كلما توافر الطموح لدى الفرد ازدادت رغبته في العمل ودافعيته واستمراريته على تحقيق الهدف أو الغاية التي يكابد من أجل الوصول إليها، ومن ثم لا يرتضي إلا التميز فيما يؤديه، أو يمارسه بمجاله العلمي، أو المهني، أو الحياتي، وهذا يُعد مؤشرًا للنجاح وسياجًا ضد الإخفاق أو الفشل، ومعينًا على تحقيق الذات وتعضيد الثقة بالنفس.
وجميعنا يواجه مع أبنائه، أو في حيز الأسرة، توترات متباينة حيال العملية الامتحانية خاصة بالسنة النهائية للثانوية العامة أو الأزهرية؛ حيث خشية التعثر، أو مواجهة صعوبات أكاديمية، أو غير ذلك من المسببات التي تسهم في تسلل القلق ولو بمستويات طفيفة؛ فنرصد ردود أفعال وانفعالات قد تنعكس سلبًا علينا وعلى الآخرين، كما يصعب أن نتجاهل حالة الارتباك التي تصيب الممتحن رغم تمكنه من محتوى التعلم وما يتضمنه من خبرات.
وفي هذا الإطار نحن في أشد الاحتياج لرفع مستويات الطموح لدى الأبناء المقبلين على الامتحانات؛ فكلما قدمنا المساعدة في تنمية هذا الوازع الذي يخطط له الفرد، تأكد إصراره على تحقيق ما يصبوا إليه عبر تنظيمات وترتيبات وممارسات صحيحة، تُسهم في إنجاز تكليفاته الأكاديمية وفق الجدول الزمني المحدد سلفًا، وبالتالي يؤدي ذلك إلى تشتيت مثيرات القلق لديه، وتتبدل باتجاهات إيجابية نحو المحتوى الخبراتي، ومن يزداد الثبات تجاه المستهدف والمنشود.
ودعونا لا نستكثر على أبنائنا تعزيز مستوى الطموح في خلجات نفوسهم؛ بأن نعمل عن قصد في رفع معنوياتهم وإكسابهم الثقة حيال إنجاز المهام الامتحانية، ومن ثم نحد من أسباب التوتر بواسطة مناخ إيجابي يؤكد على إبراز الإيجابيات دون غيرها، وعلينا الإدراك بأن درجات الطموح تعلو وتنخفض؛ حيث إنها رهن الحالة النفسية للمتعلم، وشعوره بمدى التقدم في تحصيل خبراته، وتمكنه من التعمق في غياباتها، وهذا يجعلنا نتفهم ونستوعب تغيرات الحالة المزاجية التي يمر بها، والتي تستوجب منا تقبلها، وتجنب مزاولة الضغوط بغض النظر عن الأسباب أو الدوافع من وراء ذلك.
والموقف الامتحاني يحتاج من الأسرة أن تهيئ المناخ الذي يسمح بالاستقرار الذهني للمتعلم، وتوفر له مقومات تلبية طموحه المرتقب من دعم لوجستي أو معنوي، وهناك أمرٌ يشكل أهمية بالغة وهو مساعدته في اختيار جماعة الأقران الذي يستلهم من خلالهم مستوى الطموح الموجه لأدائه المرتبطة بعادات استذكاره واستراتيجيات اكتساب الخبرات التعليمية، وهنا نحذر من مغبة تجاهل تأثير جماعة الرفاق السلبية على الفرد إذ ما كان لديها إحباطات تصدرها لمنتسبيها.
ومما لا شك فيه أن الامتحان عاملًا رئيسًا في نماء الشعور بالخوف والإحساس بالتوتر، وإن بدى لنا ظاهريًا أنه غير مبرر؛ فمن الطبيعي أنه موقف مجهول بالنسبة للمتعلم يخشى أن يخفق في أدائه، أو أن تواجهه صعوبة ما، إلى غير ذلك من التوقعات غير السوية، وهذا ما يجعلنا ننحو إلى تقوية الرغبة تجاه تحقيق ما يطمح إليه المتعلم؛ فنحثه على الكفاح من أجل ذلك، ونعزز لديه مقومات التفاؤل، ونرفع من مستوى الإيجابية لديه، ونشعره بقدرته على تحمل المسئولية، وأنه يمتلك المقدرة على إنجاز ما يوكل إليه من مهام، طالما اجتهد وفق مخططه المرن الذي تبناه منذ البداية.
وهناك مسلمات يتوجب أن يدركها المتعلم بواسطة الأسرة والمؤسسة التعليمية على السواء، ومنها أن تحقيق مستوى النجاح المرضي يقوم على جد واجتهاد؛ فليس للحظ فيه من مكان، وأن تحسين المستوى التعليمي والتعمق في الخبرة يقوم على مطالعة مزيد من مصادر التعلم، والاستعانة بأصحاب الخبرة في المجال سواءً معلمين أم أقران فائقين أم من داخل الأسرة ويمتلكون المقدرة على العطاء الأكاديمي، وعلى دراية بمكنونه ومكونه.
وغرس قيمة التنافسية التي تُبنى على المشاركة والتعاون أفضل من الحقد والكراهية؛ فحث المتعلم على مساعدة زملائه إن كان في مقدوره يُسهم في تنمية الخبرة الأكاديمية لديه، ويرسخ في ذهنه أساسيات المادة المتعلمة، ويزيد من ثقته في نفسه، بينما فكرة الاستحواذ بغية الأنانية وحب الذات يورث التباغض والنفور، ولا يساعد المتعلم في تكوين علاقات طيبة وصحية مع أقرانه.
ورغم صعوبة الموقف الامتحاني بالمرحلة الثانوية العامة منها والأزهرية؛ إلا إننا لا نريد أن يترك آثارًا سلبية على أبنائنا قد تمتد لسنوات طوال؛ فينبغي أن يواصلوا جهدهم نحو تحقيق طموحهم بكل ثقة واقتدار، وأن يجتازوا الصعاب ويتحملوا الضغوط؛ فما كان الفشل أو الإخفاق في مرحلة ما تشكل نهاية العالم؛ لكن إدراك نقاط الضعف واستثمار ما لدينا من إيجابيات يسهم قطعًا في استكمال خططنا المستقبلية؛ حيث التفكير الإيجابي نحو استثمار الفرص تجاه إنتاجية تلبي احتياجاتنا المتنوعة.
فدعونا نثابر من أجل تعزيز طموح أبنائنا المقبلين على الامتحانات كي ندفعهم تجاه بذل مزيد العطاء ليتمكنوا من الوصول إلى نجاحات تشعرهم بالسعادة وتنمي لديهم حُب العلم والسعي في طلبه.. ودي ومحبتي للجميع.
حفظ الله أبنائنا ووطننا الغالي وقيادته السياسية الرشيدة أبدَ الدهر.