بداية نهنئ الرئيس عبد الفتاح السيسي لولايته الرئاسية الجديدة، ونشكر له طيب كلماته التي بدأت باستدلال رباني، تلاها تحية مستحقة لشعب يستحق، ثم اعتراف صريح بأنها مسئولية عظيمة لبلد عظيم تاريخيًا وحضاريًا وجغرافيًا، وأعقب ذلك تجديد العهد الذي يحمل الوعد المنشود والمنتظر بشأن استكمال مسيرة البناء والإعمار بما ينهض بهذا الوطن الحر ويحقق آمال وطموحات وتطلعات أجياله المتعاقبة.
خطاب بدأ من القلب لشعب وصف بالعظيم؛ حيث تضمن التذكير بأن نهج المكاشفة والمصارحة والمشاركة في تحمل المسئولية حقق غايات الدولة العليا؛ إذ أخرجها من بوتقة الظلام والهلكة إلى نور وهدى الطريق كي نتجاوز عثرات استهدفت كيان الوطن لتنال من مقدراته وتوقف مسار نهضته وتفتت لحمته وتهتك نسيجه؛ فقد دمر الإرهاب دولًا، وأوطانًا وأصبحت أطلال يؤسف عليها.
وبرهان القول دلالته يتمحور حول قوة الدولة التي لا تنفك عن شعب يصطف خلف قيادته ومؤسسات وطنه ليواجه بكل قوة واقتدار كل ما يحاك بليل للنيل من عزيمتها، وما يفتعل من أزمات سواءً أكانت داخلية أم خارجية بغرض تشتيت الجهود وإضعاف القوة وهدر الطاقات، وما يبث من فتن بكافة أوانها لتقع في فخ التناحر والصراعات بكل أشكالها المهلكة، وما يطلق من شائعات عبر أبواق ممولة تستهدف فقد الثقة بين المواطن وقيادة مؤسسات الدولة.
ومن المعلوم أن البناء بمراحله لا يقابل الهدم بأساليبه وطرائقه؛ فالدولة بقيادتها حرصت على استكمال إنجازاتها رغم مفخخات المغرضين على طول المسيرة؛ فكانت يدًا تبني ويدًا تحارب صور الإرهاب الأسود في كافة ربوع الوطن الكبير، وهذا يؤكد على ماهية الإصرار وعزيمة الرباط والصبر والعطاء دون مقابل ونية الإعمار التي تعد تكلفتها غالية، وهذا يؤكد حجم الجهود المتواصلة والتي حققت العبور لطريق النهضة المأمولة.
وبرر الرئيس التزام الدولة بما خططت له من إنجازات تمثلت في مشروعاتها القومية كي تنهض وتسابق الزمن وتدرك ما فاتها، وتستطيع أن تواكب التغيرات، ومن ثم تبلغ أهدافها وتجني ثمار مشروعاتها القومية؛ فقد رأينا أن طاقة البناء لم تتوقف، ورعاية وتوجيهات ومتابعة القيادة السياسية لكافة مشروعات الوطن كانت على قدم وساق، وهذا ما ممكن الدولة من تحقيق المستحيل والذي أبهر العالم بأسرة، وقضى على أحلام المغرضين وتوقعاتهم السلبية.
وفي صورة تصف ماهية التواضع الجم، أقر رئيس الدولة بقبول تكليفات سبعة من قبل شعب عظيم، تسلست وفق أهميتها؛ حيث بدأت بحماية الأمن القومي المصري بكل أبعاده، ويقوم ذلك على بسط حالة الأمن الداخلي وتوازن العلاقات وتعزيز سبل التعاون الدولي بما يحقق التنمية الشاملة المستدامة ويقوي مقومات السلم والسلام، ويزيد من أطر التعاون لمواجهة التحديات بكل أنواعها على الساحة الإقليمية والدولية.
ويأتي مقوم رئيس يشكل مبدأ ومعيارًا مهمًا في استكمال بناء الجمهورية الجديدة وهو الاهتمام بالحوار الوطني واستكمال آلياته وتنفيذ مخرجاته في مجالاتها المختلفة، وهذا يؤكد ضرورة الشراكة المجتمعية وتحمل المسئولية وتعضيد أطر الديمقراطية، ويحوي كافة فئات وطبقات الشعب، ويصبح لشبابه نصيبًا وحظًا وافرًا في المشاركة البناءة والإيجابية بكل أشكالها التي ترتبط بمجالات التنمية المستدامة.
وما زالت الرؤية المصرية طموحة واستراتيجياتها مرنة تستهدف بناء الإنسان وتعظيم المقدرات، ومن ثم الاهتمام بالمجال الاقتصادي بصورة احترافية تحقق النمو المرتقب، وهنا تمت الإشارة إلى تعضيد وتعزيز دور القطاع الخاص كشريك أساسي في قيادة التنمية والتركيز على قطاعات الزراعة، والصناعة، والاتصالات وتكنولوجيا المعلومات والسياحة، بما يؤثر إيجابًا في الناتـج المحلـي الإجمالي، ويفتح المجال بقوة أمام الاستثمار الأجنبي المباشرة.
وأكد الرئيس على أهمية انتشال الدولة من حالة البيروقراطية للإدارة الحكيمة عبر الحوكمة الرقمية الذكية التي تحقق الانضباط وتضمن جودة العمل وتحد من سبل الفساد بكل صوره، والرؤية قائمة حيال الهدف المهم والمتمثل في تحويل الدولة المصرية لمركز إقليمي للنقل وتجارة الترانزيت والطاقة الجديدة والمتجددة، والهيدروجين الأخضر ومشتقاته إلى جانب تعظيم الدور الاقتصادي لقناة السويس وسائر الموانئ المصرية.
ويؤمن الرئيس بأهمية بناء الإنسان والذي لا يقوم لا على تعليم متميز يضمن تشكيل وعي صحيح ويكسب المتعلم خبرات تجعل له مكانة في سوق العمل المتغير، وهذا يتكامل مع تحقيق حياة صحية تلبي المتطلبات التي تخلق المناخ الصحي في صورته المعيارية، وهنا أكد الرئيس على ضرورة استكمال مراحل مشروع التأمين الصحي الشامل.
وحري بالذكر أن التكاتف المجتمعي وصور التكافل المتعددة بالدولة تعد من بطولات الشعب العظيم، وللدولة دور واضح في هذا الخضم إذ دعمت بكل قوة شبكات الأمان الاجتماعي، ومن ثم زاد الإنفاق على الحماية الاجتماعية؛ فقد ضربت مبادرة "حياة كريمة" نموذجًا يحتذى به كونها تعد أكبر المبادرات التنموية في تاريخ البلاد.
ووعد سيادة الرئيس باستكمال مسيرة العطاء؛ حيث أكد على الاستمرار في تنفيذ المخطط الاستراتيجي للتنمية العمرانية واستكمال إنشاء المدن الجديدة من الجيل الرابع مع تطوير المناطق الكبرى غير المخططة واستكمال برنامج "سكن لكل المصريين" الذي يستهدف بالأساس الشباب والأسر محدودة الدخل.
ومعيار التقدم والنهضة مرهون بجهود مخلصة متواصلة في مجالاتها المختلفة، وتلك وصية الرئيس لشعبه العظيم في يوم مشهود يعد بداية ولاية تبدو مزدهرة بمشيئة الله تعالى؛ وقد استبشر سيادته بقول يوسف في فترة النصرة ﴿رَبِّ قَدْ آتَيْتَنِي مِنَ الْمُلْكِ وَعَلَّمْتَنِي مِن تَأْوِيلِ الْأَحَادِيثِ ۚ فَاطِرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَنتَ وَلِيِّي فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ ۖ تَوَفَّنِي مُسْلِمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ﴾ صدق اللَّهُ العظيم.
حفظ الله وطننا الغالي وقيادته السياسية الرشيدة أبدَ الدهر.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة