نكبة ابن رشد.. لماذا أمر الخليفة بإحراق كتب القاضي الفيلسوف؟

الأحد، 14 أبريل 2024 06:00 م
نكبة ابن رشد.. لماذا أمر الخليفة بإحراق كتب القاضي الفيلسوف؟ ابن رشد
كتب محمد عبد الرحمن

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

لم يحقق فيلسوف مسلم مثل ما حقق ابن رشد من شهرة وجدل ونقاش دائر حول أرائه وفلسفته وفقهه، هذا الجدل الدائر من حياة القاضي الفيلسوف منذ ما يقرب من الألف عام وإلى اليوم، لكن الأكيد أن تأثير الوليد ابن رشد كان كبيرا وممتدا، ولم يقف عند حدود البلدان الإسلامية فقط بل يشهد بتأثيره وعظمته الغرب الأوروبي.

ورغم  ابن رشد كان واحدا من كبار المفكرين والعلماء فى القرن الثانى عشر وأحد أكثر المؤثرين على الحركة الفكرية فى أوروبا، حيث اتجه الكثير من فلاسفة ومفكري أوروبا من مجايليه بالاعتماد على بحوثه وكتاباته على مدى خمسة قرون، إلا أن الوليد ابن رشد لم تتركه المحن والنكبات، لكن تبدو نكبته الأكبر في حرق كتبه وخلافه مع الخليفة الموحدي أبو يوسف يعقوب.

وتعرض لمحنة حيث أبعده أبو يوسف يعقوب، فلما مات أبو يعقوب يوسف وخلفه ابنه المنصور الموحدي زادت مكانة ابن رشد في عهده ورفعة وقربه إليه، لكن كاد له بعض المقربين من الأمير، فأمر الأمير بنفيه وتلامذته إلى قرية اليسانة التي كان أغلب سكانها من اليهود، وأحرق كتبه، وأصدر منشورا إلى المسلمين كافَة ينهاهم عن قراءة كتب الفلسفة، فلماذا انقلب عليه الخليفة الأندلسى فى أواخر أيامه؟

ويري الدكتور محمد لطفي جمعة في كتابه "تاريخ فلاسفة الإسلام" أن سبب النكبة مختلف عليه، وقد عللها المؤرخون بعلل شتى، ولكن السبب الحقيقي واحد، وهو أن كل حكيم ذي مكانة يكثر أعداؤه وحساده الذين يغارون من شهرته وينقمون عليه علو كعبه وترفعه، وهؤلاء الحساد والمقاومون يظهرون تارة باسم الدين، وطورًا باسم الأخلاق والفضيلة، وتارة باسم السياسة. والحقيقة أنهم أعداء شخصيون للرجل العظيم.

ويوضح الكتاب سالف الذكر ما حدث في نكبة ابن رشد أن أعداءه لبسوا ثياب الدين، ودسوا عليه دسيسة في بلاط الخليفة ونجحوا فيها، فتمكنوا بها من التغلب على حزب الفلاسفة الذي كان سائدًا مسموع الكلمة لدى الخليفة بفضل ابن رشد، ومما يؤيد هذا الرأي أن ابن رشد لم يكن وحيدًا في الإهانة والأذى والنفي والاعتقال، بل كان معه كثير من أتباعه وأمثاله العلماء، وكان ذنبهم في نظر الخليفة وحزبه انقطاعهم للفلسفة ودرس كتب الأقدمين.

ويبدو ان الخليفة عاد إلى رشده وعرف حقيقة الدسائس التي دست بينه وبين ابن رشد، حيث لفت الدكتور محمد لطفي جمعة في كتابه إلى أن الخليفة بعد أن أطاع مشير السوء عاد فندم على ما فرط منه في حق الحكمة والحكماء، فرجع إلى مراكش ونسخ المنشور الذي أذاعه في حق ابن رشد وصحبه، ومحا أثره واشتغل بالفلسفة واسترضى ابن رشد ورفاقه، ودعاهم إلى حضرته وقربهم من حظيرته، وقدمهم واستمع لهم وأطاع رأيهم، ونبذ حزب التعصب والجهل الذي كان سببًا في نكبتهم.










مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة