لا يتوانى الإعلام الإسرائيلى الموجه سواء فى تل أبيب أو الولايات المتحدة الأمريكية فى ترديد الأكاذيب حول دور الدولة المصرية تجاه القضية الفلسطينية، فى محاولة لتبرير الإخفاقات والفشل الذريع لجيش الاحتلال الإسرائيلى فى أحداث السابع من أكتوبر، حيث ثبت بالدليل القاطع أنه "جيش من ورق" وغير قادر على حماس المستوطنين المحتلين للأراضى الفلسطينية منذ عام 1948.
وتعد مصر أحد أبرز الدول الداعمة للسلام والاستقرار وعملت خلال الفترة الماضية على نزع فتيل الأزمة، وعملت منذ اللحظة الأولى لصالح التخفيف عن الشعب الفلسطينى وهو شرف لا نخفيه أبدا مع استمرار جرائم الإبادة الجماعية التى ترتكبها حكومة المتطرفين بقيادة بنيامين نتنياهو.
عملت مصر على مدار الأشهر الماضية على فتح معبر رفح البرى على مدار الساعة بتوجيهات من الرئيس عبد الفتاح السيسى، وفرضت إرادتها بإدخال المساعدات الإنسانية إلى غزة رغم التعنت الإسرائيلى، فضلا عن دورها البارز فى إنجاز صفقة جزئية لتبادل الأسرى بين الفصائل والجانب الإسرائيلى، مع تكثيف تحركاتها السياسية والدبلوماسية دعما لحقوق الشعب الفلسطينى المشروعة.
كان للدولة المصرية دور بارز وكبير فى إنجاز تهدئة بين الفصائل والجانب الإسرائيلى خلال الحروب الماضية، وهو الدور الذى أشادته به الدول الفاعلة والمعنية بالملف الفلسطينى خاصة الولايات المتحدة ودول الاتحاد الأوروبى التى أكدت على أهمية ومحورية الدور المصرى فى إرساء الأمن والاستقرار فى المنطقة، ورغم المراوغة الإسرائيلية إلا أن "دبلوماسية الصبر" المصرية نجحت فى إنجاز هدن عدة خلال الأعوام الماضية.
تابعت خلال الساعات الماضية مقال للكاتبة الإسرائيلية الصهيونية كارولين جليك التى تعيش فى الولايات المتحدة وتحمل جنسيتها، مقالا يستهدف تشويه دور الدولة المصرية بترويج مزاعم بانتهاك مصر للقانون الدولى دون تقديم أى دلائل أو قرائن على أكاذيبها، وتغافلت الكاتبة التى تنتمى لليمين الإسرائيلى جرائم إسرائيل فى قطاع غزة من استهداف المدنيين، وقصف المستشفيات ومدارس الأونروا، وممارسة حكومة المتطرفين بقيادة نتنياهو أبشع الجرائم بتجويع أبناء الشعب الفلسطينى ومنع وصول المساعدات الإنسانية، فضلا عن احتجاز جثامين مئات الأسرى الفلسطينيين وسرقة الأعضاء البشرية والجلود من جثامين أبناء الشعب الفلسطيني.
الكاتبة الصهيونية كارولين جليك تمارس التضليل بنشر معلومات دون الاستناد إلى الحقائق والمنطق، وهدفها هى والصحفيين الإسرائيليين الذين يعملون ضمن رؤية حكومة نتنياهو هو تبرير فشلهم الذريع والكامل فى أحداث السابع من أكتوبر، وتحاول الخلط بين دور مصر الداعم لأبناء الشعب الفلسطينى ودورها المهم فى الوساطة للوصول إلى تهدئة، فالدعم المصرى يكون للشعب الفلسطينى بشكل عام وليس لحزب أو فصيل أو مكون سياسي.
وتستخدم إسرائيل إعلامها بشكل مكثف خلال العدوان الحالى على غزة من أجل توجيه رسائل غير مباشرة إلى مختلف القوى المختلفة، فضلا عن محاولتهم تجميل وجه إسرائيل القبيح الذى بات منبوذا من دول العالم حيث ترتكب إسرائيل "هولوكوست جديد" ضد المدنيين الفلسطينيين العزل، فى ظل حكومة متعطشة للدماء ولا تؤمن بالسلام وترفض منح الفلسطينيين حقوقهم فى إقامة دولتهم المستقلة على حدود 4 يونيو عام 1967.
ونجحت مصر خلال السنوات الماضية فى ضبط حدودها المشتركة بشكل كامل مع دول الجوار خاصة مع قطاع غزة، وذلك بتدمير مئات الأنفاق ووضع استراتيجية مكنت الحكومة المصرية من القضاء على المتطرفين فى سيناء، ووقف كافة عمليات التهريب واللجوء إلى التنمية المستدامة بتخصيص مليارات الدولارات، وذلك ضمن رؤية القيادة السياسية بمحاربة التطرف والإرهاب بالتنمية والبناء فى كافة ربوع الوطن.
الغريب أن الصحفيين الإسرائيليين يتجاهلون بشكل متعمد ما أكدته قيادات عسكرية إسرائيلية ووسائل إعلامهم نفسها بأن الفصائل الفلسطينية نجحت فى تصنيع سلاحها المحلى، فضلا عن تمكنها من السيطرة على مخازن الأسلحة الإسرائيلية المتخمة بالسلاح والصواريخ خلال أحداث السابع من أكتوبر، حيث نقلت عناصر من الفصائل كميات كبيرة من الأسلحة إلى داخل غزة، بالإضافة إلى عمليات تهريب الأسلحة المستمرة من إسرائيل للفصائل الفلسطينية حيث يتورط قادة وضباط إسرائيليين فى تهريب أسلحة بملايين الدولارات إلى قطاع غزة، وتقوم حكومة تل أبيب بالتحقيق مع هؤلاء العسكريين الإسرائيليين حتى الآن.
الإسرائيليون لا يدركون حقيقة هامة للغاية وهى أن الجندى الإسرائيلى لا يمتلك العقيدة القتالية للحفاظ على المناطق التى تحتلها تل أبيب لأنه يدرك تماما أن هذه الأرض ليست ملكه وإنما هى أراضى تم احتلالها بالقوة فى عام 1948، لذا مهما تم تسليح جيش الاحتلال بأحدث ترسانة للأسلحة فلن يتمكن المقاتلين من الحفاظ على ما يسمى "أمن إسرائيل"، وتبقى عقيدة القتال لدى الفصائل الفلسطينية هى الأفضل لإيمانهم بحقهم فى استعادة أرضهم من المحتل الإسرائيلى بالقوة والكفاح المسلح.
المشهد الحالى المضطرب فى الإقليم تتحمل تداعياته الولايات المتحدة الأمريكية التى تحتكر تسوية القضية الفلسطينية فى الشرق الأوسط، وتسببت السياسات الأمريكية سواء فى وزارة الخارجية أو البيت الأبيض فى اتساع رقعة الصراع والاقتتال فى الإقليم، وهو ما يؤكد أن السياسة الأمريكية يقودها عدد من المراهقين الذين لا يدركون تبعات ما يحدث فى منطقة الشرق الأوسط.
على الولايات المتحدة الأمريكية ودولة الاحتلال الإسرائيلى أن يدركا جيدا بأن دول المنطقة الذين يعانون من حالة عدم الاستقرار نتيجة التدخلات الخارجية لن يقبلوا بفرض واقع سياسى وعسكرى جديد فى الإقليم خاصة داخل فلسطين، ويتمسكون بضرورة منح الشعب الفلسطينى حقه فى إقامة الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس الشرقية، وستبقى الدولة المصرية على ثوابتها الوطنية والتاريخية فى دعم الفلسطينيين للحصول على حقوقهم بتفعيل حل الدولتين وإرساء حالة الاستقرار فى الإقليم.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة