كانت مصر وتظل الداعم الأكبر لقضية الفلسطينية، بصفتها أكبر دولة عربية والقوي الإقليمية القادرة علي القيام بدور فاعل في هذه القضية التي تعد جوهر الصراع العربي_الإسرائيلي، فمصر لم تتخلي عن في مناصرة القضية الفلسطينية منذ 1948 وحتى الآن، فالدولة المصرية تؤمن بضرورة التوصل لتسوية عادلة وشاملة للقضية الفلسطينية، من خلال إقامة دولة فلسطينية على حدود الرابع من يونيو 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، إيمانا من القيادة السياسية بأن استقرار المنطقة يساهم في الحد من الاضطراب الذي يشهده الشرق الأوسط.
ومع اندلاع الحرب الإسرائيلية الغاشمة على قطاع غزة في السابع من أكتوبر الماضي، أعلنت مصر موقفها الراسخ الرافض تماما لأي تهجير للفلسطينيين من أراضيهم إلى سيناء أو إلى أي مكان آخر، حفاظا على القضية الفلسطينية من التصفية وحماية لأمن مصر القومي، كما بذلت الدولة المصرية وكل مؤسساتها المعنية جهودا مضنية من أجل وقف إطلاق النار، وتجنب المزيد من العنف وحقن دماء المدنيين الأبرياء من أبناء الشعب الفلسطيني الذين يدفعون ثمن مواجهات عسكرية لا ذنب لهم فيها، فضلاً عن الجهود الإنسانية التي قدمتها مصر من خلال فتح معبر رفح لاستقبال الجرحى والمصابين الفلسطينيين والمساعدات الغذائية والدوائية للشعب الفلسطيني.
والحقيقة التي لا تخفي عن أي متأمل في الأحداث المتعاقبة، أن الدولة المصرية لديها ثوابت راسخة تعمل في إطارها، وهي إرساء السلام والأمن والاستقرار والتنمية في المنطقة بما يحقق طموحات شعوبنا العربية، وهي الثوابت التي توضح موقف مصر الحالي من الانتهاكات التي يمارسها جيش الاحتلال الإسرائيلي في مدينة رفح الفلسطينية علي الحدود المصرية، والسيطرة علي معبر رفح البري من الجانب الفلسطيني، والذي اعتبرته مصر انتهاكا لاتفاقية السلام بين البلدين، وكانت مصر قد حذرت مرارا من مخاطر أي عملية عسكرية إسرائيلية برفح الفلسطينية جنوب قطاع غزة، لما ينطوي عليه هذا العمل التصعيدي من مخاطر إنسانية بالغة تهدد أكثر من مليون ونصف فلسطيني موجودون في تلك المنطقة الصغيرة التي تُعد الملاذ الأخير لهم، بالإضافة إلي انتهاك الأمن القومي المصري حيث حظرت اتفاقية السلام القيام بأي أنشطة عسكرية علي الحدود بين البلدين، وهو ما دفع مصر لاستخدام آلياتها القانونية لمواجهة الانتهاكات الإسرائيلية في محاولة لتغليب الحلول السلمية وتجنيب المنطقة مزيدا من التوتر.
وجاء إعلان مصر الانضمام إلى جنوب أفريقيا في قضيتها ضد دولة الاحتلال الإسرائيلي والتي تتهمها فيها بالقيام بجرائم حرب ضد المدنيين الفلسطينيين في قطاع غزة صفعة قوية لدولة الاحتلال، لعدة أسباب علي رأسها أن انضمام مصر سيعطي القضية الكثير من الزخم كون مصر أحد دول الجوار ، ومن ثم ستتمتع دفوعها القانونية بالكثير من المصداقية، فضلا عن أن مصر دولة اختارت السلام خيارا لها منذ البداية لكنها تحاول اليوم كشف جرائم جيش الاحتلال أمام العالم، وهو ما يؤكد حرص مصر علي دعم القضية الفلسطينية علي كافة الأصعدة.
ويجب على الجميع أن يدرك أن صمود وثبات الموقف المصري في التصدي للمخططات الصهيونية ساهمت في تراجع إسرائيل عن تنفيذ عملية عسكرية شاملة في رفح الفلسطينية، والاكتفاء بتنفيذ عمليات محدودة، فضلا عن دفع الفلسطينيين للتحرك نحو خان يونس ووسط غزة وليس تجاه سيناء المصرية، فمصر أثبتت للعالم أن الرفض المصري القاطع لتهجير الفلسطينيين وإخراجهم من أراضيهم أمر لم ولن تتنازل عنه مصر.
أما ما يتعلق بالسيناريوهات المطروحة علي الطاولة بين مصر وإسرائيل في ظل هذا التوتر، فأعتقد أن الأيام القادمة ستشهد تدخلا من الولايات المتحدة الأمريكية بوصفها الضامن لاتفاقية كامب ديفيد، من أجل احتواء الأزمة، وإثناء إسرائيل عن القيام باجتياح كامل لرفح، حتي تضمن استمرار السلام بين البلدين، خاصة أن التحركات الإسرائيلية في رفح الفلسطينية لم تتسبب في أضرار داخل الأراضي المصرية، وهو ما يفسر تمسك مصر بالمسار الدبلوماسي، لكن يبقى التأكيد على أن الدولة المصرية كبيرة وقوية وقادرة على دفع أى خطر يهدد أمنها القومي بكافة الطرق المتاحة .
وفي النهاية .. حفظ الله مصر قيادة وشعبا وجيشها..
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة