نتحدث كثيرا عن أهمية القوة الناعمة للدول في صياغة أفكارها وفى الترويج لثقافتها وفنونها ولعرض مقدراتتها وللإعلان عن نفسها، ومصر امتازت بامتلاك هذا السلاح في الخمسينات والسيتنيات في منطقة الشرق الأوسط فأصبحت المؤثرة دائمًا، نظرًا لما تمتلكه من حضور طاغٍ وتأثير بالعقول والوجدان يمتد عبر الحدود، ونموذج آخر يتمثل فى الولايات المتحدة الذى استطاعت عبر "هوليود" في القيادة والهيمنة وهذا تحقق بفضل إعلامها المؤثر وخطابها الناعم الذى حقق طموحاتها في السيطرة والتأثير لدرجة وصلت أنها قررت أن تُهندس الوعي العالمي على تحقيق رؤيتها كقوة عظمى بعد أن فشلت عبر سلاحها العسكري؛ فاستبدلته بسلاح ناعم عبر ثقافتها ونجومها والاعلاميين وخطاب إعلامي متسق محققة بذلك محو جرائم الحروب من الذاكرة العالمية كتلك التي ارتكبتها في حق الهنود الحمر والفيتنام وهيروشيما والعراق وأفغانستان وغيرها.
لذلك يجب علينا أن نعلم أن ما تفعله المتحدة للخدمات الإعلامية من خلال تقديم كوكبة من الأعمال الدرامية المتنوعة، والتي تنشد من خلالها استعادة الريادة للفن المصرى لعهده الجميل، أمر مقدر وضرورة حتمية لابد منها إذا أردنا حقا استرداد الريادة للفن والدراما المصرية من جديد، وأردنا - صدقا - المواكبة فى ظل عالم يموج بالصراعات الكل يبحث فيه عن مكان فى نظام عالمى جديد بات يتشكل الآن.
لذلك، فإن الناظر إلى خطة المتحدة في الإنتاج والإبداع يجد أن هذا هو الهدف خاصة أن الفن صناعة لا تتم بعشوائية بل بهندسة واعية لبناء الوعى وتشكيله من خلال حبكة فنية بجودة عالية.
وفي – اعتقادى – أن أهم ما تفعله المتحدة للخدمات الإعلامية هو السعي لاستعادة الريادة للفن المصرى من جديد تزامنا مع ما تقوم به الدولة المصرية من بناء قدراتها العسكرية والتنموية، وبالتالى تُمكن مصر بهذا الفعل من تبنى قوة أخرى تسمى القوة الذكية للدولة.
والقوة الذكية للدولة تعنى حدوث توافق بين القوة الناعمة – الفن والإبداع والثقافة والإعلام - والقوة الخشنة – المال والعتاد والسلاح – للدولة.
ولو أردنا نموذجا، فظنى، أن خير نموذج هو الولايات المتحدة التى تعد من أكثر الدول التي لديها أفضل ما يمكن من القوة الذكية فهى تمتلك السلاح وتحيط العالم بقواعدها العسكرية وتسيطر على أعالى البحار والمحيطات وهى من لديها هوليود وهارفارد.
لذا، علينا أن نقدر ما تفعله الشركة المتحدة في تعزيز القوة الناعمة، ونقدر الدولة فيما تنشده من تعزيز قدراتها العسكرية وإحداث عملية تنمية مستدامة وشاملة، لأن هيكون نتاج هذا فى النهاية امتلاك مصر القوة الذكية فتحمي وتردع أعدائها من جهة، وتفرض ثقافتها وتؤثر في العقول والوجدان وتعبر به الحدود من جهة أخرى.. حفظ الله مصرنا الغالية