل على المسجد الأقصى فى حرب عام 1967 وضمته بشكل غير قانونى إلى بقية القدس الشرقية.
 
كانت دائرة أوقاف القدس وشؤون المسجد الأقصى المبارك، قد أكدت أن «برنامج الاعتكاف فى المسجد الأقصى المبارك سيكون هذا العام كالمعتاد، حيث يقضى المصلون وقتهم فى التهجد والذكر والعبادة كامل الليل حتى صلاة الضحى، وذلك ليالى الخميس على الجمعة والجمعة على السبت، وجميع ليالى العشر الأواخر من رمضان حتى صبيحة أول أيام العيد».
 
وأضاف خطيب المسجد الأقصى:  «منذ أشهر وهم يتحدثون عن شهر رمضان، وكأن رمضان يرعبهم، ولكن نحن لنا إجراءاتنا وموقفنا وترتيبات الأوقاف قائمة، الاحتلال يريد تكميم أفواهنا ويرعب الناس بألا يحتجوا ولا يعترضوا على إجراءاتهم واعتداءاتهم، بحجة أننا نخالف قانونهم المزعوم، ولكن نحن نستمد حقنا من الله سبحانه وتعالى لا من مجلس أمن ولا من الأمم المتحدة، نحن نستمد قوتنا من الله، الذى قرر من سبع سماوات بإسلامية هذه البلاد فى الإسراء والمعراج».
 
إجراءات إسرائيل فى القدس والمسجد الأقصى هى حرب على الهوية، كما وصفها محمود الهباش مستشار الرئيس الفلسطينى للشؤون الدينية، الذى أكد لـ«اليوم السابع» أن إسرائيل تكذب عندما تقول إنها لا تضع قيودا على دخول المصلين إلى المسجد الأقصى، موضحا أنها تفرق بين المصلين المسلمين من داخل الخط الأخضر، ومدينة القدس والمصلين المسلمين من داخل الضفة الغربية وغزة، بمعنى أنها وإن ادعت أنها لا تضع قيودا على المصلين من داخل الخط الأخضر والقدس، فإنها لا تزال تضع قيودا على المصلين من الضفة الغربية وتمنع أعمارا معينة من هو دون الـ60 سنة لا يسمح له بالدخول.
 
وحذر «الهباش» من أن تلك الإجراءات بالتزامن مع شهر رمضان ستؤدى إلى مزيد من التوتر ومزيد من ردود الأفعال، لأن الشعب الفلسطينى لن يقبل بأن يكون الأقصى تحت ولاية الاحتلال ولا أن يتحكم فى من يدخل ومن لا يدخل.
 
وشدد على أن هناك حربا حقيقية تشنها دولة الاحتلال على مدينة القدس، قائلا: «وهنا أقصد الهوية العربية والإسلامية للمدينة المقدسة، فهناك تقييد على المقدسيين فى كل مناحى الحياة، سواء العمل أو التجارة وإثقال كاهلهم بالضرائب والإتاوات الباهظة، لتضييق معيشتهم ودفعهم لهجر المدينة المقدسة، وإفراغ المدينة من أهلها، هذا بخلاف التضييق الدينى، فهناك تضييق على المسلمين والمسيحيين من الدخول للأماكن المقدسة، وتمنع الوصول الحر للأقصى وكنيسة القيامة، وهذا لفرض الطابع التهويدى للمدينة المقدسة».
 
وحذر «الهباش» من أن السياسات الإسرائيلية والانتهاكات للمقدسات فى القدس، وإطلاق العنان لقطعان المستوطنيين بانتهاك المسجد الأقصى سواء فى رمضان أو غير رمضان، يمكن أن يؤدى إلى إشعال المنطقة بالكامل، فعندما يتعلق الأمر بالمسجد الأقصى وهو أهم مقدسات المسلمين فى فلسطين، ويأتى فى الدرجة الثالثة بعد الحرم النبوى، فهو جزء من عقيدة المسلمين ودينهم، تتجاوز الأمور السياسية وحساباتها، وقال: «استمرار الإجراءات الإسرائيلية والانتهاكات يمكن أن يفتح أبواب جهنم لو مس المسجد الأقصى بأى خطر، لن نسكت أو نسلم، وسنتخذ موقفا ثوريا للدفاع عن المسجد الأقصى يشعل حربا دينية، ووقتها لن تقف عند حدود فلسطين».
 
وأضاف: الحرب العدوانية فى قطاع غزة هى جزء من الحرب الشاملة على الشعب الفلسطينى، ونحن شعب واحد نشعر شعورا واحدا، ونتعرض لنفس الحرب، ونواجه نفس الاحتلال، ونقاوم نفس المقاومة، ما يجرى فى غزة لا يمكن فصله عما يجرى فى الضفة الغربية والقدس، فهذه الحرب الإسرائيلية تهدف إلى اجتثاث الوجود الفلسطينى وطمس الهوية العربية والإسلامية فى فلسطين، والمقاومة حق مشروع وواجب مقدس، ولن نرفع الراية البيضاء، وسنستمر فى النضال بكل أشكاله».









مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة