أكرم القصاص

«السوشيال ميديا» للتواصل أو للقتل.. الجريمة والبراءة والعقاب!

الإثنين، 04 مارس 2024 10:00 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مع اتساع مواقع وأدوات التواصل الاجتماعى وتضاعف أعداد المستخدمين، نحن أمام مجتمع كامل، يضم الطيبين والأشرار والجهلاء والمجرمين والأبرياء، وبقدر ما تحمل هذه الأدوات الكثير من الميزات فهى أيضا تحمل عناصر التدمير والخطر والتهديد، وهناك أنواع من الجرائم تقع، من ضمنها التنمر أو القذف والسب أو الإساءة والتشهير والابتزاز، التى يمارسها البعض ممن يفتقدون الى الاعتدال، أو التربية السليمة. 
وفى المقابل يكون الطرف المجنى عليه ضعيفا أمام محاولات الابتزاز، فيختار الابتعاد أو يشعر بالعجز، ويخضع لهذا النوع من الابتزاز، أو يرفض السير فى المواجهة خوفا أو ترددا فى الشكوى واتخاذ الإجراءات التى تحفظ حقه.
 
بعض ممن يرتكبون هذه الجرائم يعتقدون أنهم بعيدون عن المحاسبة، وأن هناك صعوبة فى الوصول مما يجعلهم يتمادون فى جرائمهم أو مطاردة ضحاياهم بالإساءة، بينما تحرك جهات التحقيق ومعاقبة المعتدين يضع فى يقين المعتدين أنهم تحت القانون، وقد أصبحت هناك طرق تقنية تسهل الوصول إلى الجناة حتى لو كانوا يستعملون المواقع بأسماء مستعارة أو مجهلة، وبالوصول إلى هؤلاء المعتدين ومعاقبتهم يعرف كل من يستعمل أدوات التواصل أنه ليس بعيدا عن تطبيق القانون.
 
نقول هذا بمناسبة قضية طالبة العريش التى توفيت، وتواصل النيابة العامة تحقيقاتها واتخذت قرارات حاسمة بشأنها تتعلق بالوقوف على أسباب الوفاة، وسؤال والدى المجنى عليها، والاستماع لكل الأطراف فى الجامعة والسكن الجامعى، واستدعاء كل من أشارت إليه وسائل التواصل الاجتماعى وتحريات جهات البحث والتحقيق وكل من له صلة بالواقعة متهما أو شاهدا، القضية فى أيدى جهات التحقيق والنيابة العامة والتى تتخذ طريقها وتقوم بمسؤوليتها فى الجانب الجنائى.
 
مع الأخذ فى الاعتبار أن أدوات التواصل هى نفسها التى كانت عامل ابتزاز فهى أيضا عناصر للكشف، ولهذا فإن حسابات الجميع، وأدلة الحوارات والخلافات متاحة، بجانب وقوف منظمات ومؤسسات أهلية وعامة دعما للفتاة وأهلها، ومنها المجلس القومى للمرأة، الذى يقوم بدور مهم فى مساندة الضحايا وتقديم الدعم المعنوى والقانونى لهن، وربما تكون هناك حاجة بالفعل لوجود جهات ومنظمات أهلية تدعم ضحايا الابتزاز والتشهير عموما، بما يضمن للضعفاء منهم نيل حقهم ممن يستسهلون الابتزاز والتشهير ويمارسون أقسى أنواع الضغوط فى تنمر أو سب أو ابتزاز. 
 
وعلى مدى سنوات كانت هناك قضايا تعدٍ وتنمر على بعض الضعفاء، استغاثوا بالنائب العام، على مواقع التواصل، وبالفعل تحركت وحدة الرصد فى النيابة العامة، وتوصلت إلى التليفون المستخدم، وإلى المتهم، والتحقيق معه، وإحالته للقضاء. 
 
ولا شك أن تحرك النيابة العامة فى الجرائم التى تقع عن طريق مواقع التواصل، ويتم فيها ارتكاب أفعال تنمر أو سب وقذف أو تشهير، وهناك سوابق لمثل هذه الجرائم تحركت فيها سلطات التحقيق بشكل يحفظ حق المجنى عليهم، ويضع المسؤولية القانونية على كل من يستخدم أدوات التواصل ويدرك أنه قريب من يد العدالة، خاصة هؤلاء الذين اعتادوا التنمر والابتزاز ضد آخرين، حتى ممن ينشرون صورهم أو يمارسون حياتهم بشكل طبيعى، ويجدون أنفسهم ضحايا للابتزاز، ومحاسبة من يظنون أنهم سيفرون بفعلتهم فى عالم افتراضى يصعب البحث عنهم فيه.
 
وتطور آليات التحقيق فى العصر الحديث أتاح من السبل التكنولوجية المتقدمة ما يعين النيابة العامة وسائر الجهات المعنية على التصدى لمختلف صور الجرائم المرتكبة باستخدام التقنيات الحديثة، وأن النيابة العامة فى ظل استراتيجية التحول الرقمى تواصل متابعة الجرائم التى ترتكب بالتقنيات والتى يظن مرتكبوها أنهم بعيدون عن أيدى العدالة.  
 
وما جرى فى العريش ليس المرة الأولى ولن تكون الأخيرة، أن تصبح الكاميرا فاعلا فى الأحداث، وتتسبب فى مشكلات وقضايا، تعيد الجدل حول الخيط الفاصل بين العمومية والخصوصية، خاصة ونحن  فى مجتمع متنوع، ليس كل الناس مثاليين، وبالتالى فإن وجود سرعة وحسم فى التعامل والكشف والحساب يشجع الضحايا على السعى لنيل حقهم، ويردع المخطئين.
 
ومرات قلنا إن القوانين لدينا كافية، ونحن لا نحتاج لمزيد من القوانين، لكننا بحاجة إلى وجود بحث اجتماعى ونفسى لتصرفات هؤلاء الشباب الصغير الذى مارس مثل هذه الأفعال التى تم عرضها على مواقع التواصل، وتتضمن تهديدات أو ضغطا، أو جملا غير مناسبة، وهؤلاء يفعلون ذلك بسبب غياب التوجيه أو التربية، بجانب اعتقادهم أنهم سينجون بفعلتهم.
 
وبشكل عام يجب أن تخضع سلوكيات المستخدمين جميعا لمواثيق الشرف أو احترام الخصوصية، ويعرفوا أن التقنيات وأدوات التواصل أيضا أسلحة يمكن أن تدمرهم ومعهم آخرون.
p.8

 







مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة