قبل أيام كان الاحتفال بعيد ميلاد الفنان عادل إمام، الرابع والثمانين، وإن كان عادل إمام لا يحتاج إلى مناسبة للكتابة عنه كواحد من أهم نجوم التمثيل فى تاريخ الفن محليا وعربيا وعالميا، عادل إمام حالة خاصة جدا فى الفن، فقد ظل حتى سنوات قريبة نجم شباك يجذب المنتجين واسمه كان كافيا لتسويق أى فيلم أو مسلسل، بجانب كونه أحد أكثر النجوم بقاءً فى الصورة والنجومية من دون أن يتزحزح عن النجم الأول، وهذا باستحقاق وقدرة على البقاء قادرا على تقديم أدوار متنوعة بالطبع كانت الكوميديا فيها هى الحضور الأهم فى تاريخه.
وكمثل كل الكبار، فقد مر عادل إمام بمراحل متنوعة فى تاريخه الفنى، وتعرض خلال مشواره لانتقادات وهجوم، بعضه كان مبررا كأى نجم، والبعض الآخر كان موجها لتوجهاته أو يطالبه بأن يقدم فنا من نوع ما، لكن على مدى تاريخه ظل قادرا على التجدد والتطور، بجانب بعض الصعود والهبوط الطبيعى فى مسيرة أى فنان، خاصة إذا كان وصل إلى سقف النجومية وبقى فيه سنوات وربما لأكثر من عقدين.
وأتذكر أننى قبل سنوات كنت أكتب فى تجربة صحفية، وكان انتقاد نجم كبير مثل عادل إمام يمثل أحد عناصر الانتشار، وطلب منى أحد الزملاء الكبار أن أكتب عن عادل إمام مهاجما، لكننى اعتذرت عن أى هجوم أو مدح، وتملكتنى رغبة فى تحليل مكان عادل إمام، خاصة أنه كان وقتها فى نهاية التسعينيات من القرن العشرين، والرجل قدم أهم وأكثر أعماله، والتى منها أعمال عظيمة تحتل مكانها بين أهم الأفلام، وأخرى أفلام عادية أو أعمال أعجبت البعض ولم تعجب الآخرين، لكن دراسة عادل إمام ومسيرته تكشف عن أنه بالفعل قدم مع وحيد حامد وشريف عرفة أعمالا تحتل مكانها بين أفضل 100 فيلم مصرى وعربى، وهى أعمال جمعت بين التشويق والصنعة والعمق والجماهيرية، وهى صناعة مشتركة بالتأكيد، خاصة أنها من قلم الأستاذ وحيد حامد أحد أعظم من كتبوا للسينما.
أعمال وحيد حامد وعادل إمام مثلت على مدى ربع قرن علامات مهمة فى تاريخهما وأيضا تاريخ السينما، نحو 10 أفلام أثارت قضايا ورسخت نجومية وزعامة عادل إمام الفنية، منذ «انتخبوا الدكتور سليمان عبدالباسط» عام 1981، ثم «الإنسان يعيش مرة واحدة»، مع يسرا وعلى الشريف وزين العشماوى، ثم «الغول» مع فريد شوقى وصلاح السعدنى ونيللى، الذى كانت نهايته موضوعا لجدل رقابى، وهو من إخراج سمير سيف، ثم «الهلفوت» من إخراج سمير سيف، مع سعيد صالح وصلاح قابيل وإلهام شاهين.
وفى عام 1991 بدأت مرحلة ثلاثى عادل إمام ووحيد حامد وشريف عرفة، فى فيلم «اللعب مع الكبار»، مع حسين فهمى وعايدة رياض ومحمود الجندى، ثم 4 أفلام مهمة هى «الإرهاب والكباب» 1992، و«المنسى» 1993، و«طيور الظلام» 1995، و«النوم فى العسل» 1996، وهى أعمال سلطت الضوء على قضايا مهمة، بجانب المحفوظات والإفيهات التى ظلت تحتل مكانها فى عالم السينما وتاريخ الفن كمقولات خالدة.
وقدم أيضا مع لينين الرملى «الإرهابى»، ثم أعمال بخيت وعديلة والجردل والكنكة، التى أثارت خلافا بين تأييد ورفض، ثم سلسلة كوميدية منها السفارة فى العمارة، قبل أن يتجه إلى التليفزيون فى عدة أعمال، أبقته فى النجومية.
وحتى الأعمال التى قدمها فى الثمانينيات مثل «رمضان فوق البركان» أو «رجب فوق صفيح ساخن»، أو غيرهما، عالجت قضايا مثل توظيف الأموال أو الهجرة لأوروبا، ولا يمكن تجاهل أعماله المسرحية التى بدأت مع مدرسة المشاغبين، وبلغت القمة فى شاهد ماشافش حاجة، ثم الزعيم، وغيرها والتى تظل فى منطقة الاختلاف عما إذا كانت تمثل علامات فى المسرح أم أنها مجرد أعمال للضحك، لكن يبقى الضحك والكوميديا علامات مهمة فى تاريخ عادل إمام، الذى أصر فى التسعينيات عندما انتشرت جماعات الجنازير فى الجامعات أن يعرض مسرحية شاهد ماشافش حاجة فى أسيوط، لكنه بقى فى مساحة الفن، وإن كان ينتمى لجيل عرف عنه ارتباطه بالثقافة والقراءة ومعاصرة كبار الأدباء والكتاب والمفكرين، وبدا جيلا محظوظا بما عاشه، لكن يبقى أن عادل إمام يحتل مكانته فى سجل كبار النجوم، مع معاصريه مثل نور الشريف وصلاح السعدنى وأحمد زكى ويحيى الفخرانى ومحمود عبدالعزيز، الذين عاصروا كتابا كبارا ومساحات ثقافية ثرية، ويبقى عادل إمام فنانا موهوبا عابرا للأجيال.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة