اطلعت اليوم، على فكرة مهمة جدًا كتبها أستاذنا الدكتور عاطف معتمد، المثقف الواعي، تعليقًا على كتاب قرأه وهو كتاب "أحوال العباد في رقعة من البلاد" لـ عاصم صبحي، كتب فيه عن مدينة الإسكندرية التي يعيش فيها، عن تاريخها وناسها والحياة فيها، وكانت فكرة الدكتور عاطف تقول: "سيكون مفيدًا جدًا لو أن في كل قرية وفي كل مدينة قام واحد من الناس بكتابة ما عرفه في قصة حياته عن الأسواق والميادين والأحياء والشواطئ والأنهار والرمال وأحوال العباد، طالما كانت لديه أسس الكتابة وسلامة اللغة وقدر من فهم أساليب التواصل مع القارئ.
إنها فكرة ذكية من الدكتور عاطف، وتدل على انشغاله بالبحث والتوثيق والتأريخ وبأفكار أخرى في صالح الوطن، قلنا إن هذه فكرة ذكية خاصة لو فكرنا في المنتج وحجمه وقدرته على تغطية كل بقاع مصر، وذلك لأن مصر غنية ومتنوعة، وكل قرية وكل مدينة لها خصوصية، وأفضل من يكتب عن الأماكن هم أبناؤها، خاصة لو انطبقت عليهم الشروط التي ذكرها الدكتور عاطف.
تخيلوا لو أن أبناء المكان انطلقوا من فكرة مسئوليتهم عن الكتابة عنه، فإن ذلك سيكشف بشكل ما مفهومهم عن الانتماء إليه، وتقديرهم له، لأن لا أحد يكتب عن "شيء" إلا وهو يقدره، وبالتالي ستعيد هذه الكتابة قدرًا كبيرًا من الانتماء نحن بحاجة إليه، وأتوقع أن يتنافس أبناء المكان الواحد في الكتابة والتعبير، وسيسعى كل منهم لتطعيم كتبه بالصور والوثائق وغير ذلك من الوسائل.
وبالتأكيد ستأتي الكتابات متفاوتة، لكننا لن نعدم كتابة علمية، ولن تغيب عنا كتابة أدبية، وستتكشف حكايات وسنتعرف على تاريخ شعبي يمكن أن يشكل لو جمعناه "تأريخا مميزا لمصر".
وأرجو من الهيئات المعنية ومن وزارة الثقافة أن تتبنى هذه الفكرة وتطورها، فتقوم هيئة الكتاب مثلاً بإصدار سلسلة معنية تهتم بهذه الكتابات، وتنشر منها ما يتحقق فيه قدر من المنهجية العلمية، وأتوقع لهذه السلسلة نجاحًا.
إن مثل هذه الأفكار هي التي تأخذ بأيدينا للأمام وتجعل لحياتنا معنى، وكل ركن في مصر له روحه وله تاريخه الرسمي والشعبي وكل ذلك يستحق أن يوثق.