منذ حوالي أسبوع دشن رواد مواقع التواصل الاجتماعي على شبكة الانترنت حملة لمقاطعة الأسماك من مدينة بورسعيد عنوانها «خليه يعفن».
وبعد مرور أسبوع انتقلت الدعوة الى محافظات آخرى المعروفة بإنتاج واستهلاك السمك مثل السويس والاسماعيلية و الإسكندرية وكفر الشيخ والدقهلية وامتد أيضا الى محافظات الغربية والشرقية وبني سويف.
الشاهد أن الحملة تلقاها عدد كبير من المواطنين بالاستجابة الواسعة وخاصة أنها تتلاقى مع دعوة الحكومة بضرورة محاربة الغلاء والجشع. فالأسماك بالفعل زادت أسعارها في الشهور الأخيرة بشكل مبالغ فيه للغاية في بلد مثل مصر المفترض أن تشكل الأسماك الوجبة الغذائية الأرخص والأهم بعد ارتفاع أسعار اللحوم فلدينا البحار والأنهار والمزارع السمكية والبحيرات
والتقارير الصادرة دائما تؤكد أن لدى مصر اكتفاء ذاتي بنسبة كبيرة من الأسماك، وأخرها تقرير لوزارة الزراعة واستصلاح الأراضي صدر في نهاية الصيف الماضي يشير الى أن إنتاج مصر من الأسماك بلغ حوالي 2 مليون طن بنسبة اكتفاء ذاتي تصل إلى حوالى 85%، " وتحتل مصر المركز الأول أفريقياً والسادس عالمياً في الاستزراع السمكي وتحتل أيضاً المركز الثالث في إنتاج البلطي" وكما جاء في التقرير "فسوف تزيد نسبة الاكتفاء الذاتي وفوائض للتصدير مع دخول كل المشروعات القومية الانتاج بكامل طاقتها."
فماذا يحدث في سوق الأسماك وهل تؤتي المقاطعة بثمارها ..؟
هناك مؤشرات جيدة بالفعل بأن أسعار الأسماك في عدد من المحافظات انخفضت بنسب بلغت 30% و40% خوفا من تلفها وهو ما يعني نجاح الحملة.
عموما سلاح المقاطعة للسلع الغذائية ومواجهه جشع التجار من جمهور المستهلكين ليست بدعة وشعوب كثيرة في أوروبا وأميركا اللاتينية وآسيا واجهت " الجشع والطمع" والتحجج بأسباب واهية ونجحت في حملاتها بالاستمرار التماسك القوي في وجه التجار الجشعين.
الإعلان عن دعوات المقاطعة يراها البعض سلاح فعال في معركة غلاء السلع الغذائية الاستراتيجية وارتفاع الأسعار بصورة غير مبررة، فيما يختلف أساتذة في معاهد البحوث والصيد مع هذه الحملات.
الداعمون للمقاطعة يبررون الحملة بارتفاع الأسماك بجميع أنواعها وأشكالها حتى وصلت الى 500 جنيه للكيلو، وهو سعر غير منطقي خاصة عقب انخفاض أسعار الأعلاف عالميا وافراج الحكومة جمركيا عن مستلزمات ومواد خام كثيرة للإنتاج ومنها العلف. فتكلفة انتاج كيلو البلطي- على سبيل المثال- يحتاج كيلو ونصف من العلف بتكلفة نحو 50 جنيه مع حساب تكلفة التشغيل من عمالة وايجار وكهرباء وماء وغيرها، ليصل تكلفة سعر الكيلو من 65 جنيه الى 70 جنيه بينما يباع ما بين 100 الى 120 جنيه ..! وهو ما جعل محافظ بورسعيد اللواء عادل الغضبان يعلن تضامنه مع أهالي المحافظة، وتأييده لحملة المقاطعة، مؤكداً أنه «لن يدخل سوق السمك بالمدينة إلا بعد خفض الأسعار ونزولها لمستوى يجعلها في متناول المواطنين».
لكن هناك فريق آخر يرفض المقاطعة ويرى أنها ليست الحل ولا العلاج للأزمة التي يمكن أن تضر بصناعة الأسماك في مصر، و يشير الى أن غلاء أسعار السمك يرجع في المقام الأول إلى ارتفاع أسعار العلف والطاقة والتي يتم الاعتماد عليها في الإنتاج . وأن سعر العلف مرتبط بالدولار ومع ارتفاع سعر الصرف يزيد التكلفة على المنتج وكذلك ارتفاع تكلفة الطاقة، كما ان في شهر مارس وابريل ومايو من كل عام تنخفض إنتاجية السمك مما يؤدى لغلاء سعره .
ويرى الحل في توفير منافذ متحركة وثابتة لبيع السمك ، مما يعمل على منافسة التجار واجبارهم على تنزيل السعر ، وان تكون هذه المنافذ في كل الأماكن والمحافظات وليست فقط في وزارة الزراعة .
حملة المقاطعة ناجحة الى حد اللحظة بعد مرور حوالي أسبوعين وأسعار بعض الأنواع انخفضت بنسبة كبيرة وهو ما يعني أن هناك حالة جشع لدى عدد من التجار في أسواق السمك والذين يراهنون على " قصر النفس" لدى المصريين في استمرار حملات المقاطعة.
فهل تنجح الحملات في مواجهه غول الغلاء ووحوش الاحتكار والجشع والطمع.. وفي حالة نجاح الحملة مع الأسماك هل تنتقل الى أسواق آخر وما أكثرها..!!
بالتأكيد الحكومة لن تترك هذه الحملات وأصحابها وحدهم في المواجهة مع الأباطرة فسوف تدعم وترحب ولو باستعادة الهيبة التاريخية لدى السوق المصرية عندما سماع كلمة " الحكومة جاية "
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة