ينحدر الملك المصري شاشانق الأول من أصول ليبية. وكان من الجنود الليبيين الذين تم توظيفهم في الجيش المصري وتمصيرهم في مصر في نهاية عصر الدولة الحديثة في منطقة الدلتا المصرية.
الملك شاشانق الأول هو مؤسس الأسرة الثانية والعشرين الليبية أو الأسرة البوباسطية، كما يطلق عليها المؤرخ المصري الشهير مانيتون السمنودي، وذلك نسبة إلى منطقة تل بسطة التي عاشوا فيها في شرق الدلتا في دلتا نهر النيل. وحكمت الأسرة من منطقة تانيس في شرق الدلتا. وحكم شاشانق الأول من عام 945 إلى عام 924 قبل ميلاد السيد المسيح عليه السلام. وعُرف باسم شاشانق مِري آمون حِكا خِبر رع ستب إن رع. وكان هو البداية للفرع الليبي المتمصر الذي حكم مصر لمدة مائتي عام. وربط الملك شاشانق الأول نفسه بالأسرة السابقة من خلال الزواج من ابنة الملك السابق عليه، بوسينس الثاني. وزاد من دعم موقف الملك شاشانق الأول أنه جاء من خلفية عسكرية؛ إذ كان القائد الأعلى لكل الجيوش المصرية.
تشير النقوش القادمة من منطقة طيبة أو الأقصر الحالية إليه على اعتباره القائد العظيم لقبيلة المشوش الليبية الأصل، والذي تم تعيينه من قِبل القبائل الليبية كقوة شرطية داخلية. وكي يظهر نفسه كملك مصري قادر على حكم مصر، اتخذ لنفسه العديد من الألقاب الملكية مثل أسلافه من ملوك مصر السابقين، وتحديدًا اتخذ لنفسه ألقاب سلفه الملك سمندس الذي سبقه بحوالي مئة عام.
كان الملك شاشانق الأول حاكمًا قويًا قام بتوحيد مصر المقسمة إلى مدينتين حاكمتين: الأولى في تانيس في شرق الدلتا في الشمال، والأخرى طيبة في الجنوب، في دولة واحدة موحدة تحت سلطته الحاكمة. وكان من الذكاء بمكان حين قام بتعيين العديد من أبنائه في المناصب المهمة والحساسة في الدولة. وجمع في يديه بين السلطة الدينية والمدنية وفي شخص واحد حين قام بتعيين ابنه الأمير إيبوت في منصب حاكم مصر العليا أو الصعيد، وفي نفس الوقت، عينّه ككبير كهنة الإله آمون وفي منصب القائد الأعلى لكل الجيوش المصرية.
قام ابن آخر من أبناء الملك شاشانق الأول، وهو الأمير جد بتاح إيوف عنخ، بدعم أخيه إيبوت من الناحية الدينية حين اتخذ لنفسه منصب الكاهن الثالث للإله آمون.
قام ابن ثالث للملك شاشانق الأول، وهو الأمير نملوت، بدور عسكري كبير حين تولى منصب القائد العسكري في منطقة هيراقليوبوليس أو إهناسيا المدينة في بني سويف، وكانت تمثل حامية عسكرية مهمة وكان لها دور كبير في تأمين المنطقة من طيبة إلى أقصى جنوب البلاد.
في وضع آمن ومسيطر كذلك في البلاد داخليًا، كان على الملك شاشانق الأول أن يتوجه إلى بلاد الشام كي يبحث عن ويحافظ على ويعيد أملاك الإمبراطورية المصرية القديمة في بلاد الشرق الأدنى القديم إلى السيطرة المصرية المنسحبة من هناك بعد نهاية عصر الدولة الحديثة، عصر الملوك المصريين المحاربين العظام الذين كان آخرهم المحارب العظيم الملك رمسيس الثالث في الأسرة العشرين.
بعد وفاة الملك سليمان، تعرضت كل من مملكتي يهودا وإسرائيل تحت حكم رحبعام ابن سليمان ويربعام الأول للهجوم العسكري المصري القوي بقيادة الملك شاشانق الأول، أو الملك شيشاق كما تطلق عليه التوراة.
هزم الملك المصري شاشانق الأول المملكتين شر هزيمة في عام 925 قبل ميلاد السيد المسيح عليه السلام في حملة عسكرية لم تر أرض فلسطين مثلها منذ أيام المحارب العظيم الملك رمسيس الثالث، آخر فراعنة مصر العظام. وفي البداية، تحرك الملك شاشانق الأول ضد مملكة يهودا التي كان يحكمها رحبعام، ووصل إلى أسوار القدس العتيقة.
حاصر الملك شاشانق الأول المدينة غير أنه لم يدخلها لأنه تم منحه "كل كنوز بيت الرب، وكنوز بيت الملك، حتى أخذ كل شيء، وأخذ كل الدروع الذهبية التي صنعها سليمان" كما تذكر التوراة في سفر الملوك. ولقد أخذ شاشانق الأول كل كنوز سليمان، ما عدا الأرك المقدس. ثم توجه الملك شاشانق الأول إلى إسرائيل متتبعًا يربعام الذي هرب إلى الأردن. وتوقف الملك شاشانق الأول في مجدو، نفس المكان الذي حارب وانتصر فيه الملك المحارب الأشهر الملك تحتمس الثالث العظيم منذ حولي خمسة قرون ماضية. وأقام لوحة انتصار هناك كي يخلد الملك شاشانق الأول انتصاره بهذه الأراضي مثلما كان يفعل أسلافه من الملوك المصريين المحاربين العظام.
لقد قام الملك شاشانق الأول بتصوير انتصاره في حملته على بلاد الشرق القديم على جدران معبد ربه الإله آمون في الكرنك في طيبة في جنوب مصر، فيما نعرفه بالبوابة البوباسطية. وتم إعادة فتح محاجر الحجر الرملي النوبي في جبل السلسلة في أسوان كي تمده بالأحجار المطلوبة للبناء. وكان إيبوت كبير كهنة الإله آمون هو المشرف على أعمال البناء تلك. وتم بناء فناء عظيم جديد أمام الصرح الثاني من صروح معابد الكرنك، وتم تزيين جدار الفناء الجنوبي الخارجي بمنظر ضخم للملك المنتصر شاشانق الأول بفضل ربه الإله آمون. ويظهر بالمنظر العديد من الأسرى يتساقطون بسبب قوة الملك الطاغية، وكذلك تم ذكر المدن الأسيرة التي خضعت لسلطان جلالة الملك شاشانق الأول. وبلغ عدد الأماكن التي ذكرها في نص حملته أكثر من مائة وخمسين مكانًا.
على الرغم من أن الملك شاشانق الأول كان من أصول ليبية، غير أنه عاش في مصر وتربى في أرض مصر وتعلم الثقافة المصرية والتحق بالجيش المصري. وتزوج من ابنة الملك المصري السابق عليه، وتولى حكم مصر، فأدى أداء عسكريًا وسياسيًا مبهرًا كأي ملك مصري من قبل مقلدًا أسلافه من الملوك المصريين العظام خصوصًا سلفه العظيم الملك تحتمس الثالث، وأعاد مجد الإمبراطورية المصرية إلى بلاد الشرق الأدنى القديم بعد أن اختفى الوجود المصري منذ نهاية عصر الدولة الحديثة ونهاية عهد الملك المحارب العظيم الملك رمسيس الثالث في الأسرة العشرين.
إن الملك شاشانق الأول محارب مصري من طراز رفيع عاش في فترة كانت مضطربة في بلاد الشرق القديم. وفي عهده، عادت مصر كي تمارس دورها القيادي والرائد في المنطقة كقوة عسكرية لا يُشق لها غبار بفضل بسالة وشجاعة الملك المصري شاشانق الأول وعظمة مقاتلي مصر الشجعان.