مشروع تطوير رأس الحكمة مع دولة الإمارات العربية الشقيقة بقيمة 35 مليار دولار والتي أعلن عنها رسميا الأسبوع الماضي الدكتور مصطفى مدبولي رئيس الوزراء، كانت أشبه بالزلزال الاقتصادي الذي ضرب في عدة اتجاهات وكانت له توابعه الإيجابية على بعض الأزمات التي يعاني منها الاقتصاد المصري.
مجرد الاعلان عن المشروع أدى إلى تراجع المضاربة في السوق السوداء للدولار، وفقد أكثر من ربع قيمته، ليصل سعر الدولار إلى ما دون 45 جنيها، بعد أن وصل في بعض الأحيان إلى حدود 70 جنيها.
ومنذ أيام قليلة أعلن الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء بأن مصر تسلمت 5 مليارات دولار من الدُفعة الأولى لصفقة الشراكة الاستثمارية مع الإمارات، وتسلمت 5 مليارات دولار أخرى بعدها بيوم واحد، وأنه تم اتخاذ إجراءات للتنسيق بين البنك المركزي والجانب الإماراتي، لتحويل 5 مليارات دولار من الوديعة إلى الجنيه المصري، وخلال شهرين سيتم حصول مصر على باقي المبلغ الذي تم الإعلان عنه، لاستكمال مبلغ 35 مليار دولار استثمار مباشر يدخل للدولة من هذه الصفقة، بخلاف نسبة الـ 35% التي ستحصل عليها الدولة من صافي أرباح المشروع.
انهيار السوق السوداء والوصول الى السعر العادل والموحد للعملة المحلية من شأنه جذب شراكات استثمارية أخرى، تُدر عوائد كثيرة على الشعب المصري، أهمها ضخ استثمارات من النقد الأجنبي خلال السنوات المقبلة، إلى جانب عوائد بالمليارات من الضرائب، وإتاحة ملايين من فرص العمل، وتشغيل المصانع والشركات الوطنية في مختلف القطاعات.
الصفقة تعد نقطة تحول في الاقتصاد المصري، حيث من المتوقع أن تساهم في تحسين سيولة النقد الأجنبي وتقليل الضغوط على العملات الأجنبية وخفض معدلات التضخم إلى أدنى مستوياتها وتوفير السيولة الأجنبية لعمليات استيراد السلع الاستراتيجية مثل القمح والذرة والزيوت والأدوية ومستلزمات الإنتاج وهو ما ينعكس بالايجاب على مستويات أسعار السلع الغذائية في الأسواق المحلية خلال فترة قصيرة.
هذه التوقعات أشارت اليها وكالات التصنيف الائتماني وكبرى شركات الاستثمار في العالم، فوكالة التصنيف الائتماني فيتش، تتوقع عقب الصفقة، تراجع التضخم في مصر على أساس سنوي في النصف الثاني من 2024 بسبب أساس المقارنة المرتفع.
وكان الجهاز المركزي للإحصاء أعلن في يناير الماضي أن معدل التضخم السنوي سجل تراجعا بنسبة 35.2% مقابل 36.4% لشهر نوفمبر 2023
وتستهدف مصر النزول بمعدل التضخم إلى ما دون 10% خلال العام 2025.
كما أعلن مجلس الوزراء، عقب ارتفاع معدلات التضخم و في أسعار السلع الأساسية بسبب تداعيات الحرب الروسية الأوكرانية والحرب في غزة والأزمة الاقتصادية العالمية.
المشروع – كما قالت فيتش- من شأنه أن يخفف ضغوط السيولة الخارجية، ويسهل تعديل سعر الصرف. كما أن تعديل سعر الصرف سيوفر حافزا لصندوق النقد الدولي ليوافق على برنامج دعم معزز لمصر.
وفي الأسبوع الماضي زارت مصر مؤسسة الخدمات المالية والاستثمارية الأميركية جولدمان ساكس وهي من أشهر المؤسسات المصرفيَّة في الولايات المتَّحدة الأميركية والعالم وتوقعت أن تحصل مصر على 20مليار دولار اضافية بخلاف مشروع رأس الحكمة، فاتفاق مصر حول برنامجها الموسع مع صندوق النقد الدولي يبدو وشيكاً، على الرغم من أن مشروع تطوير رأس الحكمة يقلل حاجة مصر الفورية إلى حزمة تمويل من صندوق النقد الدولي. مع تأكيد الحكومة المصرية باستمرار التزامها بالركائز الأساسية للبرنامج الاقتصادي، بما في ذلك تعزيز الاستدامة المالية، الانتقال إلى نظام سعر صرف أكثر مرونة وتعزيز دور القطاع الخاص في الاقتصاد. والى جانب حزمة التمويل من الصندوق فهناك التمويل من من الاتحاد الأوروبي وغيره من المنظمات الدولية.
جولدمان ساكس أجرت تقييماً للاقتصاد المصري، أكدت فيه على أن تخفيض قيمة الجنيه قبل التوصل إلى اتفاق مع صندوق النقد الدولي قد لا يؤدي إلى زيادة التضخم، وتوقعات بأن يتم ذلك في حال تحقق التوافق مع الصندوق.
توابع صفقة رأس الحكمة على الاقتصاد المصري تستمر مع الزيارةالتي قام بها مجلس إدارة المجلس الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية إلى مصر الأسبوع الماضي وشملت لقاءات مع رئيس الوزراء مصطفى مدبولي ومحافظ البنك المركزي حسن عبد الله ووزراء التعاون الدولي والكهرباء والنقل والتوقعات تشير إلى حصول مصر على حزمة تمويلية من المجلس بقيمة 6 مليارات دولار.
على هامش توابع زلزال مشروع رأس الحكمة الاقتصادي جاءت الأخبار المبشرة بالتزامن مع الصفقة مع توقيع 7 اتفاقيات مع مطورين عالميين لتنفيذ مشروعات بمجالي الهيدروجين الأخضر والطاقة المتجددة بالمنطقة الاقتصادية لقناة السويس بإجمالى الاستثمارات يتجاوز 40 مليار دولار وهي الاتفاقيات التي شهد توقيعها الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، نهاية الأسبوع الماضي بمقر الحكومة بالعاصمة الإدارية الجديدة، بين 7 مُطورين عالميين وعدد من الجهات الحكومية هي: "صندوق مصر السيادي"، و"الهيئة العامة للمنطقة الاقتصادية لقناة السويس" و"هيئة الطاقة الجديدة والمتجددة" و"الشركة المصرية لنقل الكهرباء"، وذلك بحضور الدكتور محمد شاكر المرقبي، وزير الكهرباء والطاقة المتجددة، والمهندس طارق الملا، وزير البترول والثروة المعدنية، والدكتورة هالة السعيد، وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية، رئيس مجلس إدارة "صندوق مصر السيادي".
وقالت الدكتورة هالة السعيد، إن توقيع مذكرات التفاهم يمثل خطوة جديدة للصندوق في سلسلة الشراكات الاستثمارية مع كبرى الشركات العالمية لإقامة مشروعات بمجال الهيدروجين الأخضر في المنطقة الاقتصادية لقناة السويس، حيث تضيف مذكرات التفاهم التي تم توقيعها مع 7 مطورين، استثمارات متوقعة للمرحلة التجريبية بحوالي 12 مليار دولار، بالإضافة إلى حوالي 29 مليار دولار للمرحلة الأولى، ليتخطى إجمالي الاستثمارات نحو 40 مليار دولار خلال 10 سنوات. كما أنه يعد بداية شراكات استثمارية ومشروعات جديدة تسهم جميعها في تحقيق أهداف الاستراتيجية الوطنية للهيدروجين الأخضر والترويج لمصر كمركز إقليمي للطاقة الخضراء.
كما يأتي ذلك فيما تم الإعلان عن قيام الهيئة الاقتصادية لمنطقة المثلث الذهبي بدراسة طرح المناطق الصناعية بالمثلث على مطور صناعي، حيث سيتولى تقسيمها وتنميتها وفق مخطط تفصيلي إلى وحدات إنتاجية مختلفة. من المتوقع الانتهاء من المخطط العام للمنطقة، التي تضم مناطق استثمارية فرعية، خلال وقت قريب، متبوعة بعملية الترويج والتسويق، حسب ما كشفه محمد أبو الغيط، نائب رئيس الهيئة. وأكد أن الهيئة تلقت طلبات بشأن الاستثمار في المنطقة، ويجري السير في عملية تسعير الأراضي والإعلان عنها قريباً، وفقاً لمنصة "العربية".
وتبلغ مساحة المنطقة الاقتصادية للمثلث الذهبي 2.2 مليون فدان على شكل مثلث، حيث تمتد قاعدته على شاطئ البحر الأحمر بين مدينتي القصير وسفاجا، ويرتفع رأسه في محافظة قنا. تعمل الحكومة المصرية على تعزيز القطاع الصناعي في الاقتصاد المصري من خلال طرح الأراضي الصناعية المختلفة بأنظمة متعددة تشمل التملك وحق الانتفاع، مع خفض الأسعار وتحديدها على أساس تكلفة الترفيق للمتر المربع.
في جانب آخر من المقرر الإعلان عن المساهم الجديد في الشركة الوطنية لبيع وتوزيع المنتجات البترولية "وطنية" بعد عقد اجتماع عقده رئيس الوزراء مصطفى مدبولي لاستعراض العروض المقدمة للاستحواذ على (وطنية). وفقاً لبيان مجلس الوزراء، تبلغ حصة المساهمة المتاحة للشراء 30% من الشركة المشغلة لمحطات الوقود، وهناك ثلاثة عروض نهائية تم تقديمها للنظر فيها.
فيما أعلن رئيس الوزراء خبراً إيجابياً آخر، حيث أشار إلى أن وزير قطاع الاعمال العام أكد أنه تم دخول 520 مليون دولار للوزارة، من صفقة "الفنادق" التي تم الإعلان عنها مؤخراً، وقريباً سوف تتسلم الوزارة باقي المستحقات الدولارية من قيمة الصفقة البالغة 800 مليون دولار توازي حصة البيع المقدرة بنسبة 39% مع احتمالات بزيادة هذه النسبة وزيادة القيمة.
كل المؤشرات تؤكدأن الاقتصاد المصري على موعد مع انطلاقة جديدة مع توظيف التدفقات الجديدة في مشروعات التنمية المستدامة لمصر وتعزيز الإصلاحات الاقتصادية والاستقرار الاقتصادي.