تشكل الهوية الوطنية لجميع دول العالم أحد أهم الآليات الترويجية الحديثة لبيان عظمة الأمم ولحاقها بالركب العالمي وحركة التطور السريعة بعد اجتياح العولمة، وتنامى اهتمام العالم أجمع بالهوية الوطنية حتى صار لها مؤشر عالمي يصدر بشكل سنوي، ولا يأتي اهتمام العالم أجمع من فراغ، بل أن للهوية الوطنية آثارها الثقافية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية، وجميعها كانت محل دراسات أكاديمية واجتماعية أثبتت نتائجها تعاظم دور الهوية الوطنية في مجالات متعددة متكاملة ومتقاطعة.
وعلى مدار العصر الحديث شكل الإنتاج الثقافي الدرامي أحد أهم مكونات الهوية الوطنية للكثير من الدول، بل وشكل الكثير من الصورة الذهنية العالمية لمواطني تلك الدول وكيف يراهم العالم من حولهم، وليس التاريخ ببعيد في كثير من الحالات العالمية وعلى رأسها الدراما المصرية التي شكلت وجدان العالم العربي وساهمت في تعريف العالم أجمع بالشخصية المصرية و أصالتها وطيبتها ومعدنها، و(جدعنتها ) وتراحم المجتمع المصري وترابطه والكثير الكثير من الصفات التي اتسم بها المصريون، فضلا عن اللهجة المصرية، وكان للدراما المصرية والإنتاج الثقافي السينيمائي أكبر الأثر أن تكون جسرا ثقافيا تاريخيا، حتى صار المجتمع العربي بأسره يهتم ويتابع ويعرف أدق تفاصيل المجتمع المصري من خلال تلك الجسور والبوابات الثقافية.
وفي حالات عالمية كثيرة من شتى بقاع العالم كان للدراما أيضا آثار جمة يمكن رصدها في حالة الدراما الكورية التي أذابت الثلوج والجمود السياسي وقاربت بين الشعبين الكوري والياباني وصار جيل الشباب الياباني مرتبطا بنجوم الدراما الكورية وحريص على اقتناء المنتجات الثقافية الكورية، بل و ساهمت الدرما الكورية عالميا في ترسيخ صورة ذهنية إيجابية عن كوريا الجنوبية في العالم أجمع، وساعد ذلك في تنمية الاقتصاد الكوري وساهم في نشر العديد من العلامات التجارية الكورية في العالم، وحقق لكوريا الجنوبية استفادة مباشرة تقدر ب 22.5 مليار دولار كقيمة مبيعات منتجات ثقافية كورية في العام 2005، فضلا عن اهتمام السائحين منة كافة بقاع الأرض بزيارة أماكن تصويرالدراما الكورية، وهناك أيضا حالة الدراما و الأفلام الأمريكية التي رسخت الصورة الذهنية لأرض الأحلام للكثير من شباب العالم، والحالة التركية التي نسجت خيالا ساحرا للمناطق السياحية و الأطباق والأكلات التركية التي بدأت في الانتشار في مدن عالمية كبرى بفضل الدراما التركية.
والكثير من دول العالم الآن، تهتم بالإنتاج الدرامي والثقافي لتصدير ثقافتها، وتعزيز منتجاتها وعلاماتها التجارية، و إبراز مقوماتها الجغرافية والاقتصادية والسياحية بشكل يفوق أثره آلاف المرات الإعلانات الترويجية السياحية المباشرة والموجهة.
وليس من المبالغة أن نقول أن الشركة المتحدة برجالها الوطنيين المخلصين، وواضعي استراتيجياتها الثقافية والإنتاجية، ومن يشرفون على تنفيذها، يقومون بدور تاريخي بطولي لاستعادة القمة ووضع مصر في المكانة الثقافية التي تليق بها محليا وعربيا وعالميا، مدركين لأهمية الإنتاج الدرامي المصري وتقديمه بالشكل المعاصر الذي يليق باسم مصر وقيمتها ومكانتها العالمية، بل إصرارهم على (دبلجة) بعض الإنتاج الدرامي، وغرزاة الإنتاج وتنوعه كي يناسب فئات عمرية وأذواق واتجاهات ثقافية مختلفة، يؤكد على رؤية وبصيرة ثاقبة تساعد الإنتاج المصري على الانتشار الإقليمي العالمي.
وبقي أن نؤكد أنهم أصبحوا أمام مسئولية أكبر ليستمر الإنتاج الدرامي والثقافي المصري، ويتنوع خلال الأعوام القادمة لكي يؤتي ثماره الاقتصادية والسياحية والاجتماعية والسياسية المرجوة.