ربما يرى البعض أنه ربط متعسف، وربما يرى بعض آخر، أن هذا الربط من وحى خيال خصب، لا يمت للواقع بصلة، وفريق ثالث قد يرى وجاهة فى الربط، ويعتبره ربطًا واقعيًا، وتفكيرًا خارج الصندوق، يؤكد أن جوهر نهج وأفكار وأهداف الجماعات والتنظيمات المتطرفة جميعها، واحد، مهما اختلفت المسميات، وأن التشابه فيما بينهم يصل إلى حد التطابق، ولا يهم هذه الطائفة أو الجماعة كانت سنية أو شيعية، فالجوهر فاسد!
وما بين اختلاف الفرق الثلاث، حول هذا الربط، فإن السؤال الذى يعصف بالعقل، ويظل مطروحا وهو: لماذا اختارت جماعة الإخوان - عندما واتتهم الفرصة عقب 25 يناير 2011 - تدشين مقرهم الرئيسى فوق أعلى مكان فى القاهرة، جبل المقطم؟ وهل اختيار المقر تأثرًا باختيار مؤسس طائفة الحشاشين حسن الصباح، لقلعة آلموت، فوق قمة جبل شاهق، ومحصنة، بتحصينات طبيعية، يصعب الوصول إليها أو اقتحامها؟
5 شارع 10 بجبل المقطم، عنوان مقر جماعة الإخوان الإرهابية، والذى صار مقرا لحكم البلاد فى سنة 2012 السوداء، والمطبخ الذى كانت تخرج منه كل القرارات، وأن قصر الاتحادية ما هو إلا ديكور، وبوق يعلن ما جاء من المقطم فى حقيبة المناديب لإعلانها.
مقر المقطم مساحته 600 متر، عبارة عن مبنى يتوسط حديقة، ويضم عددا كبيرا من الغرف، مخصصة لأعضاء مكتب الإرشاد، وقاعات أخرى لإجراء الحوارات الصحفية والتليفزيونية، وملحقة به ساحة انتظار ضخمة تستوعب أعدادًا كبيرة من السيارات، ووصفه مهدى عاكف، المرشد العام السابق للجماعة، فى تصريحات سبقت افتتاح المقر، بأنه يشبه «القصر».
الجماعة لم تلتزم بقوانين البناء فى المنطقة، والتى كانت لا تسمح بالارتفاعات أكثر من 4 طوابق، فزادت من الطوابق فى مخالفة صريحة، رغم شكوى أهالى المنطقة، اللافت للنظر، أن الجماعة عندما قررت نقل مقرها الكائن بمنطقة المنيل، لم تفكر فى أن تنتقل إلى المناطق الجديدة، مثل القاهرة الجديدة، أو الشيخ زايد، أو حتى الشروق، مع العلم أن معظم الأحزاب المدنية والتى صار لها وجود كبير فى الشارع، اتخذت من التجمع، مقرات رئيسية لها، عكس جماعة الإخوان التى اتخذت من هضبة المقطم الشاهقة، مقرا لها، وكأنها تريد أن تبعث برسالة أنها ترى القاهرة من أعلى، والأعلى هو من يتحكم فى دفة الأمور!
تأسيسيا على ذلك، فإن انتفاضة جماعة الإخوان وغضبها من مسلسل الحشاشين، خشية المقارنة بين أفكارها وأهدافها، بأفكار وأهداف طائفة الحشاشين، الذى يعود تأسيسها للقرن ال11، ويقينا أن مؤسس الجماعة، مجهول الهوية والنسب حسبما ذكر الأديب والمفكر الكبير محمود عباس العقاد قد استنسخ أفكار وأهداف «الحشاشين» عند تأسيسه لجماعته سنة 1928، وصارت جماعة الإخوان امتدادا طبيعيا لطائفة الحشاشين، فى كل شىء، حتى فى اختيار مكان المقر، بحيث يكون فوق أعلى منطقة بالقاهرة!
واتساقا أيضا مع نفس الأفكار، فإن حسن الصباح، مؤسس طائفة الحشاشين، حاول التسلل إلى بلاط السلطان السلجوقى، ونجح بالفعل، وصار مقربًا من السلطان، وما إن اطلع على كل ما يتعلق بإدارة شؤون السلطنة، ومعرفة مكامن القوة والضعف، انقلب على السلطان ونظامه، نفس الأمر استنسخه، حسن البنا، عندما تسلل لبلاط الملك فؤاد، وقال فيه قصائد شعر، وأتى له بفتاوى دينية مثيرة، ثم فعل الأمر ذاته مع الملك فاروق، ثم قدموا أحد أبرز منظريهم سيد قطب، للتقرب والتزلف من الضباط الأحرار، ومع كل تقرب، كان يعقبه انقلاب.
نفس الأمر فعلوه حديثًا، وتحديدا عقب 25 يناير، عندما تسللوا بين التيارات المدنية، والنشطاء أدعياء الثورية، وأسدوا لهم وعودا بعدم الاستحواذ على السلطة عقب نجاح الثورة، ولن يتقدموا بالترشح للرئاسة أو غيرها، وعندما نجحت 25 يناير، اختطفها الإخوان، وانقلبوا على التيارات المدنية والنشطاء أدعياء الثورية، فى مشهد دراماتيكى، يفوق حبكته وتنفيذه، حبكة الدراما ذاتها!
طائفة الحشاشين وجماعة الإخوان، اختلف المسميان وتطابقت الأفكار والأهداف، وأن الرابط الرئيسى بينهما، اتخاذ الدين جسرا للوصول إلى السلطة.
المثير للدهشة، أن التشابه بين الحشاشين، والإخوان، وصل إلى حد أن اسم مؤسسىِّ التنظيمين «حسن» الصباح، و«حسن» البنا، ألا لعنة الله على الكاذبين الفاسدين الفجرة.
وللحديث بقية.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة