في إطار التصعيد بين إسرائيل وإيران الراهن، والتخوف من مواجهة مباشرة تؤدى إلى نشوب حرب إقليمية أو اتساع رقعة الصراع في الإقليم، هناك دوافع عدة تدفع من يُريد الاستثمار في حرب غزة إلى إطالة أمد الصراع، وأول هذه الأطراف هو الجانب الإسرائيلي الذى لديه مخطط ومشروع استراتيجى يعمل على تنفيذه بكل الأدوات والسبل.
وبما أننا نتحدث عن تزايد حدة التصعيد الإسرائيلي الإيراني، فمن المؤكد أن نشير إلى أن هناك تقدما لافتا في إنتاج إيران لليورانيوم المخصب والتوسع في إدارتها لمعارك بالوكالة من اليمن ولبنان والعراق وسوريا، ما يعنى أن هناك عوامل جديدة تعجِّل بحتمية المواجهة بين البلدين.
نعم، إيران وإسرائيل كانت خلال العقود الماضية لا ترغبا في مواجهة مباشرة، وتم الاتفاق على ما يسمى بقواعد الاشتباك، لكن بعد الرد الإيرانى الأخير والذى يعد اختراقا نوعيا لهذه القواعد المتفق عليها بات الأمر مختلفا وباتت المواجهة المباشرة قريبة عن أي وقت مضى، بل أقول: إنها باتت حتمية في ظل وجود رئيس وزراء اسرائيلى مُتطرف يُريد اتساع رقعة الصراع خدمة لمصالحه ومن أجل بقائه في السُلطة أطول وقت ممكن، وأملا في مجىء دونالد ترمب رئيساً للولايات المتحدة.
وأعتقد أيضا أن هناك عامل آخر يجعل المواجهة بين إيران وإسرائيل باتت حتمية، خلاف عامل أن طهران على عتبة الإعلان عن اختبار إنتاج القنبلة النووية، وهو أن إيران بالقعل استطاعت من خلال ذراعها في اليمن أن تقول للعالم كله أنها قادرة على تعطيل الملاحة بالبحر الأحمر، وبالتالي الحوثى أصبح قوة مضافة جديدة لإيران.
إضافة إلى تحركها اللافت في إدارة المعارك بالوكالة، خصوصاً من الجبهتين اللبنانية والسورية، الأمر الذى يسبب قلقاً وجودياً لإسرائيل، فهل أحد ينكر أن قدرات حزب الله اليوم ليست تلك التي واجهتها إسرائيل عام 2006؛ فقد دخل الحزب عالم المسيّرات وأثبت قدرة في تضليل القبة الحديدية.
لذا، فإن كل العوامل تؤكد أن المواجهة بين إسرائيل وإيران باتت حتمية ومطلوبة إسرائيليا من أي وقت مصى خاصة في وجود نتنياهو الذى يُريد أن يُشغل العالم عن حربه وجرائمه في غزة من ناحية، ويُريد أن يجر المنطقة فى صراع من خلال لُعبة الردود المتبادلة والمحسوبة بهدف إطالة أمد الصراع، ولتحقيق مكاسب استراتيجية، وللأسف كل هذا يتم وسيتم على حساب القضية الفلسطينية والسلم والأمن في الإقليم..
لأنه في النهاية إيران لديها مشروعها الاستراتيجي في الإقليم وتوظف وتستثمر كل شيء لصالح تحقيقه، وأيضا إسرائيل لديها مشروعها المعروف والمُعلن وتُريد تنفيذه على الأرض كاملا، والولايات المتحدة ووراؤها الناتو والمجتمع الدولى يسعون لخدمة أجندتهم الخاصة التي من ضمنها حماية إسرائيل وضمان تفوقها العسكري والسياسى والاقتصادي في المنطقة، والخاسر – للأسف – هم العرب وقضيتهم.. لذا علينا أن نفيق!!