عادل السنهورى

فى ذكرى التحرير.. سيناء السيرة والمسيرة.. البناء والتنمية (1)

الخميس، 25 أبريل 2024 07:00 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

"الشر يأتى لمصر دائما من الشرق والخير يتدفق عليها من الجنوب".. لم يختلف خبراء وعلماء الجغرافيا وأساتذة التاريخ على تلك القاعدة التاريخية والجغرافية البديهية، فالشرق كان دوما بوابة للغزاة وللاستعمار القديم والحديث والمعاصر لجزء عزيز وغال واستراتيجى بالنسبة لمصر وهو شبه جزيرة سيناء.

من البوابة الشرقية وعلى اتساع الصحراء وفراغ المكان وإغراء الجغرافيا جاء الهكسوس لاحتلال الدولة المصرية القديمة، ثم هدد التتار بغزو البلاد من المكان ذاته، ثم جاء الصليبيون والإنجليز الصهاينة ثم جماعات وتنظيمات الإرهاب.. حروب أهل الشر دارت فوق رمال سيناء ودافع أبناء مصر عن الأرض وضحوا من أجلها بالغالى والنفيس عبر مواكب آلاف الشهداء، لتحريرها والحفاظ عليها من أطماع الغزاة والمستعمرين قديما وحديثا.

عبر التاريخ كانت الأزمة دائما هى ذلك الفراغ على مساحة أكثر من 60 ألف كيلومتر مربع والذى كان مطمعا للغزو دون حوائط صد بشرية، حتى أصبحت سيناء بسهولها ووديانها وممراتها هى مرادف لميادين الحروب والصراع، ويكفى أنه فى أقل من 20 عاما دارت فوق أراضيها رحى أربعة حروب طاحنة بداية من العدوان الثلاثى عام 56 مرورا بهزيمة 5 يونيو ومعارك الاستنزاف ومعركة الثأر والنصر فى أكتوبر المجيد عام 73 ثم التحرير فى 25 يناير 82 وعودة طابا عام 89.

لكن كانت أشرس المعارك وأقساها فوق أرض سيناء تلك التى واجهتها الدولة المصرية بشعبها وجيشها وشرطتها على مدار حوالى 10 سنوات من بعد يناير 2011 وإلى سنوات قليلة ماضية.

معركة بل حرب شرسة وصعبة ضد خفافيش وطيور الظلام وعصابات الخراب والدمار التى أرادت السيطرة على سيناء وتأسيس دولة العنف والإرهاب فيها. خاض الشعب بجيشه وشرطته حربا ضروسا ثمنها أكثر من 90 مليار جنيه وأرواح أكثر من 3 آلاف شهيد، ومع ذلك لم ترفع الدولة الجديدة - دولة 30 يونيو - شعار "لا صوت يعلو فوق صوت الحرب على الإرهاب فى سيناء"، وتجييش موارد الدولة ومقوماتها لصالح المجهود الحربى ضد تنظيمات الإرهاب فى سيناء والتى حاولت التسلل للداخل.

كان شعار الدولة الجديدة بعد تحرير مصر من الاستعمار الإخوانى هو "يد تحارب الإرهاب ويد تبني"، بالتوازى مع مواجهة الإرهاب الشرس أطلقت الدولة عملية البناء فى سيناء وفى الوادى فى أضخم عملية تنمية فوق أرض مصر.

المواجهة صعبة والتحدى كان ضخما والصعوبات لا أفق لها.. لكن توافر الإرادة السياسية للقيادة الجديدة للرئيس عبد الفتاح السيسى والرؤية والاستراتيجية الجديدة والهدف هو تغيير الصورة الذهنية التقليدية والنمطية للناس فى مصر وللعالم الخارجى من سيناء أرض الحرب والقتال والإرهاب إلى سيناء منطقة العمران والبناء والتنمية وأرض السلام.

هنا بات الهدف من بعد 2014 هو وضع سيناء بمقدمة الاهتمامات وأجندة الأولويات للخروج من الوادى القديم الذى بدأ يضيق بزحام سکانه، إلى سيناء المؤهلة بمواردها ومقوماتها الجغرافية للمساهمة فى حل الأزمة الاقتصادية وإتاحة فرص العمل وإقامة المجتمعات العمرانية والزراعية والتعدينية والصناعية والسياحية والتجارية، مع اعتبارها وفقا للرؤية جزءا مستقبليا من مشروع تطوير إقليم قناة السويس أحد الشرايين الحيوية للاقتصاد المصرى والتجارة الدولية.

وبدأت ملحمة البناء مع بطولات الفداء فى معركة التحرير والمواجهة، ملحمة بناء فعلية وواقعية وليست شكلية وبخطط جادة فى إطار المشروع القومى الكبير لصالح مصر وأمنها على أرض سيناء.

مع تحقيق الانتصارات المتتالية على الإرهاب وتجفيف منابعه فى سيناء بدعم ومساندة كاملة من أهل سيناء الأبطال الشرفاء، دارت آلات العمل والبناء فى إنهاء عزلة سيناء عن واديها إلى الأبد بحفر الأنفاق الخمسة لتحقيق الربط الجغرافى بين وادى النيل وسيناء عبر قناة السويس‏،‏ إضافة إلى الكبارى المعلقة ومد خط السکة الحديد بين الإسماعيلية ورفح بطول 217 کيلومترا‏.

حجم الإنفاق فى السنوات حتى 2023 على البنية التحتية فى سيناء بلغ ما يقرب من 650 مليار جنيه لتنمية ودمج أبنائها فى خطط التنمية بالمشروعات التنموية والعمرانية والخدمية والاستثمارية غير المسبوقة والعملاقة على أرض سيناء فى كافة المجالات.

أصبحت القضية هى قضية الحفاظ على الأمن القومى بتنمية سيناء والوقوف سدا منيعا ضد الشر القادم والطامع من الشرق، فسيناء قضية أمن قومى، ولا مجال للتهاون فى تحقيقه بالتنمية والإعمار وجذب السكان من الوادى إلى أرض الفيروز، حتى تصبح امتدادا طبيعيا للوادى والدلتا وتوفير سبل العيش والحياة الكريمة لسكانها وللقادمين إليها، وبالتالى تحقيق معادلة الأمن بالتنمية، بمد الطرق والأنفاق والسكك الحديدية وبناء المدن الجديدة وتطوير المطارات والبحيرات والمدن الساحلية والمجتمعات العمرانية والمدارس والجامعات، وتطوير المنظومة الصحية والكهرباء ومياه الشرب والأمن وتوفير فرص الاستثمار الصناعى، ثم الزراعة لحوالى 500 ألف فدان.

الصورة بدأت تتغير وهذا هو المهم، وسيناء لم تعد من بعد 2022 مرادفا فى الذهنية المصرية والعالمية للحروب والإرهاب، وإنما للبناء والتنمية والسلام بمشروعات عملاقة وبخطة قومية ثانية للاستمرار فى التنمية ووأد كل أطماع الشر الذى لم يهدأ.







مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة