بالرغم من مسيرة طويلة للفنان صلاح السعدنى فى الدراما، لكنه ارتبط - بشكل أساسى - بأعمال أسامة أنور عكاشة، خاصة دور العمدة سليمان غانم فى «ليالى الحلمية»، ثم حسن النعمانى فى «أرابيسك»، وهو العمل الذى بدا واحدا من الأعمال التى أراد فيها أسامة أنور عكاشة، طرح ومناقشة قضية الهوية المصرية، حصل صلاح السعدنى على الشهرة الكبرى مع ثمانينيات وتسعينيات القرن العشرين، رغم أنه بدأ مسيرته الفنية مبكرا فى منتصف الستينيات، وقطع محطات طويلة ومتعددة حتى رحيله بعد عزلة اضطرارية أبعدته على محيط ومجتمع طالما أحبهما وارتبط بهما.
صلاح السعدنى مَثَّل فى واحد من أقدم وأشهر الأعمال التى بدأت بها الدراما فى التليفزيون وهى التى عرفت بـ«الساقية»، وهى جزء من ثلاثية «الساقية، والرحيل، والنصيب» المأخوذة عن رواية عبدالمنعم الصاوى، وكان أول عمل مسلسل يرتبط بالجمهور يوميا، وقدم صلاح السعدنى دور الأخرس أبوالمكارم فى «الضحية»، وهو سبب شهرته، أو تعرف الجمهور عليه، ثم قدمه المخرج محمد فاضل فى مسلسل «الضياع»، وفى عملين اجتماعيين هما «القاهرة والناس»، و«عادات وتقاليد»، وقدم أعمالا كثيرة منها «شارع المواردى»، و«أبنائى الأعزاء شكرا»، مع عبدالمنعم مدبولى، وغيرهما من الأعمال، المفارقة أن صلاح السعدنى بالرغم من أنه قدم أعمالا كثيرة، وأدوارا متعددة، فقد ظل يصنف على أنه فنان كوميدى، ربما لأنه ارتبط مع صديقيه عادل إمام وسعيد صالح، وشلة كلية الزراعة، وحتى عندما أصدر الكاتب الراحل محمود السعدنى كتابه «المضحكون» عن نجوم الكوميديا وشبابها فى السبعينيات، فقد وضع صلاح السعدنى ضمن شباب الكوميديا، ووجه له نصائح، لكنه بالفعل تنبأ له بمستقبل كبير فى عالم الكوميديا.
وظل صلاح السعدنى، يصنف كفنان كوميدى، رغم أن أغلب أعماله لم تكن ترتكز فى الأساس على الكوميديا، ومع هذا فقد نجح فى أن يربط المشاهد بشخصية العمدة سليمان غانم فى «ليالى الحلمية»، من خلال كاراكتر، بالطبع رسمه أسامة أنور عكاشة ببراعة، لكن صلاح السعدنى أضفى عليه من موهبته المتدفقة، من طريقة مميزة لنطق الإفيهات «جاى، ويا ابن الرفضى، وسلمونتى»، والسباق الذى رسمه أسامة بين سليم البدرى والعمدة.
والواقع أن لصلاح السعدنى دورا كوميديا كبيرا ومميزا فى «فوزية البورجوازية»، وهو الدور الذى قدمه مع إسعاد يونس وأبوبكر عزت ومحمد رضا، عن نص للراحل أحمد رجب، وهو أحد الاعمال المهمة التى نجحت فى تقديم قضية الأيديولوجيا فى قالب كوميدى، رغم أن بعض اليسار غضب من هذا العمل، واعتبره من الأعمال التى تشوه الفكر السياسى، لكن «السعدنى» كان فى الواقع فنانا جادا وملتزما إلى حد كبير، والنص بالفعل ينتقد، لكنه يبتعد عن التشويه.
ومن الأدوار التى تحدى فيها صلاح السعدنى دراميا وكوميديا، شخصية ياسين فى ثلاثية نجيب محفوظ، «بين القصرين، وقصر الشوق، والسكرية»، حيث قدم الدور سينمائيا ببراعة وعبقرية الفنان القدير الراحل عبدالمنعم إبراهيم، لكن صلاح السعدنى فى الواقع قدم دور ياسين تليفزيونيا فى قالب كوميدى وبشكل مختلف، وفى كل أدواره حتى حسن أرابيسك ظلت الكوميديا جزءا من نسيج أداء صلاح السعدنى، الذى عرف دائما بكونه من المثقفين الكبار، متابعا للأدب والثقافة والأفكار بشكل مستمر، بجانب كونه كان يفصل إلى حد كبير بين حياته وصداقاته الاجتماعية من ناحية، وبين عمله من ناحية أخرى، ثم إنه ابتعد خلال السنوات الأخيرة عن الصورة، لكنه يبقى واحدا من جيل أثّر ولا يزال فى الدراما والفن، بما قدمه من جهد وأعمال تبقى وتظل قادرة على إثارة الدهشة والإعجاب، وظل متمسكا بالكوميديا، رغم أن مصيره اختلف عن رفاق طريقه، لكنه بقى صاحب بصمة مميزة.