مما لا شك، أن فن الدراما والسينما تعرض لهزات عنيفة ودار في فلك العشوائيات والعلاقات الفوضوية خلال العقود الماضية ما قدم صورة وسمعة ليست بالجيدة عن مجتمعاتنا وكشف حالة انهيار وانحدار للفن المصرى بعد تربعه على عرش الوطن العربى سنوات وراء سنوات من حيث عمق الموضوعات وجودة السيناريو والحوار واحترافية الأداء.
لتأتى الشركة المتحدة للخدمات الإعلامية وتعيد الأمل من جديد رافعة شعار "الدراما قوة مصر الناعمة" لتنقذ صناعة الدراما التلفزيونية، وتعيد للفن المصرى رونقه وروعاته، وذلك من خلال جهود تنظيم السوق، وعمليات الإنتاج الضخمة، والعمل على تذليل كافة العقبات، والجدية في تطوير المحتوى وضبط أسعار السوق ما ساهم كل هذا في تعزيز قدرة المنتج المصري على المنافسة وإعادة الريادة من جديد للفن والدراما المصرية.
وأعتقد، أن المواكبة أبرز ما تميزت به الشركة المتحدة في دراما 2024، وذلك من خلال تقديم مسلسلات خطفت أنظار المتابعين، ونموذجا مسلسل الحشاشين ففور عرض الحلقة الأولى له وصف بأنه ملحمة فنية تاريخية، إضافة إلى مسلسل مليحة الذى يهتم بقضية العرب الأولى – القضية الفلسطينية – في ظل ما تتعرض إليه من تحديات ومخاطر بسبب حرب غزة والعدوان الإسرائيلى على الأراضى الفلسطينية، وكذلك مسلسل عتبات البهجة الذى يعد رحلة عبر متاهات السوشيال ميديا، وكشف مخاطرها فى ظل عالم افتراضى بات يستهدف الجميع وتحدياته باتت جسيمة وكبيرة على المجتمع.
والملاحظة الثانية التى تستحق أيضا التقدير، حرص "المتحدة" على تكثيف إنتاج الأعمال التي تستهدف الطفل المصري، وتعزيز قيم الانتماء والولاء، حيث قدمت 4 مسلسلات أنيميشن تحتضن عقول الأطفال، ونموذجا مسلسل "يحيى وكنوز" الجزء الثالث الذى يركز على ارتباط ومعرفة الجيل الجديد بحضارتهم القديمة ومعرفة الهوية المصرية وسط تحديات كثيرة نواجهها خلال السنوات الماضية في محاولة أعمال تسعى لطمس الهوية المصرية وبث قيم غير أخلاقية في عقول الأطفال، بالإضافة إلى توسيع المجال أمام المواهب الشابة في جميع مناحى الصناعة، لتعود الدراما المصرية إلى المسار الصحيح.
والجمال في الموسم الرمضانى الحالي أن مفهوم العمل الجماعى عاد بقوة بعد أن سيطرت دراما النجم الواحد سنوات، وأعتقد أن هذا بفضل خريطة محترمة راعت التنوع، حيث ضمت "الكوميدى والأكشن والاجتماعى والتشويقى والتاريخى ودراما الطفل وكذلك الدراما الوطنية"، واللافت أيضا، الاهتمام بتيترات المسلسلات الأمر الذى أضاف قيمة تشويقية للأعمال الفنية، وأكد أن هناك منظومة تحرص على إعادة الصنعة لأسطواتها.
وظنى، أن كل هذا وغيره عكس اهتماما حقيقيا بملف الدراما باعتباره سلاح مهم في معركة الوعى، ويؤكد أن هذا التميز سببه خطة مُحكمة ورؤية ثاقبة وعمل مقدر للشركة المتحدة للخدمات الإعلامية التى سعت سعيا دؤوبا لتصحيح الوضع، من خلال تقديم أعمال فنية ضخمة بذلت فيها كل غالٍ ونفيس للحفاظ على الهوية الوطنية بعد إن كان قد أصيب المشهد الفني والإنتاجى بحالة فوضوية عارمة، فكنا لا نرى إلا أعمالا تقدم البلطجة والفساد والعنف والعشوائيات.
كل التحية للشركة المتحدة، ولكل من يساهم فى التوعية وصناعة الوعى من أجل تعزيز الولاء والانتماء فى وقت نحن في أشد الحاجة إلى هذا الانتماء في ظل الصراعات والنزاعات الموجودة في المنطقة وخطوط النار التي أصبح تعانى منها منطقتنا.