تستهدف السياسة الرشيدة بالجمهورية الجديدة إحداث تنميةٍ سياحيةٍ مستدامةٍ في ربوع الوطن، بفكرٍ استراتيجيٍ يقوم على التخطيط المرتبط بمسارات التنمية الاقتصادية، وفي هذا الخضم تعمل الدولة على توظيف الموارد والإمكانيات وتطوير المرافق والخدمات السياحية؛ بالإضافة إلى الاهتمام بالتوعية السياحية؛ حيث التسويق على المستويين الداخلي والخارجي؛ بغية التعريف بالمواقع السياحية المختلفة في ضوء خصائصها المتفردة والخدمات التي توفرها بهذه الأماكن؛ بهدف جذب السائحين بمزيدٍ من المزايا التنافسية على المستويين الإقليمي والعالمي.
ولندرك أهمية الوعي السياحي في بلدنا الحبيب؛ إذ يشكل أهميةً لتعريف المجتمع وخاصة فئة الشباب بأهمية هذا القطاع الحيوي الذي يمثل أحد شرايين الاقتصاد، كون السياحة لها آثارٌ إيجابيةٌ عديدةٌ على البلاد؛ إذ يتعرف السائح على ملامح الحضارة وما تتضمنه الطبيعة المبهرة بأرجاء الوطن؛ فتنتقل الصورة الإيجابية وينمو القطاع السياحي، ويجذب من خلاله الاستثمارات الأجنبية التي تستهدف المناطق السياحية المتميزة، ومن ثم يتوجب العمل على حماية مقدراتنا السياحية من مصادر التلوث وآثار التغيرات المناخية.
وتعد السياحة العلاجية نمطًا فريدًا من أنماط السياحة في العالم؛ حيث ذكر التاريخ أن الإنسان يسافر بغرض البحث عن الاستشفاء، ومن ثم أنشأت المنتجعات الاستشفائية التي تقدم خدماتها المتعددة والمتنوعة للسياح من أماكنٍ للإقامة ورعايةٍ طبيةٍ احترافيةٍ ومتخصصةٍ وتستغل الموارد الطبيعية بصورةٍ جيدةٍ في هذا الشأن؛ لذا بات توافر مقومات السياحة العلاجية في بلادنا أمرًا مهمًا يعمل على الجذب السياحي بما يسهم في زيادة الدخل القومي المصري بشكلٍ مباشرٍ.
وتقوم صناعة السياحة العلاجية في مصر على فلسفة القدرة التنافسية في عرض ما يسهم في تنمية القطاع السياحي على أرض الواقع؛ لتستهدف جذب أكبر عدد من السائحين بما يتطلب الزيادة المضطردة للغرف الفندقية وجودة الخدمة وتقديم برامج ترفيهية وتثقيفية تساعد في خلق بيئةٍ سياحيةٍ ذات ريادةٍ في المنطقة المستهدفة، وينبغي الاعتماد على توفير الملامح الطبيعية البيئية الجاذبة التي تساعد على الاستشفاء بدءًا من مرحلة تلقي العلاج وانتهاءً بمرحلة النقاهة وبالطبع تحت الإشراف الطبي الدقيق الذي يشرف على البرامج الغذائية المقدمة ويتابع البرامج الرياضية وأنشطتها المتنوعة للمرضى؛ بالإضافة لاستغلال مصادر البيئة الطبيعية والتي منها عيون المياه المعدنية والكبريتية والرمال والهواء والنقي والطين العلاجي وأشعة الشمس الآمنة.
ونلاحظ أن السياحة العلاجية لها مستوياتٌ، تبدأ بعلاج الأمراض الحادة والمزمنة، وهو ما يسمى بالعلاج المتخصص، وهناك مسار التحسن للحالات المرضية المزمنة وقد يكون مؤقتًا، ويدعى بالاستشفاء، والنوع الثالث يطلق عليه الاستجمام ومن ثم يخص الأصحاء ومن يرغبون في قضاء فترات نقاهةٍ، وهذا التصنيف المشار إليه، يجعل المسئولية مشتركة بين العديد من الوزرات والتي يقع على عاتقها تقديم أفضل ما لديها لتسهم في الجذب السياحي، ومن ثم نخص وزارات السياحة والصحة والطيران والإعلام والخارجية والداخلية؛ حيث إن التضافر وتتباع الجهود التنسيقية فيما بينهم يتوجب أن تؤدي على قدمٍ وساقٍ، وهو ما نراه على أرض الواقع المصري في شتى ربوع الوطن.
وفي ضوء ما تقدم نجد أن الاهتمام بالتسويق السياحي العلاجي أضحى مهمًا إذ يستهدف قطاعًا لا يستهان به من الذين يسعون لنيل الرعاية الصحية الأفضل على مستوى العالم، وبدون شكٍ ينبغي أن تكون مدعومةً بالتطور التقني الذي فرض نفسه في هذا القطاع، ويضاف لما تقدم ما ذكره دولة الرئيس في افتتاح المؤتمر الدولي لتطبيقات السياحة الصحية المصرية؛ حيث أكد أن هناك طلبًا متزايدًا على السياحة العلاجية وسياحة الاستشفاء يأتي مدفوعًا بواحدٍ من أكبر التغيُّرات الديموغرافية الجوهرية التي يشهدها القرن الحادي والعشـرون، المُتمثِّل في شيخوخة السكان، موضحاً أن تلك الظاهرة يُطلق عليها أيضًا "الشِّيب العالمي"، والناتجة عن ارتفاع الوزن النسبي للسكان في الفئة العمرية 65 عامًا فأكثر، مع تنامي فئة السكان الأكبر سنًا (84 عامًا فأكثر).
إن الدولة المصرية العظيمة قادرةٌ بفضل عزيمة رجالها وقيادتها على أن تعظم من مواردها الطبيعية وغير الطبيعية، وخاصةً في هذا القطاع المهم؛ حيث إن المناطق السياحية العلاجية بالوطن الحبيب ذاتُ شأنٍ تاريخيٍ؛ فهناك حلوان والعين السخنة والغردقة والفيوم والواحات وأسوان وسيناء وسفاجا وغيرها من الأماكن التي بها مقوماتٌ متفردةٌ لهذا النمط من السياحة، وهذا يؤكد ضرورة العمل المستمر في التسويق الرقمي الذي يكشف عن المعلومات الجغرافية وما يقدم من خدماتٍ متكاملةٍ على مستوى عالمي.
حفظ الله وطننا الغالي وقيادته السياسية الرشيدة أبدَ الدهر.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة