هناك بعض البشر عندما تشعر بدنو زوال آثارها، تُقرر أن تُدمر كل شيء من حولها، عملاً بمقولة: "عليّ وعلى أعدائي"، فهم لا يرون إلا أنفسهم، فلابد أن يكونوا في الصورة، وإلا حطموها، فهذه مبادئهم التي يعتنقونها، وهذا مذهبهم الذى يُقدسونه، فهم يرفضون فكرة أن يكون هناك أشخاص تظهر من بعدهم ويكون لهم كيان، فهؤلاء يدورون في فلك أنفسهم، ولا يستطيعون الخروج من تلك الدائرة.
فالإنسان الذي تتوغل بداخله شراهة حب ذاته، لدرجة أنه لا يستطيع أن يُحب أي إنسان في الوجود، ستزول من داخله تدريجيًا مشاعر الإنسانية، التي أساسها حُب الآخرين، والتعاطف معهم ومُساعدتهم، فما معنى حياة الإنسان لو بات يحيا بدون إنسانية؟ واستهدف تدمير مَنْ حوله، فهذه هي قمة العُدوانية.
وللأسف، هناك الكثير الذين يجدون لذتهم في مُشاهدة نهاية الآخرين حتى يستشعروا أنهم مُتساوون في النهاية، ولا يُوجد مَنْ يتميز عليهم، أو يسبقهم، فهذه مسألة نفسية تُسيطر على العديدين، خاصة مَنْ يكون لهم مُميزات خاصة في فترة مُعينة من حياتهم، وتزول عنهم، فلو لم يكن هناك تصالح مع النفس، وإرادة في بناء النفس من جديد، وإثبات القدرة على الاستمرارية في طريق آخر، ينساقون في التفكير في كيفية بناء مَنْ حولهم والنيل منهم، حتى لا يُصابوا بالحسرة على أنفسهم، فيُحاولون شفاء غليلهم من الدنيا، بالثأر ممن حولهم، خاصة من الناجحين أصحاب الهوية والفكر والكيان.
ولا نملك سوى أن ننصح هؤلاء، بمحاولة التمرد على الذات المريضة، التي لا ترى نفسها إلا في إيذاء مَنْ حولها، والرضاء بقضاء الله، والسعي وراء النجاح بأنبل وأشرف الوسائل، وعدم التركيز في الغير، بل التركيز مع النفس، ومع تقويمها، فهذا أفضل كثيرًا من مُتابعة الغير وترقبهم، فالشر يبدأ دائمًا بعقد المقارنة مع الآخرين وحسدهم على النعم التي أكرمهم المولى عز وجل بها، فهنا يستصغر الإنسان كل شيء يحصل عليه، ويستكثر أي شيء في يد غيره، فكل الشرور بدأت بالحسد والرغبة في الانتقام، فلو أن إنسان استشعر بنهاية أمجاده، وزوال أثره، عليه ألا يجعل آخر أثر له، الهدم والتدمير، فليكن البناء هو بصمته الأخيرة، حتى ولو كان بابتسامة صغيرة، أو كلمة طيبة بسيطة.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة