أكرم القصاص

إيران وإسرائيل وغزة.. الحرب بالوكالة بديلا عن الصدام المباشر

الجمعة، 12 أبريل 2024 10:00 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

كل يوم تتخذ الحرب فى غزة مسارات وتحولات تهدد باتساع الصراع الإقليمى بما يحمله من أخطار استخدام السلاح المحرم أو التورط بشكل واسع فى حرب بلا افق، ويبدو أن رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتنياهو يرى أنه لن يمكنه الاستمرار من غير الحرب، خاصة أنه لم يستطع تنفيذ تعهداته لأهالى المحتجزين باستعادة أقاربهم بالحرب، بينما يقف مترددا أمام أى اتفاقات أو هدنة، يتم طرحها بمراعاة كل القنوات والمصالح.

وبالرغم من صدور تحذيرات كثيرة من اندلاع حرب إقليمية مباشرة بين إيران وإسرائيل فإن أغلب التوقعات تسير نحو استبعاد الصدام المباشر بالرغم من أن إسرائيل تبدى منذ أسابيع رغبة فى توسيع نطاق الحرب، خاصة بعد قصف إسرائيل لقنصلية إيران فى سوريا، واغتيال رجال من نخبة فيلق القدس التابع للحرس الثورى بينهم الجنرال محمد رضا زاهدى وآخرون، والواقع أن إسرائيل كررت الهجمات على أهداف إيرانية ونفذت اغتيالات فى جنوب لبنان للعارورى وغيره، فيما يبدو تحركا لإنهاء الحواجز، ويبدو أن إسرائيل ترد مباشرة على ما أعلنته أطراف وفصائل من أن إيران كانت وراء هجمات طوفان الأقصى، وما نسب لأطراف فى حماس يشير إلى أن العملية كانت انتقاما لاغتيال سليمانى.

الواقع أن إيران تعلن طوال الوقت أنها تتمسك بالابتعاد على توسيع نطاقات حربها أو الدخول فى حرب مباشرة مع إسرائيل، والاكتفاء باستعمال وكلاء هنا أو هناك بعضهم بالفعل انضم للصراع مثل الحوثيين، وبقيت الصدامات بين الاحتلال وجنوب لبنان فى نطاقاتالمناوشات المتبادلة، ويحرص أمين عام حزب الله منذ البداية على الابتعاد عن إصدار تهديدات مباشرة، والاكتفاء بالتلويح بالحرب من دون التقدم لها.

الهجمات الإسرائيلية التى استهدفت القنصلية وقبلها تنفيذ عمليات اغتيال لأعضاء بالحرس الثورى وضعت إيران فى حالة حرج أمام أنصارها فى المنطقة، خصوصا أن الضربة الإسرائيلية موجعة، فقد عبر المرشد الإيرانى على خامنئى، فى تغريدة له على إكس: «إن إسرائيل ستندم بإذن الله على جريمة اعتدائها»، وصف رئيس أركان الجيش الإيرانى، ما حدث بأنه  «انتحار ولن يبقى من دون رد»، وهل يمكن لإيران أن ترد على الهجمات ردا واضحا مقنعا لحلفائها، أم تبقى فى ظل الأعمال الشكلية؟، هذا هو ما سوف تسفر عنه الأيام المقبلة، وإن كان كثير من المحللين استبعدوا أن تقدم إيران على حرب واسعة مع إسرائيل، وأن تظل فى سياق التعامل بالوكالة، بالرغم مما فى ذلك من حرج لإيران أمام حلفائها وأنصارها الذين يطالبونها بالرد، بينما طهران اكتفت ردا على عملية اغتيال سليمانى بقصف قاعدة أمريكية اتضح أنها خاوية.

أمام على الجانب الإسرائيلى فإن نتنياهو رئيس وزراء الاحتلال، يبدو أنه يسير إلى خيارات صعبة لكونه يدرك أن مستقبله وبقاءه السياسى مرتبط بالحرب وليس بغيرها، وقد فشل حتى الآن فى تنفيذ وعوده باستعادة المحتجزين بالحرب، وأسقط عشرات الآلاف من الأطفال والأبرياء ووصلت علاقته بالولايات المتحدة وإدارة بايدن إلى توتر غير مسبوق مصحوب بتهديدات وإشارات لخفض مساعدات السلام، وهو أمر بالطبع يأتى بالرغم من استمرار الدعم الأمريكى، ويبدو أن نتنياهو يريد الوصول إلى الخيار شمشون والحرب مع إيران والتى بالطبع تشد الولايات المتحدة، وقد سبق وأرسل وزير الخارجية الأمريكى بلينكن رسائل إلى إيران لعدم توسيع الصدام، مقابل بعض العروض، وهو ما قد يجعل الهجمات الإسرائيلية حجة لمزيد من المطالب والاتفاقات.

وتتزايد مخاوف الولايات المتحدة والقوى الدولية من أن تتسع الحرب لتصل إلى استخدام أسلحة الدمار الشامل بما ينعكس بالخطر على المنطقة كلها، ولهذا تذهب الكثير من التحليلات إلى أن إيران تواجه صعوبة اتخاذ القرار للرد على الهجوم الإسرائيلى، وحسب رويترز، يرى مراقبون أن تصعيد الصراع فى المنطقة ليس على جدول أعمال إيران حاليا، وهو ما يجعلها أمام تحد واضح يتمثل فى طبيعة الرد الذى يحفظ ماء الوجه، وفى الوقت نفسه لا يورطها فى حرب مباشرة مع إسرائيل، والتى يمكن أن تتوسع بشكل أكبر وتضع الولايات المتحدة طرفا، وربما لهذا تسعى دول أوروبية إلى وقف التصعيد، حيث قال نائب رئيس الوزراء وزير الخارجية الإيطالى أنطونيو تايانى إن حكومة بلاده تعمل على وقف التصعيد فى مواجهة احتمال نشوب صدام بين إسرائيل وإيران، وقال «نحن نعمل بلا انقطاع، ولكن النتائج لا تعتمد على أوروبا».

p.8
 






مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة