كلما تصعد "مسألة القمح" فى مصر إلى الواجهة سواء سياسيا أو إعلاميا يزداد الاهتمام بها بصورة غير عادية لدى جميع فئات الشعب المصرى، وتحديدا فى هذا التوقيت من كل عام، الذى يبدأ فيه موسم الحصاد، وبالتالى بدء توريد المحصول من الفلاحين للحكومة. ومع بدء الموسم يبدأ الحديث والبحث فى السؤال المزمن الذى يفتح أحيانا أبواب الأمل وأحيانا أخرى سراديب القلق والخوف على مستقبل الأمن الغذائى لمصر وبخاصة المحصول الاستراتيجى الأول لغذاء المصريين، وهو رغيف العيش، الذى يستهلكون منه -حسب وزير التموين الدكتور على مصيلحي- 254 مليون رغيف يوميا، بما يتعدى 93 مليار رغيف كل عام.
الدولة تضع مسألة زيادة الرقعة الزراعية وزيادة المساحات المنزرعة من المحاصيل الاستراتيجية ومنها القمح بالطبع فى أولوية اهتماماتها، والحكومة أيضا بالتوازى تدفع فى هذا الاتجاه بالتوازى بإجراءات مرنة تثبت حسن النوايا وسلامة القرار للوصول إلى الهدف الأسمى وهو تحقيق الاكتفاء الذاتى من القمح أو على الأقل فى المنظور القريب تقليل فاتورة الاستيراد منه، فمصر تعتبر أحد أكبر مستوردى القمح فى العالم.
بالأمس استجابت الحكومة فى اجتماعها برئاسة الدكتور مصطفى مدبولى، للمطالبات التى كانت تنادى بزيادة سعر التوريد والفعل وافقت على تحديد سعر توريد القمح المحلى لموسم 2024-2025، ليكون 2000 جنيه لإردب القمح. وهذا القرار يأتى دعمًا للمزارعين، وتشجيعهم وتحفيزهم على زيادة المساحة المنزرعة من القمح والتوريد مباشرة للحكومة.
قرار الحكومة يزيد الأمل فى زيادة الانتاج من المحصول الى ما يزيد عن 10 ملايين طن فى مساحة 3 ملايين و300 ألف فدان قمح ويقدر متوسط إنتاج الفدان من 20 إلى 25 إردب -الأردب 150 كيلوجرام- إذن هناك أمل وتفاؤل فى إمكانية الوصول من خلال توافر الإرادة السياسية والتخطيط والسياسات الحكومية المشجعة، إلى ما يشبه الاكتفاء الذاتى من القمح ولو بزيادة نسبة الإنتاج المحلى إلى مستوى يطمئن المصريين على الغذاء الرئيسى وتقليل الاستيراد.
التفاؤل مبعثة أيضا أن خلال العام الجارى والقادم –أى خلال العام القادمين- سيتم استصلاح حوالى 4 ملايين فدان تضاف إلى الرقعة الزراعية فى مصر، وهى السياسة التى ساهمت فى زيادة مساحة أراضى مصر الزراعية منذ الستينيات بالتحول إلى استخدام الزراعة الرقمية، لتقليل تكاليف مستلزمات الإنتاج، من عمالة وغيرها، وكذلك استخدام التقاوى والأسمدة والمبيدات الذكية التى تعتمد فى استخدامها على تقنيات رقمية قابلة للتحديث المستمر.
وحسب نقيب الزراعيين الدكتور السيد خليفة، فسياسات الرئيس عبد الفتاح السيسى طوال 10 سنوات انعكست على استصلاح وزراعة حوالى مليونى فدان تستكمل لأربعة ملايين فدان بنهاية 2026، تضاف للرقعة الزراعية، وهو ما يعتبر نجاح جديد فى قفزة تاريخية لم تشهدها مصر منذ إنشاء السد العالى، وفرت مئات الآلاف من فرص العمل وحسنت حالة الأمن الغذائى فى مصر وحققت طفرة فى الصادرات الزراعية.
حالة الأمل فى تحقيق الهدف والغاية التى يتحسب لها المصريون وينتظرونها فى القريب العاجل وهى زيادة الإنتاج من القمح وتقليل الاستيراد الى الحد الأدنى من الاحتياجات اليه، فمصر تستورد ما يزيد عن 10 ملايين طن -وفقا لأرقام العام الماضي- نأمل فى انخفاضه مع زيادة المساحة المزروعة بالقمح فى الموسم الحالى إلى 3.8 مليون فدان من 3.2 مليون فدان. واستمرار هذه الزيادة خلال أقل من عامين.. قولوا يا رب.