على مدى ساعتين دار حديثنا مع الدكتور محمد معيط وزير المالية، حول الموازنة العامة القادمة 24/25، وما يمكن أن يجرى خلال الشهور المقبلة فيما يتعلق بالإنفاق العام وانعكاسات الموازنة على الأسعار والخدمات، وهناك بالطبع أسئلة مطروحة فى الشارع وبين المواطنين، حول مدى ما يمكن توقعه من خلال السياسات العامة والموازنة، ارتباطا بالخطوات التى جرت مؤخرا وتم بموجبها دخول تدفقات من العملات الصعبة، مع سياسات محكومة بخطط الإنفاق والحوكمة، وتحديد سقف للاستثمارات الحكومية، وإتاحة فرص ومجالات أوسع للقطاع الخاص، بالشكل الذى يفتح مجالات للتوظيف وأيضا للتصدير مع استمرار منح حوافز للمصدرين.
وزير المالية الدكتور محمد معيط، أكد استمرار الإصلاحات لاستعادة الاستقرار الاقتصادى بشكل يكون لصالح المواطنين وينعكس على معيشتهم، وقال إن الحكومة تعمل على مواجهة التضخم بحزمة من السياسات الأكثر كفاءة، وتأثيرا فى حياة الناس، والهدف رفع معدلات النمو، مدفوعة بنشاط أكبر للقطاع الخاص، بما يحقق انطلاقة قوية للاقتصاد الحقيقى، والتعامل مع التحديات التى تواجه قطاعات الصناعة والزراعة والإنتاج والتصدير، واستمرار المبادرات الداعمة لهذه القطاعات، حيث تم تخصيص 23 مليار جنيه بالموازنة الجديدة لدعم الصادرات، وتحفيز الأنشطة التصديرية.
وتقدر الحكومة تدفقات النقد الأجنبى المتوقعة بعد الاتفاق مع صندوق النقد الدولى بـ20 مليار دولار، وأن الحزمة المالية المقدمة من الاتحاد الأوروبى المقدرة بـ7.4 مليار يورو تعزز أيضا مسار الاستقرار الاقتصادى، الذى بدأ ينعكس إيجابيا فى تحسن نظرة مؤسسات التصنيف الائتمانى لمستقبل الاقتصاد المصرى، وفى مقدمتها موديز.
وأشار الدكتور معيط إلى أن الرئيس عبدالفتاح السيسى، أصدر توجيهات حاسمة للحكومة عند إعداد الموازنة الجديدة بالتركيز على التنمية البشرية وتحسين مستوى معيشة المواطنين، وهو ما يضع على الحكومة ضرورة العمل على تحقيق التوازن بين إجراءات التعافى الاقتصادى والانضباط المالى وتعويض المواطنين عن الآثار التضخمية الصعبة، والآثار السلبية لأربع سنوات من وباء كورونا والموجة التضخمية إلى الأوضاع السياسية بالشرق الأوسط والحرب فى أوروبا.
وبالتالى فإن الصحة والتعليم «أولوية رئاسية» خلال الموازنات المقبلة بدءا من موازنة العام المالى 24/25 مع العمل على تأمين احتياطى استراتيجى من السلع، بما يلبى الاحتياجات الأساسية للمواطنين، إضافة إلى زيادة الإنفاق على الحماية الاجتماعية، لتخفيف الأعباء عن متوسطى ومحدودى الدخل، حيث تم تخصيص 569 مليار جنيه للدعم، منها أكثر من 134 مليارا للسلع التموينية وأكثر من 147 مليار جنيه لدعم المواد البترولية، نتيجة لارتفاع أسعار البترول عالميا وأثر تغير سعر الصرف، وهذا يعتبر تحديا كبيرا للمالية العامة للدولة.
الدكتور معيط أكد أن الأمور بدأت تسير بشكل جيد، وسوف تستمر كذلك خلال الفترة المقبلة مع مواصلة إجراءات تصويب وتحسين الوضع الاقتصادى، خاصة أننا نعمل على سياسات اقتصادية أكثر استدامة وتحوطا للصدمات الداخلية والخارجية، وأن معدلات الإفراج عن البضائع تتزايد كل يوم على نحو يسهم فى تعزيز جهود الدولة الهادفة لزيادة حجم المعروض السلعى بالأسواق المحلية، وقد بلغ إجمالى قيمة السلع والبضائع المفرج عنها من أول يناير الماضى وحتى الآن أكثر من 14.5 مليار دولار.. ويقول الدكتور معيط إن المالية تستهدف 2 تريليون جنيه إيرادات ضريبية دون إضافة أى أعباء جديدة على المواطنين أو المستثمرين، وإنما تعظيم جهود دمج الاقتصاد غير الرسمى خلال الاستغلال الأمثل للأنظمة الضريبية المميكنة.
الشاهد أن الحكومة تستهدف التضخم، وتسعى لاستمرار سياسات محكومة بخطط، للتعامل مع الاقتصاد بشكل يعيد الاستقرار ويدعم الاستدامة، وقد جدد رئيس الوزراء الدكتور مصطفى مدبولى، خلال اجتماع الحكومة الأسبوعى، الإشارة إلى النتائج المهمة للقمة المصرية الأوروبية التى عقدت بالقاهرة، بمشاركة زعماء إيطاليا وبلجيكا والنمسا واليونان وقبرص والمفوضية الأوروبية، وتم خلالها ترفيع العلاقات بين مصر والاتحاد الأوروبى لمستوى الشراكة الاستراتيجية الشاملة، وهو ما بعث رسائل إيجابية حول الاقتصاد بجانب تحسن التقييم من قبل المؤسسات التقييم الدولية، خاصة وكالة «ستاندرد آند بورز» بتعديل نظرتها المستقبلية لمصر من مستقرة إلى إيجابية، وهو مؤشر إيجابى جديد يعكس الوجهة الصحيحة لمسار إصلاح الاقتصاد، وما تم اتخاذه من خطوات وقرارات مؤخرا من جانب الحكومة والبنك المركزى، ساهم بشكل كبير فى تغيير نظرة كثير من المؤسسات الدولية لمصر، وتوقعها مزيدا من التحسن فى الوضع الاقتصادى، بما يضعنا فى بداية الاستقرار الاقتصادى.
حديث وزير المالية، وتأكيدات رئيس الوزراء، تشير إلى تفاؤل كبير، يبقى أن ينعكس على التضخم، واستقرار الأسعار، مع استمرار الاستقرار بما يسمح بمزيد من الاستثمارات الخارجية والداخلية، التى تترجم فى فرص عمل ونسبة نمو تعيد الاستقرار.