كانت القبضةُ خانقةً؛ ثمّ انفكَّت بأثر حزمةٍ من الإجراءات والاتفاقات. وبينما تستقبلُ القاهرة وفدًا أوروبيًّا فى إطار ترفيع الشراكة الاستراتيجية، والتفاهم على تيسيراتٍ مالية جديدة؛ فإنها تستكملُ مسار الخروج من الأزمة، وتُثبِّت قدميها على طريق التعافى. صحَّحت السوقُ كثيرًا من أسباب الاعتلال، وجَبَرت فجوةَ النقد التى تولَّدت من شُحّ الموارد الدولارية، وتتلقَّى خلال الفترة الأخيرة تدفُّقاتٍ قياسيةً، ربما لم تشهد نظيرًا لها فى الحجم والوتيرة منذ سنوات طويلة. وبعدما كان الاقتصادُ مريضًا لأسبابٍ خارجية وداخلية؛ فقد دخل فى طَور النقاهة، وصار بالإمكان الحديث عن رؤيةٍ إصلاحية مُستدامة، تتقوَّى بغطاءٍ سميك من برامج التمويل والتنمية، ولا تقع تحت ضغوطٍ مُلحَّة لتدبير الالتزامات العاجلة. وبمعنىً أوضح؛ انتهت فترةُ الاضطرار وبدأت فُسحة الاختيار، بما يسمح بالتأنّى وتقييم البدائل، والمفاضلة بين رؤىً مُتعدِّدة، والغرض أن تدورَ العجلةُ بإيقاعٍ مُنتظم، وأن تُوظَّفَ القدرات المُضافة حديثًا لصالح تحفيز الإمكانات القائمة، واستعادة فاعليّة المنظومة فى المُقاومة الذاتية، وتوليد الفرص والإغراءات، وخلق مصادر مُستقرَّة ومُتجدِّدة للدخل.
تحلُّ رئيس مفوضية الاتحاد الأوروبى، أورسولا فون دير لاين، ضيفةً على القاهرة برفقة خمسة من رؤساء الدول والحكومات: بلجيكا وإيطاليا واليونان والنمسا وقبرص. وكانت مُؤسَّسات بروكسل قد أكَّدت لوزير الخارجية سامح شكرى، على هامش قمَّتها القارّية قبل أسابيع، أنها بصدد إقرار برنامج دَعمٍ جديد لمصر. وبحسب المُعلَن؛ فإنّ هدف الزيارة الأخيرة إنجاز المُخطَّط التفصيلى لحِزمة الإسناد. والتوقُّعات أنها قد تتجاوز 7 مليارات يورو «نحو 8 مليارات دولار»، ولا تنفصل الخطوةُ عن سوابقها مع الشركاء من المُستثمرين والكيانات الدولية. لقد ساعدت الإشاراتُ الإيجابية من جانب أوروبا على تسريع صفقة «رأس الحكمة» واتفاق صندوق النقد؛ ثمّ لعب الأخيران دورًا فى تأكيد الجدّية وعناصر قوَّة الاقتصاد، ودَفع دول الاتحاد إلى التعجيل بخطَّة الدعم، وكلُّها تتضافر معًا لإنتاج صورةٍ مُتفائلة عن المشهد المحلى، وترميم ثِقة المراكز الاستثمارية فى بيئة العمل؛ لا سيّما مع القفزة الجريئة لناحية تلافى الثغرات القديمة، عبر تعويم الجنيه، وإنهاء ازدواجية سعر الصرف خارج إطار التوازن الخلَّاق للعرض والطلب، فضلاً على رفع الفائدة الاسمية بما يتقارب مع مُعدَّلات التضخُّم، ويفتح الباب لأن يكون العائد الحقيقى بالمُوجَب، حال نجاح إجراءات التشديد النقدى فى السيطرة على الأسعار؛ تمهيدًا لوَضعها على مسار النزول.
نجح الاقتصادُ فى تجاوز محنةٍ كُبرى مثل جائحة كورونا؛ لكنَّ الانكشاف ترافق مع الحرب الأوكرانية؛ بما ألقته من ضغوطٍ على الأسواق العالمية وسلاسل التوريد. وقتها حاول الغربُ مُغالبةَ الأزمة بسياسات التقييد، وامتصاص فوائض الأموال الساخنة، وتصدير أعبائه التضخُّمية للأسواق الناشئة ومنها مصر. ثمّ ضاعفت توتراتُ الإقليم من تكاليف اللحظة الطارئة، وازدادت الفداحةُ مع حرب غزة ومُناكفات البحر الأحمر، وآثارهما الظاهرة على إيرادات السياحة وقناة السويس. لم تكن الدولةُ طرفًا مُباشرًا فى أيّة مُغامرة قريبة أو بعيدة؛ لكنها تضرّرت من كلِّ المُغامرات، وسدَّدت فواتيرَ باهظةً ولم تُفرِّط فى استقامتها السياسية والأخلاقية. إذ لم تستثمر فى الصراعات، ولم تدعم ميليشيا أو جماعةَ عُنف، كما لم تُتاجر بملفّ اللاجئين أو تبتزّ أوروبا كما فعلت بعضُ الأطراف بالمنطقة؛ ولعلَّ فى ذلك ما يرفعُ منسوبَ الاطمئنان تجاه فلسفة الإدارة ورُشدِها، ويُوطِّد جسورَ الثقة من جانب الحكومات التى يفيدها استقرارُ القاهرة، والشركات التى بإمكانها الربح من الاستقرار، وهذا ممَّا يُمهِّد الطريقَ لصَرف رصيد النزاهة والتعقُّل؛ لصالح تطلُّعات الاستثمار والتنمية.
لم تكُن المشكلةُ فى الملاءة المالية؛ بل السيولة الحاضرة فحَسْب. وصفقةُ رأس الحكمة مع «القابضة ADQ» الإماراتية أكَّدت أن مصر لا تواجه عوارًا هيكليًّا أو مرضًا لا يُرجَى شفاؤه؛ إذ لديها من الأُصول ومحفظة الفُرص والاستثمارات ما يصلح للإنعاش العاجل والكفاءة الدائمة. وثمَّة إشاراتٌ قوّية على أفكارٍ وشراكات قريبة فى الحجم والأثر النوعى، وتوصياتٌ من بنوكٍ ومُؤسَّسات عالمية بالاستثمار فى السندات المصرية، وتوقّعاتٌ بانضباط المُؤشِّرات وقُرب تحسُّن التصنيف الائتمانى. وإزاء الاستفاقة الحكومية، وحيويّة التحرُّكات بالأسابيع الأخيرة؛ فإنَّ الأرضية باتت مُمهَّدةً لاجتراح وصفاتٍ غير تقليدية، وإرساء روافع أصلب وأكثر احتمالاً لمُتطلّبات المرحلة المُقبلة، وأوَّلها إدامةُ التنسيق الفعَّال بين السياستين المالية والنقدية، وتوظيف الموارد الدولارية لمُوازنة العرض والطلب على العُملة والسلع، دون إغفال أولوية أن تكون أداةً لتجديد المخزون وتعويض فواقده، والأهمّ قَطعُ الطريق على المُضاربين؛ لناحية العودة إلى التلاعب فى سوق الصرف مُجدَّدًا، أو إبقاء الدولار أداةَ ادّخار واستثمار ومخزنًا للقيمة، بدلاً من دوره الوحيد فى التداول والمُبادلات التجارية.
تتجاوز تدفُّقات الأسابيع الأخيرة 55 مليار دولار. فبجانب الصفقة الاستثمارية بضخِّها المُباشر فضلاً على الوديعة المُحوَّلة للجنيه، هناك 8 مليارات من الاتحاد الأوروبى، ومثلها من صندوق النقد الدولى، ونحو 1.2 مليار من صندوق الاستدامة التابع للأخير، و3 مليارات من البنك الدولى. وكلُّها تُضاف إلى الموارد الاعتيادية من السياحة ورسوم القناة وعوائد التصدير والاستثمار المباشر وغير المباشر. وربما تكون المرّة الأُولى التى تتلقَّى فيها مصر مداخيل دولارية بهذا الحجم فى سنةٍ مالية واحدة. ولا يسمح هذا بسداد الالتزامات الحالية فقط؛ بل يُغطِّى الاحتياجات الأساسية ويسدُّ فجوةَ التمويل لعدَّة سنوات، ومع اقتصادٍ شفَّاف وماضٍ على طريق التصحيح؛ سترتفع جاذبيةُ الاستثمار وأدوات الدَّيْن، ومع منظومةِ صرفٍ عادلة وغير مُتذبذبة؛ ستعود تحويلات المُغتربين إلى القنوات الشرعية، ويسهُل على المستثمرين اتّخاذ قرار دخول السوق؛ لأنّه لا مخاطرَ فيها ولا قيودَ على الخروج منها. هكذا ستكون الدولارات الحاضرةُ فيتاميناتٍ فى شرايين الدولة، وشِبَاكَ صيدٍ فى البحار المفتوحة، وكلُّ دولارٍ يُنفَقُ فى مَوضعه يُمكن أن يُولِّد أضعافه؛ بالإغراء التسويقى المُقنع أو بالأثر التنموى المُباشر.
أشار رئيسُ اتحاد المصارف، وخبراء ومصرفيّون آخرون فى تحليلاتٍ وإفادات إعلامية، إلى أن حصيلة التحويلات الخارجية زادت عشرَ مرَّات عمَّا كانت عليه، وعشرين ضعفًا لتنازُلات العُملة فى الصرافات ومائةَ ضعفٍ بالبنوك. والأيام الأولى من مارس بعد قرار التعويم أُفرِج عن سلعٍ من الموانئ بنحو 3 مليارات دولار، وتضاعفت أرقام التداول فى البورصة، وبلغت تغطيةُ عطاءات أُذون الخزانة ثمانى مرَّات مُقارنةً بمتوسِّط مرَّتين تقريبًا فى السابق. وتكتملُ القراءة بالنظر إلى تراجُع الواردات بنحو 13 مليار دولار فى 2023، صحيح أنَّ جانبًا منها كان بأثر النُدرة الدولارية والقيود المُشدَّدة على الاستيراد؛ لكنّ العمل بفلسفة الأولويات لن يسمح بانفجار الميزان التجارى على ما كان فى السنوات الماضية. أى أننا نسيرُ باتّجاه ترشيد الفواقد وضَبط مُؤشِّرات الأداء، ما سينعكسُ بالتبعية على عجز ميزان المدفوعات، وكَبح حالة الإهدار التى كانت شائعةً لعُقود، وفى ذلك فُرصة تنموية مُهمّة بالبحث عن مصادر داخلية لتلبية الطلب على السلع والخدمات، بما يُشجّع على الإنتاج وخَلق الوظائف، والعمل من أجل زيادة الصادرات.
فى اليوم الأول لقرارات البنك المركزى، قفز الدولارُ من قرابة 31 إلى نحو 50 جنيهًا. وخلال الأيام الأخيرة بدا أنّ السوق تمضى فى اتجاهِ التصحيح؛ إذ تراجع السعرُ إلى أقل من 48 جنيهًا، وربما تتواصل معادلةُ التوازن ليستقر بين 42 و43 بحلول مُنتصف العام أو بعده بقليل. لقد أُدِيرَ ملفّ سُوق الصرف وتقويم اختلالاتها بكفاءة؛ أوّلاً بتكثيف الرقابة وحَوكمة عمليات الاستيراد وفَتح الاعتمادات المُستنديّة، ثمّ التحرُّك ببُطءٍ نحو تمرير البشائر الإيجابية؛ لإرباك المُضاربين وتجميد حركتهم، وبعدها الإعلان عن صفقة رأس الحكمة بعوائدها القياسية، وقبل أن تخرج السوقُ السوداء من صدمتها، ترافقت القراراتُ مع إنجاز اتّفاق صندوق النقد. هكذا فَقَد تجَّار النقد توازُنَهم، وانكشفت منطقةُ الهشاشة خارج القنوات الرسمية، فدخلت الدولةُ على الخطِّ فى أقوى حالاتها وأضعف حالاتهم، وبدأ التسعيرُ من نقطة الذروة لامتصاص طاقة المُكابرة والطمع، وجَذب الأموال الحائرة بعد أسابيع من الترقُّب والقلق، على أن تتكفَّل السوق بتصويب مسارها، ودَفع الجميع هبوطًا بعدما يتحقَّق التوازنُ المطلوب. ورغم هامش النزول الأخير فما زال سعر الدولارُ عاليًا؛ بما يكفى لكَبح الطلب على السلع غير الضرورية، ويفتح الباب لتعزيز جدوى الإنتاج المحلّى، وترقية تنافُسيّته فى الداخل والخارج، ما يتطلَّب تركيزًا على الأنشطة الإنتاجية والصناعات التحويلية، وتكثيف المُبادرات والحوافز المُوجَّهة للمُصنِّعين؛ لا سيّما مع أعباء الائتمان بفائدةٍ تتجاوز هوامشَ الربح الطبيعية للاستثمار فى كلّ القطاعات.
كان التشديدُ ضروريًّا لفَرمَلة التضخُّم. والفترةُ الأخيرة شهدت انضباطًا ملحوظًا للأسعار فى بعض مجموعات السلع التى سيطر عليها الانفلاتُ سابقًا، ربما بفضل الإفراجات الأخيرة، وبدء تدبير الدولار للمستوردين من خلال البنوك. تراجعَ الذهبُ والسيارات وحديدُ التسليح والأعلاف وغيرها، ومع انتهاء ضغوط العرض، بالتوازى مع ضَبط الطلب بفاعليّة التشديد النقدى؛ فإن الآثار الإيجابية ستنتقل للمستهلك النهائى. قد يسمحُ هذا بإبطاء الكُرة التضخُّمية ثمّ وَضعها على المُنحدر الهابط؛ ليرخى البنك المركزى قبضته المُحكَمة بقدرٍ من التيسير وخَفض الفائدة، بما يُقلِّص أعباء الموازنة من جانب أدوات سدِّ العجز وخِدمة الدَّيْن، ويُحفِّز المستثمرين على التجاوب مع حالة النشاط الجديدة. ستكون الحكومةُ أقدرَ على الوفاء بالتزاماتها، والسوقُ ستتعافى بأثر السياسات الرشيدة؛ ثمّ يصبُّ تعافيها لصالح تمكين أذرع الدولة وقدراتها، فى علاقةٍ تبادُلية لها طابعٌ دائرى، وكلَّما اشتدَّ عُود أحد الطرفين زادت صلابةُ الآخر، والمواطن معهما فى مُعادلةٍ طرديَّة، مُستثمرًا كان أو مُستهلِكًا وعاملاً ومُدّخرًا.
كان الوضعُ أشبَه بجلطةٍ مالية، وكان الدولار نُقطةَ الاختناق ومؤشر الكوليسترول المرتفع فى شرايين الاقتصاد. وخُطة العلاج الأخيرة سمحت بتذويب الكُتلة الدموية المُتكلِّسة، وتخفيض مستوى الدهون الثلاثية، واستعادة عافية الدورة الدموية إلى مستوى يسمح بالتريُّض وإحماء العضلات. وإذا كانت اتفاقاتُ الأسابيع الأخيرة جدَّدت ثقةَ السوق فى نفسها، وأعادت تسويقَها للخارج بهيئةٍ أقرب إلى حقيقتها، ومن دون تجاعيد الأزمة ونُدوبِها؛ فإنَّ الزيارةَ الأوروبية تُتوِّج رؤيةَ الإصلاح وتستكمل دورةَ النقاهة والتعافى، بكلِّ ما فيها من تفاهماتٍ على العمل المُشترك، وترقية العلاقات، ومَدّ يد العون بمزيجٍ من المِنَح والقروض، مع مُستهدفاتٍ لضخّ 5 مليارات يورو من القطاع الخاص فى مجالات الزراعة وإدارة المياه والهيدروجين الأخضر، فضلاً على الملامح الأُولى لخطواتٍ شبيهة مع اليابان والمملكة المتحدة.. وجِماعُ ذلك أنَّ حالَ الانسداد لم تعُد قائمةً، وجهةَ الإدارة غادرت الرُكنَ المُظلِم، وصار بإمكانها التفكير بهدوءٍ والقرار بأريحيّة، والاستجابة الاختيارية بحسب المصلحة، وليس اضطرارًا أو دَفعًا لخطرٍ داهم.
لا الشركات جمعيَّات خيرية، ولا الدول ومؤسَّسات التمويل.. والصفقات المُبرمَة إنما تُعبّر عن ثِقَلٍ لم يغب عن السوق رغم أزماتها، وبرامج الدعم والمساندة تُترجِم مصلحةً مُباشرةً لأوروبا والشركاء فى إنجاح خطَّة الإصلاح، وإبقائها بمأمنٍ من الضربات العارضة بتأثيرات فوضى الإقليم والعالم.. والوفرة الدولارية الراهنة تضمنُ للحكومة هامشًا مُريحًا للحركة؛ شريطةَ أن تتكامل السياسة النقدية الجادة، مع سياساتٍ مالية وتنفيذية ورقابية شديدة الإتقان والحيوية والحسم. وهذا لأجل أن تصير الحصيلةُ الحالية خميرةً لعَجين الأيام المقبلة، بمعنى أن تُضيفَ للقُدرات الإنتاجية، وترفع أرقام التصدير، وتكون أداةَ التسويق غير المُباشر لجذب الاستثمار والمُستثمرين. والواقع أنّ التحدِّيات كبيرة؛ لكنّ الآمال أكبر، والزيارة الأُوروبية الحاشدة تُشير إلى اطمئنانٍ مُسبَق، وإلى قراءةٍ مُتفائلة لما ستؤول إليه الأمور بعد عبور نقطة الاختناق. إنها لحظةٌ مُلائمة تمامًا لتصويب المسار بالكامل، وإنهاء عوامل الاعتلال التى ظلَّت كامنةً لعقودٍ تحت جِلد الاقتصاد، والظاهرُ أنّ الدولة جادة فى إنجاز المهمَّة، والمُتواتر من مواقف الأصدقاء والداعمين أنهم واثقون فى المستقبل؛ ما يُؤكِّد انتهاء أثر الجلطة، وفاعلية برنامج النقاهة. وما لم تتفجَّر الدراما بمفاجآتٍ فى الإقليم وخارجه؛ فإننا ماضون صوب مُداواة الجروح القديمة، والخروج من دائرة العجز المُزمن، والاستفادة بتصحيح أوضاع الصرف لصالح الإنتاج والتشغيل وتثبيت ركائز مُستدامة للنمو.. إطلالةُ أوروبا على نيل القاهرة أمسِ لها دلالاتٌ أكبر من ظاهر الزيارة؛ لعلَّ أهمّها أنَّ لمصر مكانةً لا تهتزّ فى مُحيطها، والرهان الذى لا يُمكن أن يتجاوزه الساعون إلى الاستثمار والربح، والمُهتمّون بإبقاء المنطقة آمنةً مُستقرّة. إنها رمَّانةُ الميزان، ولا يُمكن من دونها أن تستقيمَ أُمور السياسة والاقتصاد والتنمية فى الشرق كله، وهى إن تعثَّرت لطارئٍ من داخلها أو وافدٍ عليها؛ فإنها قادرةٌ على صَلبِ عُودها وفَرض قانونها مُجدَّدًا، بأثر الموقع والثقافة والميراث الحضارى والقوّة البشرية والجيوسياسية.. وها قد فعلت.