بالرغم من رفع حالة التأهب القصوى فى كل من إسرائيل وإيران، لا تزال التحليلات تستبعد الصدام المباشر فى حرب واسعة، ربما لأن الطرفين ليست لديهما الرغبة فى هذا الصدام الذى يمكن أن يسفر عن خسائر كبيرة فضلا عن كونه يمكن أن يفتح باب أسلحة الدمار الشامل، وحسب ما نشرته «واشنطن بوست»، فإن الجيش الإسرائيلى كان فى حالة تأهب قصوى انتظارا لرد إيرانى محتمل بعد الغارة على القنصلية الإيرانية فى دمشق، والتى أسفرت عن مقتل قيادات إيرانية رفيعة المستوى، حوالى 16 قتيلا من بينهم، 7 أفراد من الحرس الثورى، وأثارت مخاوف من اتساع نطاق الحرب عبر المنطقة.
من جانبه أعلن جيش الاحتلال الإسرائيلى تعزيز منظومة دفاعاته الجوية واستدعاء قوات احتياط مع إيقاف منح الإجازات لجميع الوحدات القتالية، بالإضافة إلى حجب إشارات نظام تحديد المواقع «جى بى إس» فى بعض المناطق، وردت إيران بأن الصواريخ الحديثة لا تستعمل أنظمة الجى بى إس بما يحمل نوعا من التهديد بلا جدوى الدفاعات الإسرائيلية.
وزير الدفاع الإسرائيلى، يوآف جالانت، أعلن أن بلاده «تزيد من استعدادها» فىمواجهة التهديدات من جميع أنحاء الشرق الأوسط، مشيرا إلى أن المؤسسة الدفاعية فى البلاد «تقوم بتوسيع عملياتها ضد حزب الله، وضد الهيئات الأخرى التى تهددنا»، وقال: «علينا أن نكون مستعدين لكل سيناريو وكل تهديد» ضد الأعداء القريبين والأعداء البعيدين، و«سنعرف كيفية حماية مواطنى إسرائيل وسنعرف كيفية مهاجمة أعدائنا».
ويأتى «تأهب الإسرائيليين» بعد تهديدات الانتقام التى صدرت عن طهران، منها المرشد الأعلى الإيرانى على خامنئى الذى قال: «سنجعلهم يندمون على هذه الجريمة وغيرها من الجرائم المماثلة بعون الله»، لكن مسؤولين إيرانيين أشاروا إلى أن طهران لن تحيد عن النهج الذى تبنته منذ أكتوبر وهو تجنب الصراع المباشر مع إسرائيل والولايات المتحدة فى الوقت الذى تساند فيه وكلاء يضربون مصالح إسرائيل والقوات الأمريكية وسفن الشحن فى البحر الأحمر تعلن أنها لغزة.
فى المقابل يذهب بعض المحللين إلى أن هذه التهديدات من جالانت محاولة للتغطية على الفشل فى 7 أكتوبر وأيضا سعى جالانت نفسه لخلافة نتنياهو بالمزيد من التهديدات، وفى المقابل هناك بالفعل مخاوف ورعب من عمليات إيرانية مباشرة أو بالوكالة، وهو أمر يحدث بالفعل فى جنوب لبنان أو فى البحر الأحمر لكنه لم يصل إلى تهديد واضح لإسرائيل، لكن صحيفة «وول ستريت جورنال»، قالت إن إسرائيل سحبت بعض سفرائها وأخلت سفاراتها فى مواقع متعددة، وطُلب من بعض دبلوماسييها عدم الظهور فى المناسبات العامة، وهو ما يكشف عن حالة من الذعر، وصلت إلى حد إصدار عدة بلديات إسرائيلية بالقرب من تل أبيب إعلانات لتهدئة السكان وتحديث التوجيهات الخاصة بحالات الطوارئ، وإعلان فتح ملاجئ عامة.
الشاهد أن التوتر والصدام الظاهر يشيران إلى غياب الرغبة فى اندلاع حرب، وأقرب لاستعراض وتهديد، بالذات من قبل أطراف اعتادت تبادل التهديدات مع تجنب حرب مكلفة، والاكتفاء بالوكلاء الذين ينفذون العمليات ليس فقط ضد إسرائيل لكن أيضا ضد المصالح الأمريكية، بالرغم من أن حزب الله يحرص فى خطابات على تأكيد عدم الرغبة فى دخول حرب إقليمية تريدها إسرائيل، بالرغم من تنفيذ اغتيالات وعمليات ضد إيران فى لبنان وسوريا.
وتشير بعض التحليلات إلى أن إيران مقيدة فى رد فعلها وأنها لا تفكر فى دخول حرب مباشرة وهو ما يجعل اندلاع حرب إقليمية أمرا مستبعدا، ويشير هؤلاء إلى أن إيران تعرضت للحرج مرات منذ اغتيال سليمانى ومع هذا ظلت فى إطار ضبط النفس، مكتفية بالمكاسب التى تحصل عليها فى اتفاقات أو عروض، وأن هذا كله دأب السياسة الإيرانية التى ترفع الدعاية والتهديد، وتساهم فى رفع تجارة الخوف والتوتر بالشكل الذى يدعم سباقات التسلح فى المنطقة من خلال تغذية المخاوف، وأن كلا من إسرائيل وإيران تلعبان نفس الدور فى تحفيز التوتر وسباقات الخوف المتبادل.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة